كلّ التعديلات التي نقوم بها في أجسامنا، هل نريدها حقّاً؟ أم جزءاً من هذا المجتمع؟ فالسيلوليت مثلاً، جزء من طبيعة أجسامنا والتخلّص منه أمر شبه مستحيل، لكنّنا لا نوفّر طريقة في محاولة التخلّص منه. نحاول تفتيح بشرتنا أو تغميقها، نغيّر لون شعرنا وملمسه، نحاول إبطاء أو إيقاف علامات التقدّم في السنّ، نزيل الدهون من منطقة معيّنة من الجسم ونضيفها إلى منطقة أخرى، نزيل الشعر من أجسادنا، نضيف شعيرات على منطقة أخرى... فهل من تعريف محدّد للجمال؟ ما العوامل التي تؤثّر في هذا المفهوم ومن يحدّد معاييره؟
- كيف نشأت المعايير الجمالية في المجتمع؟
- ما هي العوامل التي تؤثّر في تحديد معايير الجمال واتّجاهات عالم الموضة؟
- معتقدات خاطئة... لا تصدقيها أبداً
- هل تأثير الموضة إيجابي أم سلبي على معايير الجمال؟
- هل تنتهي قريباً مسابقات ملكات الجمال؟
- كيف نغير كل هذه المعتقدات السائدة؟
كيف نشأت المعايير الجمالية في المجتمع؟
ما هي العوامل التي تؤثّر في تحديد معايير الجمال واتّجاهات عالم الموضة؟
1- الخلفية الثقافية
- تعريف الجمال يختلف من شخص إلى آخر، كلّ حسب منظاره، ثقافته وخلفيّته. قد يرى شخص ما أمراً جذّاباً، بينما يختلف ذلك تماماً عمّا يعتقده شخص آخر. هذا المعتقد ينطبق بشكل خاصّ على معايير الجمال في مختلف البلدان.
- تماماً كما الجمال، هناك بعض قطع الأزياء التي ترمز لثقافات محدّدة:
البابوشكا: روسيا.
الكوفية: فلسطين.
نقشة المربعات: اسكتلندا.
العباية: الشرق الأوسط
2- تأثير الصيحات الموسميّة على عالمي الموضة والجمال
ساعدت الصيحات الجماليّة التي تتبدّل من موسم إلى آخر في التأثير على المعايير الجماليّة، إذْ إنّها تعمد إلى مدح صفة معيّنة في الشكل الخارجيّ، كالأسنان البيضاء والمستقيمة، الشفاه الكبيرة، الحواجب الرفيعة أو الشعر الأشقر... صفات لا يمكن حدّها! هذا الأمر أدّى إلى رضوخ شريحة كبيرة من النساء لهذه الصيحات، ما يساهم في تعديل مفهومهنّ للجمال باستمرار، تماشياً مع الصيحات. لكن مفهوم الجمال بدأ بالتغيّر مع بروز الحملات المنادية باحترام جميع الأجسام والأشكال. رأينا في السنوات الأخيرة عارضات على منصّات الموضة وفي الحملات الإعلانيّة، بكافة الأحجام، الأوزان، ألوان البشرة، الأعمار، الطول، الأعراق... ما أدّى إلى التأثير على صورة المرأة المثاليّة، ليشكّل كلّ منّا صورة مختلفة عن الجمال وليتمّ الترحيب بالتنوّع. كذلك، بدأت الدور بتخصيص هذه الفئات من خلال تصاميم ومستحضرات جماليّة تتناسب مع الجميع على اختلافهم وتعدّدهم... باختصار، أصبحت أكثر شموليّة ومنفتحة على الاختلافات الاجتماعيّة.
3- الاختلاف بين الأجيال
لكلّ حقبة من الزمن مفهومها الخاصّ بالجمال، ومع التقدم الزمنيّ، تتبدّل وتتغيّر المفاهيم لتتماشى مع الوقت. مع بروز جيل Gen Z، أصبح الجمال يحمل معاني أكثر واقعيّة من السابق، ويمكن تقبّله من قبل الجميع، كونه منفتحاً على الآخر. كذلك، ساهمت وسائل التواصل الاجتماعيّ في مساعدة هذا الجيل على نشر الانفتاح، من خلال موقعي TikTok وInstagram.
الجيل الجديد ينظر إلى الجمال على أنّه مزيّف، وساهم في وضع معنى جديد للجمال، من خلال محاربة المعتقدات السائدة والترويج للعلامات والمستحضرات التي تمنح معتمديها صوتاً، وجهة نظر وشعوراً بالتضامن، وأصبح ذلك أمراً شائعاً بين المراهقين.
يعيش جيل Gen Z في عصر تتماشى فيه العلامات مع متطلّباته واحتياجاته. جزء من هذا التغيير سببه ظهور ثقافة المؤثّرات، إذْ نعيش في عالم نتعلّم فيه ونصنع الصيحات من خلال الاطّلاع على صفحات أشخاص من جيلنا. هذا الأمر أدّى إلى إبراز أفضل نسخة عن هذا الجيل، من خلال العديد من الأمثلة على مواقع التواصل الاجتماعيّ ومن خلال مقاطع الفيديو المؤثّرة والتعليميّة.
4- دور وسائل الإعلام والسينما
تصوّر العديد من الأفلام على أنّ عالم الجمال أمر غير واقعيّ، ما يصعّب على الجماهير مفهوم معايير الجمال ويبعدها عن الحقيقة. كذلك، يتمّ التفريق بين المفهوم الجماليّ لدى الذكور والإناث، خصوصاً في أفلام Disney، حيث يعتقد بأنّ الجاذبية أكثر أهميّة عند الإناث. يؤدّي الأمر إلى تعديل مفهوم الجمال لدى الأطفال، ليركّز فقط على المظهر الجسديّ.
من ناحية أخرى، تعتبر الأفلام جزءاً مهمّاً في عالم صناعة الأزياء، خصوصاً على السجّادة الحمراء، حيث يتمّ التركيز بشكل كبير على الإطلالات. من الصعب تحديد ما إذا كانت الأفلام جزءاً من عالم الموضة أو العكس، لكن من المؤكد، أنّ عالم صناعة الأفلام يمثّل منفذاً لعالم الأزياء. مثلاً، إصدار نسخة سينمائيّة من The Great Gatsby في عام 2013 واكبته موجة من الأزياء بأسلوب العشرينيّات، واجتاحت هذه الصيحة السجّادة الحمراء، الحفلات والمناسبات.
5- وسائل التواصل الاجتماعي
يستخدم معظمنا وسائل التواصل الاجتماعيّ للترويج لأنفسنا، وكذلك الحال للمشاهير، المؤثّرين، عارضات الأزياء، العلامات التجاريّة... بهدف إنشاء صورة مثاليّة. فمن الصعب ألّا نرى جمالاً مثاليّاً على مواقع التواصل الاجتماعيّ، كونها الصورة "الطبيعيّة". في حين، نعتقد أنّنا نتصفّحها بلا تفكير، إلّا أنّ العقل الباطنيّ يمتصّ كلّ شيء، لتصبح تلك الأجسام معياراً بالنسبة لنا، وبالتالي تؤدّي إلى فقدان الثقة والتفكير السلبيّ تجاه النفس. من المهمّ للغاية، أن نعي أنّ وسائل التواصل الاجتماعيّ ليست حقيقة واقعيّة.
معتقدات خاطئة... لا تصدقيها أبداً
هل تأثير الموضة إيجابي أم سلبي على معايير الجمال؟
تعتبر العارضات النحيفات، مثل Paris Hilton ،Heidi Klum ،Bella Hadid ،Kendall Jenner وغيرهنّ الكثير رموزاً للجمال المثاليّ، ويتمّ تعديل صورهنْ، حين لا تتماشى مع المعايير المفروضة في عالم الأزياء. هذا الأمر أدّى إلى التأثير على صورة المرأة في المجتمع. فالأمثلة التي نراها منذ الطفولة تنعكس على احترامنا لأجسادنا، وبالتالي تؤثّر سلباً على تقدير الذات. مع الوقت، لم يعد هذا الأمر مقبولاً وارتفعت بعض الأصوات للتنديد به، ما جعل عالم الموضة عرضةً للمساءلة عن دورها في وضع معايير الجمال غير الواقعيّة التي تسبّب تدنّي احترام الذات وتشوّه صورة الجسد لدى الشابّات. تعتبر مجلّات الأزياء، المصمّمون وشركات توظيف عارضات الأزياء صنّاع الصيحات. عند تصفّح المجلّات أو وسائل التواصل الاجتماعيّ، تصلنا رسائل مرئيّة عن صورة معيّنة لجسم المرأة ومعيار الجمال في الوقت الحاضر. في الواقع، يمكن للراشدين التفريق بين الصورة المختارة اجتماعيّاً والصورة الواقعيّة، إلّا أنّ المراهقات غير قادرات على التفرقة، ما يجعلهنّ الفئة المستهدفة والأكثر تأثّراً.
هل تنتهي قريباً مسابقات ملكات الجمال؟
فيما يخصّ مسابقات ملكات الجمال، فهي ليست سامّة للنساء فقط، بل وضعت معايير جمال غير واقعيّة للفتيات الأصغر سنّاً، كأن يكنّ طويلات القامة، نحيفات وجميلات، للحصول على اللّقب، وبالتالي على النجاح الاجتماعيّ. كذلك، أثبتت الدراسات أنّ هذه المسابقات يمكن أن تتسبّب في تدنّي احترام الذات وتؤدّي إلى مشاكل فيما يخصّ صورة الجسد، وبالتالي إلى ممارسة الكثير من الضغوطات الشخصيّة. فالعديد من النساء اللّواتي يطمحن إلى المشاركة والفوز في مسابقات ملكات الجمال، يعمدن إلى تجويع أنفسهنّ، ليصبحن نحيفات ويبدون جميلات. هذا الأمر أدّى إلى تطوّر اضطرابات الأكل، مثل الشره المرضيّ، أي Bulimia، هذا إلى جانب القيود المفروضة، مثل العمر، عدم الزواج والحمل. لكن، أعلنت منظّمة ملكة جمال الكون، مؤخّراً، عن قبول ترشّح نساء متزوّجات وأمهات للمسابقة، اعتباراً من نسختها الـ72 التي ستقام في العالم 2023 وذلك سعياً منها للوصول إلى مستوى أكثر شمولاً.