في حين أننا لم نتوقّع أن نتفاجأ بما سيقدّمه وثائقي It’s Ok، فعلاقة فريق جمالكِ وطيدة جداً مع الصديقة اليسا، ونعلم تماماً بعد سلسلة طويلة من التعاونات كم هي امرأة ملهمة، ذكيّة وقويّة، إلا أننا وجدنا أنفسنا في حالة دهشة كبيرة وكأننا نتعرّف إلى اليسا للمرّة الأولى! فما حال مَن لا يعرفها شخصياً؟! نحن نجزم ونؤكّد أن هذا العمل استطاع أن يحرّك شيئاً ولو بسيطاً في كل مشاهد، شعرَ أنّه معنيّ بشكل أو بآخر بجانبِ من حياة اليسا. هذا الوثائقي تمكّن من منح إليسا لقباً جديداً، ربما أقوى وأهمّ من ديفا، ألا وهو Everyone’s Best Friend!
تحوّلت اليسا بفضل وثائقي It’s Ok الذي يعرض على منصّة نتفليكس، من النجمة الديفا، الصعبة المنال، صاحبة الهالة الغامضة، إلى صديقة مقرّبة من كل مشاهد، وكأنها رفيقة الأيام والذكريات التي يسهل الوثوق بها. بكينا، حزنّا، ضحكنا، تأثّرنا وتفاعلنا مع كل محطّة من محطّات حياة اليسا التي شاركتها مع المشاهدين بشفافيّة غير اعتياديّة، شفافيّة غائبة لدى الكثير من المشاهير.
صادقة جداً اليسا في هذا العمل، لم تختبئ في طيّات الماضي ولم تخجل من هفواتها. صراحتها كانت أهمّ عنصرٍ ارتكز عليه الوثاقيّ ليقرّبها من كل مشاهد وخصوصاً من كلّ امرأة. برهنت بسلاسة مطلقة وحنكة بارزة أنّها تشبه كلّ سيّدة. هي الطفلة التي تربطها بوالدها علاقة حبَ غير مشروط، هي الفتاة التي لم تنسَ فضل مربيّاتها وتحنّ إلى ذكريات أيّام الدراسة الحلوة والمرّة، هي العاشقة التي خذلها الحبيب ولكن لم تفقد إيمانها بالحبّ، هي المحاربة التي أبت أن يهزمها المرض، هي الأمّ صاحبة القلب الكبير، هي الصديقة الصدوقة، هي المرأة التي تؤمن بأن حبّ العائلة والوطن هو أسمى أنواع الحبّ.
جريئة جداً اليسا في هذا العمل، طارحة مواضيع شائكة، قد يهرب الكثير من التكلّم عنها ظناً منه أن هكذا تكون الطريق الآمنة، لكن اليسا اختارت طريقاً واضحاً غير ملتويٍ وبأسلوب إخباريّ ذكيّ. عن العلاقات السامة، عن الصحة النفسيّة، عن الاستمتاع بملذات الحياة (الأكل، التسوّق، المال، السفر...)، عن الأمومة وعدم الإنجاب، عن التنمّر ووحشيّة الكارهين، عن الإدمان على عمليات التجميل، وعن المجتمع الذكوريّ... مواضيع نزعت عنها اليسا الأشواك لتلمس الفكر والروح من دون استئذان.
هذا الوثائقيّ متقن بكلّ جوانبه الانتاجيّة. 3 أجزاء بُنيت على قصّة سرديّة وإيقاع مترابط وطبيعيّ. نهاية كلّ جزء أتت مشوّقة وهذه كانت خطوة ناجحة بالفعل. المشهديّة والعناصر الصوتيّة نقلت هذا العمل إلى مستوى احترافيّ عالِ جداً، وأحدثت تناغماً بين واقعيّة الأعمال الوثائقيّة والحرفيّة السينمائيّة العبقريّة. جماليّة الصورة أخاذة، وقدّمت توازناً مثالياً بين المادة الخام والأسلوب الأصيل، ما رفع من جودة الإنتاج. التصوير السينمائي مدهش، وكل إطار مدروس بعناية ومقدّم بطريقة رائعة ليقدّم الدعم اللازم في سرد القصّة. الدقّة والسلاسة في الانتقال من مشهد إلى آخر، من حالةٍ إلى أخرى، ومن موضوع إلى آخر أكّدت أيضاً على المهارات التصويريّة. أما الموسيقى والمؤثرات الصوتية فاستطاعت بكلّ نجاح أن ترافق رحلة اليسا في الأجزاء الثلاث داعماً إياها بكلّ لحظاتها السعيدة والحزينة.
It's Ok يشكّل سيرة ذاتية وثائقيّة على كلّ محبّ لهذا النوع الأعمال الفنيّة مشاهدتها، فهو لذّة للعين، الأذن والروح. أمّا الأهم، فهذا العمل يشكّل محطّة استثنائيّة وانتقاليّة في مسيرة اليسا المهنيّة والشخصيّة. هو ليس النهاية أبداً، إنما هو انعكاس لبداية فصل من عمر اليسا، باتت فيه محصّنة من كلّ المصاعب، محاطة بالأحباء الحقيقيين، مغمورة بالرضا وجاهزة لاستكمال المحاربة لحقّها. وكما قالت في النهاية: "It’s Ok, but when it’s not ok, it’s not the end"!