مقابلة خاصة مع الدكتورة صالحة افريدي: كسرت الخجل المتعلّق بالصحة النفسية

نساء ناجحات في شتّى المجالات، نحاورهنّ للتعرّف عليهنّ عن قرب وعلى مسيرتهن، تجاربهن وإنجازاتهن، ليكنّ مصدر إلهام ودعم لكلّ النساء. في هذا العدد، حاورنا الدكتورة Saliha Afridi اختصاصيّة علم النفس السريريّ ومؤسّسة عيادة The LightHouse Arabia في دبي.

مقابلة خاصة مع الكاتبة نجوى ذبيان

هل واجهتِ تمييزاً على أساس الجنس خلال مسيرتكِ المهنيّة؟

حصل ذلك معي عندما انتقلت إلى الإمارات قبل 14 عاماً، وأردت أن أبدأ العمل. لم يأخذني معظم الأشخاص الذين تحدّثت معهم آنذاك على محمل الجد، وأعتقد أن السبب كان في كوني امرأة وفي سنّ صغير أيضاً.

ما المخاطرة الأهمّ التي قمتِ بها في مجال العمل؟

كان ذلك عند إطلاق The LightHouse Arabia في الإمارات العربيّة المتّحدة. لم يكن هناك من وعي حول الصحّة النفسيّة، بل كان هناك خجل من التحدّث في الموضوع. حينها، كان عندي 3 أطفال وكنت سأنفق كلّ مدخراتي على هذا المشروع، فيما لم يكن لديّ مصدر دخل آخر. شكّلت هذه الخطوة مخاطرة حقيقيّة وبدت لي مرعبة فعلاً، كما أنّي التقيت في ذاك الوقت أشخاصاً أساؤوا إليّ...كنت في سن صغير وأتيت حديثاً إلى البلد. كان ذلك أشبه بالتنمّر، وكانت مرحلة مظلمة في حياتي المهنيّة، ومن هذه الظلمة ولد The LightHouse.

مقابلة خاصة مع الدكتورة صالحة افريدي: كسرت الخجل المتعلّق بالصحة النفسية

كيف تتعاملين مع التشكيك بالذات؟

- أقرّ به ولا أنكره. يمكن أن تكون للشكّ أهميّة كبرى، شرط التنبّه إلى الرسالة من وراء ذلك، بدلاً من الشعور بالارتباك.

- أتشاور مع المستشارين في حياتي، وهم أصدقاء وأفراد من العائلة وزملاء. لا يمكنني أن أعرف كلّ شيء، لذلك في محيطي أشخاص يوجّهونني. حتى أنّي لا أجد مشكلة في الاستعانة بالخبراء لاستشارتهم بشأن أمور لست واثقة منها.

- إذا كان التشكيك يتعلّق بمهارات تخصّني، أخصّص الوقت والمال لأطوّر هذه المهارات.

- أتمتع بمهارات جيّدة في تهدئة الذات والتنظيم الذاتيّ، وقد طوّرتها مع مرور السنوات.

في ظلّ انشغالاتكِ الدائمة بأمور الصحّة النفسيّة، كيف تحافظين شخصيّاً على صحّتكِ النفسيّة؟

تعلّمت أن أضع العناية بذاتي ضمن جدول يومياتيّ، سواء كانت ممارسة الرياضة، التأمّل أو تمضية الوقت مع أفراد العائلة أو بمفردي أحياناً. لا أضع هذه الأمور المهمّة جانباً لأقوم بها عندما تسنح الفرصة، كما تعلّمت أن أقول "لا"، لكن الأصعب، هو أنّي غالباً ما أقول لا لفرص أودّ فعلاً أن أستمتع وأفخر بها، إلّا أنّني أسأل نفسي:"إذا قلت نعم لهذه الأمور، ما الذي قد أرفضه؟" إذا كانت الإجابة منطقيّة، أمضي قدماً وأقوم بذلك.

مقابلة خاصة مع الدكتورة صالحة افريدي: كسرت الخجل المتعلّق بالصحة النفسية

ما نصيحتكِ للجيل القادم من النساء الرائدات؟

- خذي بنصيحة أشخاص مختصّين وموثوق بهم في المجال الذي تبحثين عن المشورة فيه.

- النصيحة ليست إلّا "نصيحة". استمعي إليها، لكن في الوقت نفسه استشيري ذاتكِ.

- يجب التواصل مع الروح. تحصل أمور كثيرة قد تسبّب لكِ الإرباك والتشويش وتبعدك عن المسار الطبيعيّ. فلتكن لكِ ممارسات صحيّة، لتبقي على تواصل مع روحكِ، جسمكِ وقلبكِ. عندذاك فقط يمكنكِ أن تثقي بنفسكِ والاعتماد على ذاتكِ.

ما الأنماط التي لاحظتِها في السنوات الأخيرة حول المرأة في العمل؟ وبرأيكِ، ما الأمور التي يمكن أن تقوم بها بشكل أفضل لتتقدّم في حياتها المهنيّة؟

لدى المرأة الكثير من التطلّعات غير الواقعيّة، ما يزيد من الضغوط على نفسها، منها ما يضعها الآخرون عليها، كالأسرة، المجتمع والزملاء في العمل أيضاً... كما أنّ ثمّة عوائق عديدة داخليّة وخارجيّة، كالوصاية الأبويّة، الصورة النمطيّة الجندريّة، أحكام نساء أخريات ودورها كأمّ عاملة. هي تقارن نفسها دوماً بغيرها من النساء وتعاني من الإحساس بالذنب والخجل، فتسعى إلى بلوغ الكمال وإرضاء جميع من حولها وتشعر بانعدام الأمان والثقة بالنفس. لذلك أنصحها:

- اعرفي نفسكِ جيّداً، لأنّ الناس من حولكِ سيوجّهون إليكِ كلّ الرسائل الممكنة حول ما يجب أن تكوني عليه. يكفي أن تعرفي ما أنتِ عليه وما القيم التي لديكِ حتى تحقّقي النجاح.

- احرصي على إيجاد مستشارين يكونون حلفاء لكِ في مسيرتكِ المهنيّة.

- استمرّي في التعلّم وفي بناء قدراتكِ في هذا العالم المتغيّر سريعاً.

ما حكمتكِ في الحياة؟

"تذكّري من أنت"، نحن أكثر من مجرّد إنجازات، وأكثر من مجرد مشاكل! نحن روح، قلب ونفس، فهذا أهمّ بكثير ممّا يمكن تصوّره.

مقابلة خاصة مع الدكتورة صالحة افريدي: كسرت الخجل المتعلّق بالصحة النفسية

عدّدي إنجازاتك بدءً من تلك الأكثر أهميّة.

بالنسبة لي، الإنجازات أمور شخصية ومهنية أفخر بها، واللّائحة تطول، لكنّي قد أعدد القليل منها:

- حصولي على دكتوراه أثناء تأسيس عائلة. فكان عندي آنذاك 3 أطفال دون سنّ الـ 4 سنوات. وقد حقّقت ذلك في سرعة قياسيّة، فيما أكّد لي الجميع أنّ ذلك غير ممكن.

- تربية 4 أطفال يشعرون بالسعادة، وأعمارهم 13،15،17 و7 سنوات. حضرت حفلاتهم في المدرسة وأنشطتهم الرياضيّة. اخترت أن أكون حاضرة في المناسبات التي عنيت لهم الكثير وقد استطعت أن أحقّق ذلك.

- إقامة علاقة صحيّة مع أهلي وأشقّائي.

- حرصي على علاقتي الزوجيّة، على الرغم من انشغالنا الدائم.

- تأسيس The LightHouse Arabia ، بالرغم من محاولة إحباطي بإقناعي أنّها فكرة سيّئة، وإطلاقي الفرع الثاني بعد 11 سنة.

- تطوير The LightHouse حتى أصبح أحد أكبر وأشهر المراكز في مجال الصحّة النفسيّة في المنطقة.

- توظيف وتدريب فريق من الاختصاصيّين يخصّصون وقتهم مجّاناً بهدف نشر الوعي في المنطقة حول الصحّة النفسيّة.

- العمل مع أصدقاء وزملاء يشاركونني الرؤية نفسها، فسنتمتع سويّة في رحلتنا هذه.

- العمل بلا كلل، بذل جهود مضنية وتخصيص آلاف الساعات في السنوات الماضية لتغيير النظرة وطريقة التعاطي مع الصحّة النفسيّة.

- الحصول عل ثقة العديد من الشركات، المدارس والمؤسّسات الحكوميّة، لنكون شركاء في هذا المجال.

- إحضار Mental Health First Aid المعروفة عالميّاً إلى الإمارات العربيّة المتّحدة.

- تأسيس أحد أكبر الحسابات على وسائل التواصل الاجتماعيّ للاختصاصيّين في المنطقة، حائز على رخصة في المنطقة لنشر الوعي حول الصحّة النفسيّة، كما حصلت على مكافآت وترشيحات خلال السنوات الماضية. هذا، إضافة إلى المقالات التي كتبتها وقد نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعيّ وفي عدّة مطبوعات.