يُعرف العود في الشرق الأوسط باسم الذهب الأسود، وهو مكوّن عطري مميّز وثمين يعتبر من أحد أندر وأغلى الأخشاب في العالم. تجدين هذا المكوّن في العطور العربية، ونظراً لاكتسابه شهرة واسعة بدأت شركات العطور العالمية الشهيرة تستخدمه في عطوراتها. أصبح العود مرادفاً للفخامة، وغالباً ما تكون العطور التي تحتوي عليه غالية، فالعود الخام باهظ الثمن ويمكن أن تكون قيمة كيلو واحد منه بقيمة كيلو الذهب، وأحياناً أكثر من ذلك. في هذا المقال سنعرفكِ على تاريخ العود في الشرق الأوسط، معانيه والأسباب وراء السعر المرتفع للعطور التي تحتوي عليه.
تاريخ العود في الشرق الأوسط
يُستخدمُ العود في الكثير من المجالات من الطب، مروراً بالعلاج بالروائح وصولاً إلى العطور. يعود تاريخ أول استخدام مسجل للعود، إلى عام 1400 قبل الميلاد على الأقل، وقد وجد الباحثون كلمة العود مدوّنة في العديد من النصوص الشعرية، ووصفات الأدوية العائدة إلى تلك الحقبة ما يؤكد أن استخدام العود بدأ منذ القدم واستمر حتى يومنا هذا.
الاسم العلمي للعود هو agarwood، وذلك لأنه يُستخرج من أخشاب شجرة تحمل هذا الاسم وهي موجودة فقط في جنوب شرق آسيا. لكن على الرغم من بُعد المسافة عن الشرق الأوسط إلّا أن العود اكتسب شهرةً واسعة في هذه المنطقة وكان ولا يزال يُستخدم بشكل كبير. هنا قد تتساءلين كيف وصل العود من جنوب شرق آسيا إلى الشرق الأوسط؟ يعود تاريخ تجارة خشب العود ومنتجاته إلى العصور القديمة حيث أن بعض النصوص تشير إلى أن التجار استخدموا طريق الحرير الشهير لنقل خشب العود من الصين إلى الشرق الأوسط عبر الهند. كما ذكرنا سابقاً يأتي العود من جنوب شرق آسيا أي من الهند، بنغلاديش، الصين، ماليزيا، تايلاند، إندونيسيا وفيتنام، أمّا الأسواق التي استهلكته بشكل أساسي فهي اليابان وبلاد الشرق الأوسط خاصةً المملكة العربية السعودية، الكويت والإمارات العربية المتحدة. في الوقت الحاضر، توسع سوق تجارة العود وأصبح منتشراً في كافة أنحاء العالم.
بالإضافة إلى ذلك، يعتبر حرق خشب العود من التقاليد العرفية الأساسية في العالم العربي وخاصة في الشرق الأوسط، والتي تأخذ مكانة أساسية في حياة العرب. تعتبر طقوس العطور متأصّلة في الثقافة العربية لدرجة أن العديد من العرب الذين يعيشون في بلاد أخرى أخذوا معهم عادة تعطير منازلهم عن طريق حرق العود، أو بخور العود. الأشكال التي يُباع بها العود هي التالية: العود الخام (رقائق وقطع الخشب)، زيت العود (الخام، أو الممزوج مع العطور الأخرى)، معطر العود، بودرة العود، بخور العود.
معاني العود في الشرق الأوسط
بدأت قصة العود في الشرق الأوسط منذ أن بدأ التجار يجلبونه من جنوب شرق آسيا إلى الدول العربية، أما في ما يتعلق بمعاني العود، فهي كالتالي: أوّلاً، العود مكون يدلّ على الفخامة والغنى لذلك يتم تقديم خشب العود كهدية في حفلات الزفاف والمناسبات، أو يتم تضمين قطعة جميلة من خشب العود في صندوق الهدايا المقدم إلى والدي العروس والأقارب المقربين.
ثانياً، يعتبر العود وخاصة رائحته طريقة لتهديئة الروح وبالتالي التمكن من ممارسة العادات الدينية بشكل أفضل والتواصل مع الله. من هنا، فمن الشائع حرق رقائق خشب العود، وترك العطر يملأ المنزل أثناء استقبال الزوار. أثناء الحج أيضاً، عندما يأتي الحجاج المسلمون من جميع أنحاء العالم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، سيتنشقون فور وصولهم رائحة العود التي تنبعث في المسجد الكبير. تعتبر العبوات الصغيرة من رقائق العود تذكاراً شائعاً لإحضارها من الحج. يُستخدم العود أيضاً في الكثير من الديانات الأخرى.
ما الذي يجعل العود باهظ الثمن؟
منذ أن بدأ الإنسان استخدام العود في التاريخ وحتى اليوم لا يزال يُعرف هذا المكوّن بأنه من أغلى الأمور التي تستخدم في العطور أو غيرها من المستحضرات. هذا الثمن المرتفع له مبررات بالطبع سنعرفكِ عليها:
- يأتي العود من خشب شجرة أجار الموجودة فقط في جنوب شرق آسيا، جرت محاولات كثيرة لزرع هذه الشجرة في أنحاء أخرى من العالم، ولكن بيّنت التجارب أن العود المستخرج من الأشجار المزروعة في مناطق خارج جنوب شرق آسيا ليست بجودة العود المستخرج من الأشجار المزروعة في دول جنوب شرق آسيا. من هنا، احفظي أن العود باهظ الثمن لأنه يُستخرج من أشجار موجودة حصراً في مكان واحد من العالم، وتأكدي أن العود الأصلي يأتي من إحدى هذه الدول: الهند، بنغلاديش، الصين، ماليزيا، تايلاند، إندونيسيا، فيتنام.
- الإنسان القديم وقبل التطوّر الصناعي الكبير كان يستخرج العود بطريقة طبيعية أي كان ينتظر أن يصاب خشب الشجرة بنوع معين من العفن، عندها تتفاعل الشجرة عن طريق إنتاج مادة صمغية معطرة داكنة، هي العود هذه العملية تتطلب وقتاً طويلاً خاصةً وأن الشجرة يجب أن يكون عمرها أكثر من 300 سنة لكي تتمكن من إنتاج هذا النوع من الصمغ، هذه العوامل تجعل سعر العود مرتفع.
- من ناحية أخرى كلما تقدمت الشجرة بالعمر كلما أصبح العود المستخرج ذات نوعية أفضل، إذاً إنّ الأشجار التي يكون عمرها مئات السنين تنتج مادة صمغية غنية برائحة العود وذات جودة عالية، وهذا سبب إيضافي يبرر السعر العالي للمنتج.
- اليوم، ومع التطور الصناعي، يوجد تقنيات صناعية أخرى لاستخراج العود كتقطيع خشب الشجرة وتقطيره لاستخراج الروائح، بالطبع هذه الطريقة أسهل وأسرع وتعطي كميات كبيرة من العود ولكن بحسب الخبراء يظل العود المستخرج بطريقة طبيعية ذات جودة ورائحة ونوعية أفضل. من هنا، نفهم الفرق في الأسعار الذي يمكن أن تكون موجودة في الأسواق، احفظي إذاً أن كلما ارتفع سعر العود الخام كلما كانت نوعيته أفضل.
- العطور التي تحتوي على العود كمادة أساسية هي غالية الثمن وذلك نتيجةً لسعر العود الغالي. إلى جانب العود يتم استخدام مكونات تعكير أخرى، ولكن الأساس هو العود الذي يضيف إحساساً بالثراء والرفاهية للعطر مع الرائحة التي تبقى على الجلد لفترة طويلة بعد أن تتبدد رائحة المكونات الأخرى وتختفي. قد تجدين تفاوة في أسعار العطور التي تحتوي على العود وذلك نظراً لاختلاف كمية العود المستخدمة داخل العطر كمادة أساسية، فكلما كانت نسبة العود في العطر مرتفعة، كلما أصبح السعر مرتفع.