مقابلة خاصة مع درة زروق، نجمة غلاف مجلة جمالكِ لعدد ابريل 2023... إمرأة لا يحدّها إطار

طاقة إيجابيّة رافقت دخولها إلى الاستديو، رغم أن درّة لم تبذل أي جهد للتعبير عن سعادتها أو مزاجها الجيّد. باحتراف وعمليّة اتبعت التعليمات، لتعكس ليس فقط جمالها الناضج في جلسة تصوير ناجحة، إنّما نضجاً واتزاناً وصفات أخرى اكتشفناها في حوار لامس الروح، وعرّفنا عن قرب على شخصيّة الفنانة درّة. منذ بدء المقابلة كان واضحاً أنني أحاور أمرأة ذكيّة جداً، لكنّها لا تظهر ذلك ولا تتباهى به. شفّافة، جريئة وليس لديها ما تخفيه ...لا شيء يمنعها من قول ما تريده. قدماها على الأرض دائماً رغم النجاحات المستمرة فالنجاح بالنسبة سريع الزوال... هل كل هذا سبب القبول الذي تلقاه نجمة عددنا، أم أنّ هناك أسراراً أخرى؟

حوار: سوزان نوار - كتابة: رولا الخوري

أنا بخير...أقول دائماً الحمد لله سواء كنت في أفضل حالاتي أو لا، أنظر دائماً إلى الجانب الإيجابيّ، فصحّتي جيّدة، لديّ عمل وأهل وأصدقاء يحبّونني ...عندما أكون حزينة يدرك أصدقائي المقرّبين ذلك من أدائي لكلمة الحمدالله نبرة صوتي تتغيّر، فقولها بحزن يختلف عن قولها بفرح، لكن أحمده بكل الأحوال... أنا الآن بحال جيدة فعلاً.

أتمتّع بثقة بالنفس، لكنّني لا أحبّ التباهي بما أقوم به. بعض الأشخاص يتباهون بشكل زائد، ويقنعون من حولهم بنجاحاتهم في الوقت الذي لم يحققوا فيه فعلاً أمراً مستحقّاً. أنا لا اظهر إلاّ الحقيقة من دون مبالغة، أخجل من أن استعرض ما أملكه أو ما أحققه. أدرك جيّداً أنني ناجحة، لكن لا أشعر أنني وصلت لما أريده. أريد دائماً المزيد من الإنجازات، أريد أن أكون أفضل مما أنا عليه. أتمتّع بالذكاء، لكنني مدركة أن ذكائي قد يخونني في بعض المواقف، أعبّر بشكل تلقائيّ أحياناً وتكون النتيجة سلبيّة، أيّ أنني لا اتمتّع بالذكاء الذي يدفعني لقول ما يخدم مصلحتي دائماً.

منذ طفولتي تربيت على أن أبقي قدميّ على الأرض، لم يختلف الأمر، ولم تختلف المعاملة مع أهلي وأصدقائي بعد أن أصبحت نجمة مشهورة. لا أفتعل ذلك ابداً، إنّه جزء من شخصيّتي. لكن ذلك لا يلغي بعض اللحظات التي أشعر بها كأميرة، مثلاً على السجادة الحمراء، كما أنني أقول برافو لنفسي أحياناً، فهي تستحقّ ذلك. على كل شخص أن يهنئ نفسه على إنجازاته، لا يجب أن نقسو على ذواتنا دائماً... صرّح Robert De Niro في إحدى مقابلاته أن الصفة الأهم هي أن يبقي الفنان قدميه على الأرض، وهذا ما استنتجه بعد خبرة طويلة ورؤية العديد من النجوم يلمعون وينطفئون. النجاح سريع الزوال قد تكونين على رأس القمة في يوم وفي القاع في يوم آخر، والعكس صحيح.

حياتي مليئة بالمعاناة النفسيّة، لكنني لست من الأشخاص الذين يشتكون أو يتحدّثون عن هذه المواضيع سوى للمقرّبين منيّ. أفضّل أن أبثّ الطاقة الإيجابيّة من حولي. كما أرفض أن أكون ضحيّة ظروف معيّنة، سواء كانت مرتبطة بالطفولة، العائلة، الأحلام التي لم تتحقق، الموت، الإحباطات المختلفة... أتخطاها كلّها حتى لو بقيت أثارها في داخلي. قد لا تظهر، لكنّها جزء لا يتجزّأ منّي. تدركين دائماً مدى قوّتك عندما تواجهين ظرفاً لا يسمح لكِ إلا أن تكوني قويّة.

ما من إمرأة ضعيفة. كل امرأة قويّة حتى الأكثر ضعفاً، فتلك التي تسكت هي قويّة أيضاً لتتحمّل الظلم، التي تطالب بحقّها قويّة. قد لا تدرك بعض النساء مدى قوّتهن، لكن ضعيهن في اختبار وستتفاجئين بقوّة وقدرة لم تكن في الحسبان. مجتمعاتنا العربيّة ليست سهلة على المرأة لتفرض فيها نفسها وتحقق النجاح وتفرض احترامها، إلا أنّها قادرة على ذلك. المرأة كائن قويّ جدّاً يكفيها أنّها أمّ!

أضعف عندما أشعر بالظلم. من أكثر الأحاسيس التي أبغضها، يرافقه إحساس بالإحباط. أخرج نفسي بنفسي من هذه الحالة ولا أستسلم لها بتاتاً، ليس لديّ رفاهية أن استمر في هذه الحالة لأيام وأيام، أكمل حياتي حتى لو بقي الاكتئاب في داخلي لفترة.

أخاف من المرض، ليس أيّ مرض بل ذلك الذي يجعلني عاجزة ومتّكلة على الآخر، لا أخاف التقدّم في السن على أن تبقى صحّتي جيّدة. ما يخيفني أيضاً، النّاس، أستغرب كيف أن بعض البشر مجبولون بالشرّ، هم يخيفونني أكثر من المجهول!

الصحة، النجاح والحبّ.

الصفة المشتركة هي الطيبة. من الصعب أن يقول الإنسان عن نفسه هذا ولكنني فعلاً طيّبة. نهلا قويّة وتدافع عن كرامتها، من الممكن أن تضحي بالحبّ حفاظاً على مبادئها. شخصيتها متسامحة جداً ومتقبّلة للآخر... أنا معجبة بهذه الشخصيّة.

أتفهّم الشخصيّة التي أودّيها وأدافع عنها. من السهل ان أدافع عن شخصيّة إيجابيّة كنهلا، لكنني أيضاً أتفهّم الشخصيّات الشريرة التي أؤديها. يجب ان احبّ الشخصيّة لأؤدّيها، أحببت شخصيّة فتاة الليل دلال في سجن النسا، تفهّمت ظروفها ومآساتها رغم عدم تقبل المجتمع لها وعدم تقبلّي أيضاً، ففي بعض الأحيان كنت أفكّر أنّه كان من الممكن الّا تختار هذا الطريق. مهما كانت الشخصيّة بعيدة عنكِ عندما تحبّينها تستمتعين بتأدية الدور. في الحرملك أديّت دور الشريرة واستمتعت بقوّتها وجبروتها.

لم أكن أعرف في مرحلة الطفولة المبكرة ما كنت أريده. كان لي عالمي الخاص مع الدمى، ابتكر القصص وأعيشها معهم. في مرحلة لاحقة أدركت كم أن عالم الفنّ يسحرني، عشقت المسلسلات والأفلام والمسرح كان كل ذلك يجذبني بشكل كبير، عرفت أن هذا هو المكان الذي أريد ان أكون فيه.

درستها إرضاء لأهلي، أرادوا أن أختار تخصّصاً تقليديّاً مضموناً، فاتجهت إلى الحقوق وبعدها العلوم السياسيّة التي أحببتهاً ونجحت فيها. لكنّني كنت أعرف أنني سأصبح ممثلة وفعلاً بدأت التمثيل وأنا في الجامعة.

قد يكون ذلك صحيحاً في بعض الأحيان، إلاّ أنني لا أربط ذلك برجل أو امرأة، أربطه بأشخاص حقودين ينسبون النجاح إلى الحظ ليرضوا أنفسهم. كل امرأة ناجحة تستحق النجاح، فهي لا بدّ اجتهدت وسعت للوصول إليه، أرفض أن يقلّل من قدر النجاح.

أخاف نعم، لكنّني لست متأكدة مما إذا كنت سأبقى في مجال التمثيل عندما أكبر في السن، قد أبتعد في عمر معين وأترك ذكرى جميلة وصورة شابة عنّي، أو العكس. هناك ممثلات كبرن وحافظن على مكانتهن واستمررن في عملهن، أتمنى أن أكون مثلهن. طبعاً سأبقى إذا كان هناك ما أقدّمه ويليق بي ويحافظ على مكانتي.

هي الحياة بذاتها. فيها الأيام الحلوة وفيها الأيام الصعبة. تخطي المشاكل والصعاب في الحياة الزوجيّة يقوّي العلاقة، نفهم أخطاءنا، نصحّحها ونتجاوزها، هذا مهمّ جدّاً في العلاقة. كما أن الحبّ هو الأساس، فلدى كلّ منّا شخصيّته، عمله، اهتماماته وكيانه، لكّننا ثنائيّ وشريكين في الوقت نفسه. لا الانصهار بالآخر صحيّ في العلاقة الزوجيّة ولا الاستقلال التام كأن الشريك غير موجود، التوازن هو الأساس.

لا أعلم، ربّما ما زال الوقت مبكرأً لأجيب على هذا السؤال! الحبّ لا ينتهي مع الوقت، إنّما يتحوّل ويأخذ أشكالاً أخرى، يصبح حقيقيّاً أكثر. إذا انتهى الحبّ فعلاً، تنتهي معه الحياة الزوجيّة.

طبعاً، الزواج من امرأة حقّقت نفسها، خاصّة إذا كانت مشهورة صعب. الشهرة حمل على الشخص نفسه، فما بالك بالزوج! مهما كان ناجحاً، يكون الرجل مرتاحاً أكثر إذا لم تكن شريكته تحت الأضواء. بالرغم من صعوبة الأمر، فزوجي متفهم ويدعمني في عملي.

الأمر بيد الله، إذا أراد ستكبر العائلة، في كل الأحوال، الحمدلله على كل شيء.

زوجي يمتلك صفات رائعة، لكن ما دفعني للزواج به هو الحبّ. قد يمتلك شخصاً ما صفات جيدة إنّما ذلك ليس سبباً للزواج. لم أفكر بالمواصفات المناسبة لي، اخترته بقلبي وليس بعقلي.

عدم الاحترام، انتهاء الحبّ وانعدام الثقة، هذه هي الأمور الأساسيّة التي تنهي الحياة الزوجيّة.

كلاهما يحتاجان إلى مجهود وتوفيق من الله بالتأكيد. قد تساعد الظروف في بعض الأحيان وقد تعاكس سواء في الزواج أو العمل، لذا كلاهما يتمتّعان بالصعوبة عينها.

زوجي، هو السند لي، ووالدي رحمه الله. اليوم، زوجي هو أكثر شخص يؤثر في حياتي، هو الأب والزوج والصديق.

أبداً، أرى العكس، أمر جميل أن أنشر صوري الحقيقية فأنا لا أتخطّى الحدود الطبيعية ولا أتباهى. أحب الجمال والأزياء فلما لا أظهرها. في التمثيل أؤدي الكثير من الأدوار من دون مكياج لذا، ليس هناك أمر لأخبّئه، لكن المشكلة الحقيقية في مواقع التواصل الاجتماعية، هي أنها تبرز جزءاً من الحياة، وكأنها تلخص جوانب الحياة كافة، فيبني المتابع تقييمه على هذا الأساس، مما قد يسبب له الاحباط. علينا أن نتمّتع بالرضا تجاه الذات، فقد أنشر صورة جميلة لي وفي اليوم السابق أكون في حالة سيئة. كثر يحكمون علينا بطريقة سطحيّة ... للأسف السوشيل ميديا عالم قاسي!

مع مرور الوقت، تصبحين محصّنة بشكل أكبر، وتدركين أن النجاح هو مصدر ازعاج لبعض الناس. من المهم جداً بالنسبة لي أن أقدّم محتوى يلاقي إعجاب الناس، وأفرح عندما يحبون ما أقدمّه، لكن في حال عدم إعجاب البعض بعملي، فهذا لا يزعجني. الأهمّ هو تعبير كل شخص عن رأيه بلطف، من دون التفوّه بكلمات جارحة. قد أتأثّر بكلام الناس أحياناً، لكنني تعلّمت أن أتخطاها، حتى أنني أشعر أحياناً أنّها غير حقيقيّة، غريبة لدرجة أن لا معنى لها بالنسبة لي.

قد يكون السبب أنني حقيقية وعلى طبيعتي. لا أحب اصطناع الأخبار التي تجعل الناس تتكلّم عني أو أن أكون Trend أريد أن أكون بحدّ ذاتي محور الحديث، لما أنا عليه. لا أسعى للقيام بشيء يتكلم عنه الناس، لأنه يتم نسيانه مع الوقت وهذا ليس هدفي.

الشابات هم أهمّ فئة من المتابعين بالنسبة لي، وأنا أحرص دائماً أن أكون قدوة صالحة لهن، وهذه مسؤولية كبيرة جداً. أنا ألتقي أحياناً بالبعض منهن، حتى أنني ألتقي بأهلهن، وهم يخبرونني كم تحاول بناتهن تقليدي بكل شي، بشخصيتي، بأزيائي... وأنا دائماً أنصحهن بأن يبقين على سجيتهن، وأن تكون لديهن شخصيتهن الفريدة.

غير متوقعة، فكنت أنتظر أسئلة عن الجمال، وعن عنايتي ببشرتي، ونوع المستحضرات التي أستخدمها... لكن هذه المقابلة أخرجت أشياء جميلة جداً مني، وأعتقد أنها عرّفت الناس أكثر على شخصيتي.