أوّل مصمّم أزياء سعوديّ، مهّد الطريق لمشهد الموضة السعوديّة واستطاع أن يضعها على الخارطة العالميّة. في طفولته استلهم Adnan Akbar من شغف والدته بالموضة، ولم يتوقّف أبداً عن تطوير نفسه واكتساب المعرفة في هذا المجال. حاكت تصاميمه أذواق النساء السعوديّات والنساء من حول العالم على حدّ سواء، ونالت إعجاب سيّدات العائلات الملكيّة والنجمات أمثال الأميرة ديانا وشريهان. في هذا التقرير سنأخذكِ في رحلةٍ للغوص في مسيرة المصمّم منذ نشأته حتى اليوم، بالإضافة إلى حديث خاصّ معه للتعرّف إليه عن كثب وعلى رؤيته المستقبليّة للموضة السعوديّة.
رسالة حبّ إلى السعوديّة
"بمناسبة اليوم الوطنيّ السعوديّ، أتقدّم بأحرّ التهاني للمملكة وشعبها. لقد قطعت أمّتنا خطوات ملحوظة في السنوات الأخيرة، وأنا فخور بأن أكون جزءاً من رحلتها. إنّ التزام المملكة بالتنويع الاقتصاديّ، التنمية الاجتماعيّة والحفاظ على الإرث الثقافيّ هو شهادة على قوّتها وقدرتها على الصمود. أنا استلهم من رؤية قادتنا، الذين وجّهوا المملكة العربيّة السعوديّة نحو مستقبلٍ مزدهر. بينما نحتفل بتراثنا الوطنيّ، أشجّع جميع المواطنين على مواصلة العمل معاً من أجل مستقبلٍ أكثر إشراقاً. دعونا نحافظ على قيم الوحدة والرحمة والولاء التي عُرفت بها أمتنا منذ قرون!"
مسيرة Adnan Akbar عبر السنين
- قرّر أن يدرس الموضة في بيروت في دار الأزياء Madame Sylvia، ثمّ انتقل إلى باريس وعمل في مكتبات Vogues. مرّت الأعوام وبرع عدنان في التعلّم والعمل.
- أسّس دار أزياء Adnan Akbar التي كانت الدار الوحيدة للأزياء الراقية في السعوديّة حينها. اتّسمت تصاميم الدار بأسلوب الأرابيسك الممزوج بالأسلوب الأوروبيّ من خلال التطريز والمجوهرات.
- بحلول العام 1982، كان عدنان أكبر قد استقطب عملاء من أبرز الشخصيّات. أقام عرض أزياء مميّز في ميلانو، وحصل على ردود فعل إيجابيّة. كما أنّه حصل على لقب "Costume Designer"، وشارك في عروض في باريس والقاهرة، وكلّ ذلك كان بمثابة قيمة إضافيّة لعلامته.
- في أكتوبر 1987 ولأوّل مرّة، قدّم عدنان أكبر 25 تصميماً في مهرجان الأزياء الدوليّ الثاني في فرنسا، لجمهور تعدّى 200 ألف شخص. لم تكن السعوديّة ضمن البلدان التي يستضيفها هذا المهرجان، لكن لحسن الحظ، صادف وجود عدنان هناك خلال التحضير للمهرجان، فتمكّن من إقناع منظّمي العرض الضخم، بأنّه لا يمكن اعتباره عرضاً دوليّاً حقيقيّاً من دون مشاركة المملكة. وبمجرّد حصوله على الضوء الأخضر، عمل المصمّم بجِدّ لتقديم أرقى القطع لتمثيل بلده.
- قدّم خلال هذا العرض فستان The Queen of Sheba الذي لاقى ترحيباً كبيراً من الجمهور والصحافة. وتمّ تصميمه للمرّة الثانية للفنانة شريهان لعرض الفوازير الخاص بها "ألف ليلة وليلة" في العام 1989. تمّ صنعه يدويّاً من الحرير والبروكاد، طُرّز بعناية، زُيّن باللؤلؤ والأحجار الكريمة واستغرق 7 أشهر من العمل.
- في يونيو 1988، عقد عدنان أكبر تعاون مع مصنّعي المنسوجات الفرنسيّين في شركة Bianchini-Férier.
- قدّم عدنان أكبر عرض أزياء في الولايات المتحدة الأميركية في واشنطن، حضره عدد من زوجات مجلس الشيوخ الأميركي وزوجات السفراء الأجانب والعرب في أميركا.
- قام عدنان أكبر بابتكار عطر جديد بإسم أضوى مع شركة سي أم سي الفرنسيّة. كما قدّم عرض أزياء في ميلان وأمستردام.
- بعد عرضه في مهرجان الأزياء الدولي الثاني في العام 1987، وكّل الملك فهد عدنان أكبر بتصميم الزيّ الرسميّ لمضيفات طيران المملكة العربيّة السعوديّة.
- بعد جائحة كورونا، افتتح فرعاً جديداً للخياطة الراقية في جدة، أطلق المتجر الإلكتروني الخاص بالعلامة، وخطّط لافتتاح فرع جديد في الرياض (الذي افتُتح فيما بعد).
- شارك في أسبوع الموضة الأوّل في الرياض وفي معرض "أنا عربية"، حيث عرض تصاميمه الأيقونية وجمع بين التراث والحداثة.
- تستمرّ إبداعات عدنان أكبر مستمرّة في نيل إعجاب السيّدات حول العالم، أكان على السجادة الحمراء، حفلات الزفاف، المهرجانات...
حديثٌ مع المُصمّم
1- باعتبارك أوّل مصمّم أزياء في السعوديّة، ما هي التحدّيات التي واجهتها في تأسيس مسيرتك المهنيّة، وكيف تغلّبت عليها؟
لقد واجهت الكثير من التحدّيات في كلّ شيء، وكأنّني أنحت في الصخر. لم تكن كلمة "أزياء" معروفة، ناهيكِ عن مصطلح "مصمّم أزياء". كانت الملابس النسائيّة تسمّى ببساطة "كرته" في ذلك الوقت، لذا كان المجال غريباً على المجتمع. تغلّبتُ على كلّ التحدّيات وعملتُ بإصرارٍ لتحقيق أهدافي، بالرغم من تبنّي الأغلبيّة لوجهة نظر مختلفة عن عملي كرجل في صناعة الأزياء، في ذلك الوقت.
2- ما هي ردود الأفعال غير المتوقّعة التي تلقّيتها عندما بدأت في التصميم لأوّل مرّة؟
نصحني الجميع بعدم الشروع في هذه الرحلة المجهولة، وحذّروني من أنّ مستقبلي قد يكون في خطر. كان الجميع، وخاصّة والديّ، ضدّي. ومع ذلك، تابعتُ المسيرة، واجهتُ التحدّيات ونجحت. لقد قطعتْ أمّتنا خطوات ملحوظة في السنوات الأخيرة، وأنا فخور بأن أكون جزءاً من رحلتها.
3- مشهد الموضة السعوديّ تطوّر كثيراً، كيف تواكب التغييرات التي يشهدها هذا القطاع؟
عملنا باستمرار على تطوير الأزياء والتصاميم، وسعينا دائماً إلى الإبداع وتقديم الجديد. كنتُ أعمل 18 ساعة يوميّاً، وكان هدفي أن أجعل السعوديّة بلداً عالميّاً رائداً في مجال الأزياء. واجهتُ الكثير من السخرية بسبب استحالة منافسة دور الأزياء العالميّة في ذلك الوقت، لكنّنا استطعنا أن نُثبت نجاحنا. كذلك، شاركنا في العديد من عروض الأزياء العالميّة، بما في ذلك أكبر عرض في باريس الذي لم تتمّ دعوتنا إليه بسبب تأخّرنا الملحوظ في المجال. بالرغم من ذلك أصرّينا على المشاركة وأثبتنا وجودنا.
4- ما هو الدور الذي تلعبه الأزياء السعوديّة التقليديّة في الموضة المعاصرة، وكيف توازن بين الأسلوب التقليديّ والعصريّ في تصاميمك؟
الأزياء السعوديّة التقليديّة، بتاريخها الغنيّ وأهميّتها الثقافيّة، تشكّل أساساً للموضة المعاصرة في المملكة، فهي توفّر هويّة فريدة تميّز المصمّمين السعوديّين عن الاتجاهات العالميّة. من خلال دمج العناصر التقليديّة في تصاميمي، أهدف إلى تكريم تراثنا مع مزج التفاصيل الحديثة فيها لإبتكار قطع تلقى صدى لدى الجماهير المحليّة والعالميّة. على سبيل المثال، قد أستخدم الأنماط التقليديّة بطريقة حديثة أو أجمع بين الأقمشة التقليديّة والتقنيّات المبتكرة. هذا النهج لا يحترم تراثنا فحسب، بل يضع الموضة السعوديّة على خريطة الموضة العالميّة أيضاً.
5- كيف ترى مستقبل الموضة السعوديّة، وما هي الاتجاهات التي ستحدّد هذه الصناعة في العقد القادم؟
للموضة السعوديّة مستقبل مشرق، مدفوع بمجموعة من العوامل، مثل الاهتمام المتزايد بالتصميم المحليّ، العدد المتزايد من المصمّمين، بالإضافة إلى دعم الحكومة لهذه الصناعة. أتوقّع أن تنال الموضة السعوديّة شهرة أكبر على مستوى العالم وأن تكون مبنيّة على الاستدامة، الشموليّة والتركيز على سرد القصص. سيستمرّ المصمّمون في اللجوء إلى العناصر التقليديّة بطرق مبتكرة. بهذه الطريقة يمكن للمملكة العربيّة السعوديّة أن تصبح وجهة عالميّة للموضة.
6- كيف ساهمت شخصيّاً في إحداث تغيير في الموضة السعوديّة، وما أكثر الإنجازات التي تفتخر بها؟
بصفتي رائداً في الموضة السعوديّة، كان لي الشرف أن أكون أوّل مصمّم سعوديّ حَظِيَ بتقديرٍ دوليّ. فمنذ العام 1970، كنت أمزج بسلاسة بين التراث السعوديّ واتّجاهات الموضة العالميّة، وقدّمتُ مجموعاتي في عروض أزياء عالميّة. كانت مشاركتي في عرض القارّات السبع في باريس من أبرز الأحداث في مسيرتي المهنيّة. لقد تفوّقتُ على مصمّمين مشهورين، وحصلتُ على إشادةٍ من الصحافة الأوروبيّة وإعجاب زوجتَيْ الرئيسيَن Mitterrand وChirac. كما تمّ الاعتراف بمساهماتي في الموضة من قِبَل السفارة السعوديّة في باريس، حيث تمّ تكريمي، من قبل السفير الفرنسيّ، الذي منحني جائزة النصر.
7- ما هي بعض المفاهيم الخاطئة الشائعة حول الموضة السعوديّة التي ترغب في معالجتها من خلال أعمالك؟
من أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعاً هو الاعتقاد بأنّ الموضة السعوديّة مقيَّدة وترتكز فقط على الملابس التقليديّة. هناك اتّجاه متزايد نحو التصاميم العصريّة، الممزوجة بالتفاصيل التقليديّة ومن المهمّ تسليط الضوء على تنوّع الموضة السعوديّة. من خلال معالجة هذه المفاهيم الخاطئة، آمل أن أساهم في دعم مواهب المصمّمين السعوديّين وإبداعاتهم وأساهم في تطوّر وإنماء هذه الصناعة بطرق مثيرة.
إرث الدار صامد
بينما يبدأ عدنان أكبر بالابتعاد عن العمل والأضواء، يواصل تقديم التوجيه لابنته أضوى وابنه عبدالله اللذين يأخذان العلامة إلى مستوى آخر لتحاكي الجيل الجديد. عن هذا الموضوع علّق المصمّم:"الحفاظ على إرثنا هو أولويّة بالنسبة لنا، وضمان استمرار نجاحنا يكمن في الجمع بين التقاليد والابتكار، وهذا لا يكرّم تاريخ عائلتنا فحسب، بل يتردّد صداه أيضاً لدى عملائنا الذين يقدّرون الأهميّة الثقافيّة للأزياء السعوديّة. في الوقت نفسه، نسعى لمتابعة الابتكار والتطوّر، والاطّلاع الدائم على اتّجاهات الصناعة، من مواد وتقنيّات جديدة، وتعاون مع مصمّمين موهوبين. بالإضافة إلى ذلك، نحن نرحّب بالجيل القادم من المصمّمين داخل عائلتنا ونوفّر لهم فرص التعلّم وتطوير رؤيتهم الإبداعيّة الخاصّة. من خلال تعزيز ثقافة الإبداع والابتكار، نهدف إلى ضمان استمرار إرث عائلتنا للأجيال القادمة".