لطالما استهوتني فكرة استكشاف مناطق جديدة وبعيدة في بلدي لبنان، فالسياحة الداخلية واحدة من هواياتي المفضّلة ونشاطاتي الشهرية. لكن لماذا عليّ العودة إلى المنزل في آخر النهار؟ سؤال كنت أطرحه بعد كلّ زيارة، لأنه لم تكن تتوفّر خيارات واسعة للمنامة في تلك المناطق، إلى أن بدأت موجة "بيوت الضيافة" التي تحوّلت في وقتٍ وجيز من Trend إلى حاجة ضرورية... كثيرةٌ هي بيوت Guesthouse في لبنان، سواء في العاصمة بيروت أو في المناطق الجبلية. رافقيني في هذا المشوار إلى أجدد وأجمل البيوت، لعلّ واحداً منها سيشكّل وجهتكِ القادمة!
Beit el Bahr: عند ضفاف شاطئ البحر الأبيض المتوسط
لكل مَن تبحث عن إقامة بالقرب من الشاطئ، Beit el Bahr (كما يدلّ اسمه بوضوح) هو المكان المنشود! بيت قديم لبناني الطراز بامتياز، رُمّم مؤخّراً ليستضيف زوّاراً من كل أنحاء الكرة الأرضية. نعم هو قريب من البحر، لكن هذا لا يعني أنه بعيد عن المدينة أو عن المناطق اللبنانية السياحية. موقعه استراتيجي ليضمن لكِ سهولة الوصول إلى كل ما قد خطّطتِ له. "اشعري وتصرّفي وكأنكِ في منزلكِ"، عبارة تقولها لكِ مديرة المنزل وهي تسلّمكِ مفاتيحه. Good Vibes Only! نعم هنا ستشعرين بالفعل بأجواء وديّة ودافئة. يمكنكِ قضاء ساعات وساعات بالقرب من البحر غير آبهة بالوقت، متمتعةً بالسباحة، الـTanning تحت أشعة الشمس، قراءة كتاب، مشاهدة مغيب الشمس... الراحة التي تبحثين عنها ستجدينها في هذا البيت ببساطته وضيافته، كمّا أنّ ديكور غرفه ناعم وزاهٍ بألوانه، ما يبعث بالهدوء. قبل التوجه إلى أي مكان، لا تنسي دائماً تناول الفطور الذي يمكن أن يتحضّر بحسب الطلب وبحسب ما تشتهين، ولا تغادري من دون تذوّق الحلويات المحضّرة يدويّاً والفواكه اللبنانية اللذيذة. عدد الغرف ليس كبيراً، لذلك سارعي للحجز إذا أردتِ ضمان مكان لكِ في القريب العاجل.
الشبابيك بزخرفتها الفنية تضيف طابعاً خاصاً
Beit Trad: ضيافة فاخرة ضمن أجواء عائلية
في الكفور، القرية التي لا تبعد كثيراً عن العاصمة، يقع بيت ضخم وسط غابةٍ كبيرة، شهد منذ القرن التاسع عشر على الكثير من التحوّلات وسكنته عدّة عائلات، إلى أن تحوّل منذ حواليّ السنة إلى بيت ضيافة. مفهومه مختلف بعض الشيء عن بيوت الضيافة المعتاد، فهو يقدّم تجربة فاخرة لزوّاره وخدماتٍ تجعلهم لا يريدون مغادرته بالرغم من توفّر العديد من النشاطات التي يمكن القيام بها في مناطق قريبة والتي ينظّمها فريق العمل.
لا مكان للملل هنا! كلّ غرفة وكل زاوية تضجّ بكافّة أشكال الثقافة، الفنّ والترفيه، وكم هي كثيرةٌ هذه الزوايا بديكوراتها التي تخطف الأنفاس! من غرفة الجلوس التي يمكنكِ شرب الشاي ولعب الشطرنج فيها، إلى الشرفة التي تطل على الغابة، المكان الأمثل لقراءة كتاب من المكتبة الضخمة، إلى قاعة الطعام التي يجتمع فيها الزوّار على المائدة عند أوقات الفطور، الغداء والعشاء، للتلذّذ بأشهى الأطباق اللبنانيّة (الأشهى I Swear!). هنا أيضاً يتمّ تبادل الأحاديث مع أشخاصٍ تلتقينهم لأول مرّة، إلا أن أجواء هذا المنزل العائليّة التي تحرص صاحبته على المحافظة عليها مع فريق عملٍ محترف، تشعركِ أنّكِ في منزلكِ بين أقاربكِ وأصدقائكِ. وللاسترخاء حصةٌ أيضاً من خلال جلسة تدليكٍ أو عند حوض السباحة... لا تفوّتي هنا مشاهدة مغيب الشمس، لحظةٌ سرّياليّة لن تعيشيها كل يوم!
التقاط الصور خطوة أساسية لتخليد الذكرى
Bkerzay: لقاء الطبيعة بالفن
في بيت الضيافة هذا، ذات الطابع اللبنانيّ التراثيّ، اخترت أن يكون حفل زفافي، لكن ليس هذا السبب الذي يجعلني أعود إليه في كل مرّة! فهنا ستبتعدين عن ضوضاء المدينة لإقامةٍ هادئة، إنمّا مليئة بالنشاطات، ستشعرين خلالها وكأن الوقت يمرّ بسرعة البرق. في ربوع جبال منطقة "الشوف" انطلق Bkerzay من مشغل لصناعة الفخار، ليتحوّل في فترة وجيزة إلى "قريةٍ نموذجيّة" تضمّ 30 غرفة على شكل بيوت حجرٍ صغيرة، مطاعم، حدائق، محترفات فنيّة، أحواض سباحة... وأصبح مقصد لكل محبّ للطبيعة ولكل عاشق للفن.
إذا أردت أن ألخّص لكِ نهاراً واحداً في "بكرزاي" (وهذا لا يكفي مطلقاً)، فسيكون كالتالي: ابدئي نهاركِ بالفطور اللبنانيّ الشهيّ، بعد ذلك، تحضّري لنزهة Hiking في الغابة يؤمّنها لكِ فريق عملٍ محترف. بعد المشي والجهد، أنتِ بحاجة إلى جلسة عند حوض السباحة، وحتى لو كنتِ زائرة في فصل الشتاء! نعم لا تستغربي، فهنالك حوض سباحة دافئ حاضر لاستقبالكِ، ما أجملها أن تتساقط حبيبات المطر والثلج وأنتِ تسبحين! بعد الغداء، حان وقت تعلّم كيفيّة صناعة "تحفة" من الفخّار في المشغل، تجربةٌ فنيّة مميّزة وتذكار جميل. فيما بعد، تمتّعي بجلسة تدليك في الـHammam. أمّا في المساء وبعد عشاءٍ لذيذ، نزهة تحت سماءٍ مضيئة بالنجوم، هي كلّ ما ستحتاجين إليه. نشاطات ومشاريع Bkerzay عديدة ومتنوّعة، لكنّها جميعها تصبّ دائماً في خانة لقاء الطبيعة بالفنّ، وتؤمّن لزائريها فرصة عيش تجربةٍ جديدة مختلفة من زيارة إلى أخرى.
هنا أحب أن أمضي السهرة في بكرزاي
Beit El Tawlet: بيروت بين الستينيات والسبعينيات
في قلب بيروت وبالقرب من كلّ ما قد يريده السائح، هنا Beit El Tawlet، في شارع "مار مخايل". ما يميّز هذا المكان الذي تمّ افتتاحه منذ حوالي السنة، تفاصيل صغيرة اجتمعت لتخلق أجواء من الستينيّات في قسم من المنزل ومن السبعينيات في قسمٍ آخر ضمن إطارٍ فنيّ فينتاج مميّز. كل عنصر من الديكور يحكي قصّة وتمّ انتقاؤه بدقةٍ لنقل تجربة زائري هذا البيت إلى مستوى آخر. الألوان القويّة تبعث الحياة في هذا المكان، أمّا النباتات الخضراء التي تحتلّ مكاناً واسعاً، تعكس روح بيروت التي تشبه الغابة المدنية Urban Jungle. كل غرفة لا تشبه الثانية، وكل واحدة مستوحاة من موضوعٍ معيّن كالتطريز اللبنانيّ القديم، أو من فنّانٍ لبنانيّ، كمصمّم الأزياء Salim Azzam.
ما إنْ تدخلي هذا المنزل، حتى تشعري وكأنّكِ في بيتكِ، كلّ شيء بسيط وغير معقّد، يدعوكِ إلى الراحة من جهة، وإلى استكشاف المدينة من جهةٍ أخرى. بعد أن تفرغي أمتعتكِ، لا تفوّتي تناول الحلويات اللبنانيّة المقدّمة مع فنجان قهوةٍ أو شاي لتستعيدي نشاطكِ. أنتِ بحاجة إلى هذا النشاط، فبيروت تناديكِ لنزهةٍ على الأقدام، بأزقّتها التي تنبض بالتراث اللبنانيّ من جهة وبروحٍ عصريّة من جهة أخرى. أمّا في الصباح، فتلذّذي بفطورٍ لبنانيّ بامتياز على الشرفة التي تطلّ على بيروت من كافّة الاتّجاهات، واستعدّي للانطلاق نحو برنامجكِ السياحي.
فطور لبناني بامتياز!
