مع بداية العام الجديد ووسط انشغالات العمل وإيقاع الحياة السريع، كان لا بدّ من وقتٍ مستقطع لتجديد طاقة جسمي التي بدأتُ أحسّ بنفاذها. وجهتي؟ منتجع فندق Four Seasons في بيروت. بين يديّ مدلّكتي التايلانديّة "أنجي" وعلى بساطٍ شرق أوسطيّ، عدت 7000 عاماً إلى الوراء، إلى واحدة من أقدم المدن في العالم، بيبلوس.
Take Me To Byblos هو اسم العلاج الذي اخترته. سرّه يكمن في الموادّ التي كان يستخدمها بحّارة مدينة جبيل منذ القدم. بدأت رحلتي باستقبالٍ يجسّد حسن الضيافة اللبنانيّة ويحضّر لجلسة ستمتدّ حواليّ 90 دقيقة. ملأتُ الاستمارة الخاصّة بحالتي الصحيّة وبما يحتاج إليه جسمي ليكون في أوج راحته، وتوجّهت إلى حيث سأستسلم لحواسي.
في البداية تدليكٌ لقدميّ باستخدام زبدة الشيا والشاي الأخضر في وعاءٍ نحاسيّ يحتوي على المياه الساخنة. خطوةٌ تقليديّة تُستخدم في كلّ علاجات المنتجع. الآن حان وقت جلسة التقشير بالملح واللّيمون الحامض، وهما مكوّنان أساسيّان في الروتين الجماليّ للمرأة اللبنانيّة القديمة.
بعد التقشير الذي قضى على جفاف بشرتي، حان وقت التدليك. كأمواج البحر الأبيض المتوسّط، انسابت أنامل مدلّكتي على كلّ جزءٍ من جسمي، وحرصت على التركيز على المناطق التي تكثر فيها آلامي. انطلقت جلسة التدليك من قدميّ، فشعرت للمرّة الأولى بألمٍ كبير وعلمت حينها كم كنت بحاجة لاهتمام خاصّ! ثمّ سكبت الخبيرة زيت الزيتون الساخن، وهو مكوّن تشتهر به الصناعة اللبنانيّة، يغذّي البشرة ويمنحها ترطيباً فائقاً. فيما بعد، غمرت قدميّ منشفتان ساخنتان جدّاً لتتشّرب بشرتي كلّ منافع الزيت، فشعرت براحة فائقة.
من أخمص قدميّ حتى رأسي، صبّت مدلّكتي جميع مهاراتها في خدمة راحتي الجسديّة والنفسيّة، فعشت تجربة لا مثيل لها! بعد انتهاء الجلسة نصحتني بأن أكمل نهاري من دون إزالة زيت التدليك الذي تحتاج إليه بشرتي الجافّة، كما قدّمت لي فنجان شاي مع الزنجبيل، وهي على دراية تامّة بأنّه الأنسب لآلام المعدة التي أعاني منها.
ملاحظة: مدينة جبيل اللبنانيّة أو بيبلوس هي من أقدم المدن في العالم، تقع على البحر الأبيض المتوسّط وتعتبر من أشهر المواقع الأثريّة. تميّز سكّانها بالتجارة، بصناعة السفن الفينيقيّة والفخّار. صنّفتها منظّمة السياحة العالميّة كأفضل مدينة سياحيّة عربيّة في العام 2013.