اعداد: سارة شليطا
في مرحلةٍ ما من رحلة المرأة نحو تحسين صحتها، تصل إلى لحظة تُغيّر فهمها للأمور. تُدرك حينها أن جسدها لا يُعيقها ولا يعمل ضدّها، بل يسير وفق نظام طبيعي ذكي يساعدها. لقد تعوّدنا في عالم الرياضة على الاعتقاد بأن النجاح يتطلّب الاستمرار في التمرين يوميًا وبالوتيرة نفسها، لكن جسد المرأة لا يعمل بهذه الطريقة، فهو يمر بتغيّرات مستمرة، ويتكيّف مع الظروف، وله إيقاعه الخاص الذي يستحق أن نفهمه ونحترمه.
الدورة الشهرية والتمارين الرياضية
هنا يظهر مفهوم "مزامنة التمارين الرياضية مع الدورة الشهرية"، وهو أسلوب يعتمد على ممارسة الرياضة بما يتناسب مع المراحل المختلفة للدورة. عند اتباع هذا الأسلوب بطريقة صحيحة، يمكن للمرأة أن تحقّق نتائج أفضل في حرق الدهون، وتقلّل من الشعور بالتعب، وتصل إلى أهدافها بجهد أقل. فبدلاً من الضغط على الجسد ومقاومته، يصبح التمرين عملية متناسقة معه، تقوم على التعاون لا على الإرهاق. تتكوّن الدورة الشهرية عادةً من أربع مراحل:
1- المرحلة الشهرية (مرحلة الحيض)
تبدأ هذه المرحلة في اليوم الأول من الدورة الشهرية، حيث تنخفض مستويات الهرمونات، وتنخفض معها الطاقة، فتشعر كثير من النساء بالتعب أو التقلّصات. لذا، لا يُفضّل في هذه المرحلة ممارسة التمارين الشاقة، بل تُنصح المرأة بالحركات اللطيفة كالمشي، التمدد، أو اليوغا الهادئة. هذه الفترة مناسبة للراحة وإعادة الاتصال بالجسم.
2- المرحلة الجُريبية (Follicular Phase)
مع نهاية النزف، تبدأ مستويات الإستروجين بالارتفاع، ما يجلب معه طاقة متجددة وصفاءً ذهنياً. في هذه المرحلة، قد تشعرين بالحماس لتجربة شيء جديد، مثل تمارين الكارديو أو رفع الأوزان، حيث الجسم يكون أكثر استجابة لبناء العضلات، وتتحسن القدرة على التحمّل. إنها فترة مثالية لوضع أهداف جديدة والانطلاق بحيوية.
3- مرحلة الإباضة (Ovulation):
تحدث غالباً في منتصف الدورة، وتُعدّ قصيرة ولكن قوية التأثير. يصل الإستروجين إلى ذروته، وتشعر العديد من النساء بالقوة والنشاط والتألق. هذه اللحظة مثالية لممارسة التمارين عالية الشدة، مثل رفع الأوزان أو أي تمرين يعتمد على الأداء، والتنسيق الذهني والجسدي يكون في أفضل حالاته.
4- المرحلة اللوتئية (Luteal Phase):
في هذه المرحلة، يستعد الجسم لاحتمالية حدوث حمل، ويصبح البروجسترون هو الهرمون السائد. تشعر بعض النساء بالتعب، الانتفاخ، أو الحساسية العاطفية. وهنا من الأفضل التخفيف من حدة التمارين، والتركيز على تمارين مثل البيلاتس، السباحة، المشي المنتظم أو تمارين القوة الخفيفة. الهدف في هذه المرحلة هو الحفاظ على التوازن دون إجهاد الجسد.
تكمن القوة الحقيقية في مفهوم "مزامنة التمارين مع الدورة الشهرية" في قدرته على إحداث تحوّل جذري في نظرة المرأة إلى التمرين والعلاقة مع جسدها. فهو يحرّرها من الشعور بالذنب المرتبط بأيام الراحة، ويستبدل الإحباط الناتج عن التقلبات الجسدية بالفهم العميق لما تمرّ به، كما يعزّز احترامها للإيقاع الطبيعي الذي يحكم جسدها. إنّها دعوة للتوقّف عن مقاومة التغيّرات، والبدء في الإصغاء لها والتفاعل معها بوعي وتقدير.
كذلك، قد بات للتكنولوجيا دور فعّال في تسهيل هذا التوجّه، إذ تم تصميم تطبيق Health Club Co خصيصاً لتمكين النساء من بناء جداول رياضية مرنة تُراعي التغيرات الهرمونية والمزاجية المرتبطة بكل مرحلة من الدورة الشهرية. من خلال تخصيص التمارين أسبوع بعد أسبوع بما يتناسب مع الحالة الجسدية والنفسية، يقدّم التطبيق نموذج تدريبي أكثر سلاسة واتساق مع نمط الحياة الحديث.
إن مزامنة التمارين مع الدورة لا تقوم على فكرة المثالية، بل على تحقيق الانسجام بين الأداء الجسدي والدورة البيولوجية. فالنتائج التي تسعى إليها كثير من النساء، كخسارة الدهون، زيادة الكتلة العضلية، ورفع مستويات الطاقة، لا تتطلّب مجهوداً مفرطاً، بل إنصاتاً واعياً لحاجات الجسد، وتجاوباً ذكياً معها.
في جوهر هذا النهج، تبرز رسالة محورية: الدورة الشهرية ليست عائقاً في طريق التقدّم، بل بوصلة داخلية توجّهك نحو الأداء الأمثل. إنها لغة الجسد حين يُمنح مساحة ليعبّر، ودليلٌ صامت على ما تمتلكينه من قوة فطرية متجددة.