من منّا يريد أن يعيش وحيداً في عزلة عن الناس؟ حتى الإنطوائيون يرغبون في أن يكونوا برفقة أشخاص. مع ذلك هناك الكثير في هذا العالم ممن يعيشون حياة معزولة حتى وهم موجودون وسط أهاليهم وأقاربهم.
في هذا السياق، استنتج الخبراء أن الشعور بالوحدة يمكن أن يكون أكثر ضرراً من السمنة بل يعتبر خطراً على الصحة العامة. أشارت الدراسة التي اجريت على اشخاص يشعرون بالوحدة الشديدة إلى ان هؤلاء معرّضون لخطر الوفاة المبكرة نظراً لأن ليس لديهم علاقات اجتماعية ناجحة مقارنة بأولئك الذين لديهم حياة اجتماعية نشطة ومزدحمة بالعلاقات.
قام باحثون أميركيون بتحليل نحو ما يقرب 218 دراسة تتعلق بالآثار النفسية والصحية المرتبطة بالشعور بالوحدة وتوصلوا إلى نتيجة مفاجئة إذ أن العزلة الاجتماعية تسبب خطر تعرض الشخص للوفاة المبكرة بنسبة 50% مقارنة بالشخص المصاب بالسمنة.
في نفس السياق صرحت الدكتورة Julianne Holt-Lunstad، المؤلفة الرئيسية للدراسة واستاذة علم النفس في جامعة بريغهام يونغ Brigham Young University قائلة:" يعتبر التواصل مع الآخرين اجتماعياً احتياج إنساني أساسي لرفاهية الشخص واستمراره في البقاء حياً. أضافت الدكتورة ضاربةً المثل بالأطفال الذين يعيشون في دور رعاية طوال حياتهم: "ان هؤلاء الأطفال يفتقرون إلى التعامل مع الناس مباشرةً، الأمر الذي يجعلهم يفشلون في تكوين علاقات إنسانية بل ويموتون في كثير من الأحيان. العزلة عن الناس أو الحبس الانفرادي تم استخدامه كشكل من أشكال العقوبة في السجن".
من ناحية أخرى، أجرى Gransnet، وهو موقع للتواصل الاجتماعي للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً في المملكة المتحدة، دراسة استقصائية حول الشعور بالوحدة وجدت أن نحو ثلث كبار السن يعانون من العزلة التامة عن الآخرين وبالتالي يعانون من بعض الأمراض الصحية العامة. على هذا أضافت الدكتورة Julianne Holt-Lunstad: "هناك أدلة قوية على أن العزلة عن الناس والشعور القوي بالوحدة يزيدان بشكل كبير من خطر الوفيات المبكرة وبالتالي فإن حجم الخطر يتجاوز حجم العديد من المؤشرات الصحية الرائدة".
كما اشارت الدكتورة جوليان إلى ان العديد من الدول حول العالم تواجه حالياُ خطر وباء الوحدة خاصة بين المسنين، ولمواجهة هذه المشكلة القائمة لا بد من ضرورة إجراء المزيد من البحوث والدراسات لمعالجة الشعور بالوحدة. إلى جانب ضرورة توعية الأطفال في المدارس وإعطائهم دروس حول كيفية تقوية العلاقات الإنسانية وتكوين حياة اجتماعية ناجحة.