سروال برمودا: من تصميم للعمل إلى منصّات عروض الأزياء

من مجموعة شانيل التحضيرية لربيع 2020

يرتبط سروال Bermuda مباشرةً بالرحلات، الأسفار والمغامرات في الطبيعة، إلّا أن الموضة التي تقدر أن تعطي معنى لأيّة قطعة مملّة، جعلته تصميماً عصرياً، يتحكّم به المصممون، يتلاعبون بقماشه وألوانه ويطلقونه على منصّات عروض الأزياء. هو السروال الذي يرضي المرأة التي تريد أن تكون مرتاحة وفي الوقت نفسه على الموضة، كما يتميّز بمرونته لأنه يحمل عدّة أوجه، فتنسّقه بحريّة. ستتفاجئين أن مسيرته متنوّعة عبر السنين، ولا تقتصر فقط على الإطلالات اليومية، فقد تبنّاه الجيش، الطبقة الغنية... حتى أنه حلّ ضيفاً على السجّادة الحمراء!

فلنُرجع عقارب الساعة إلى الوراء... وتحديداً إلى أواخر القرن التاسع عشر، فقصّة سروال Bermuda التاريخية هي مثيرة للاهتمام. في مقهى Coxon للشاي في جزيرة Bermuda الواقعة في المحيط الأطلسي، اشتكى الموظّفين من الحرارة العالية أثناء العمل، فلجأ مالك المقهى Nathaniel Coxon إلى تعديل طول سراويل الموظّفين التي كانت باللون الكاكي، وقصّها لتصل إلى حدود الركبة. كان ذلك حلاً سريعاً وعملياً، بدون أية تكلفة مالية! وكان هذا السروال مصنوعاً من النسيج الناعم، تمّ اعتماده مع جوارب طويلة مصنوعة من الصوف، تصل إلى حدود الركبتين. أثناء وجود ضابط بريطاني في المقهى، لاحظ هذا السروال، أعجبه ووجده مناسباً لجنوده، فتبنّاه الجيش البريطاني! مع مرور السنين، وخصوصاً مع اندلاع الحرب العالمية الأولى، أخذ هذا السروال شعبيّةً كبيرةً في المستعمرات البريطانية، حيث عانى الجيش من الجوّ الاستوائي الحارّ، ووجد فيه قطعة ملابس عملية تناسب هكذا مناخ. كل ذلك بدأ إذاً في جزيرة Bermuda، وهذا يبرّر أصل اسم السروال! من الجيش إلى عالم الأعمال، فقد نال سروال Bermuda إعجاب رجال الأعمال في تلك الجزيرة أيضاً، وخصوصاً لدى أصحاب البنوك، الذين بدورهم، قرّروا أن يجعلوه اللباس الرسمي للموظّفين. من رجال الأعمال إلى السيّاح الأمريكيّين والأوروبيين الذين عند زيارة الجزيرة، كانوا يتعرّفون على السروال، يعجبون به سريعاً ويجدونه مريحاً، فيعتمدونه ويحملونه بالتالي معهم في طريق العودة إلى بلادهم.

تحوّل سروال Bermuda إلى "سروال العطلة" وزادت شعبيّته أكثر ضمن مفاهيم الموضة الغربية خلال الثلاثينيّات. ارتبط أيضاً بنمط حياة الأغنياء الذين اعتمدوه خلال رحلاتهم على يخوتهم وخلال أسفارهم إلى البلدان الحارّة. مرّ سروال Bermuda تحت أنظار المرأة، وقعت في غرامه، فانتقل من كونه قطعة صبيانية إلى سروال نسائي! لم يكن باستطاعة المرأة ارتداء السراويل القصيرة عندما يحلو لها ذلك، لم يكن مسموحاً أن تكشف كثيراً عن ساقيها خلال إطلالاتها البعيدة عن الشاطئ، ولم يكن محبّذاً بالتالي أن تتخلّى عن الفساتين والتنانير، لكن بفضل شجاعة وجرأة النساء النجمات في تلك الحقبة، مثل Marlene Dietrich وKhatharine Hepburn وGreta Garbo، بات سروال Bermuda مقبولاً أكثر وأكثر في المجتمعات. استُكملت هذه الحركة النسويّة مع مصمّمة الأزياء الأميركية Claire McCardell التي قدّمت للنساء تصاميم مريحة، رياضية وعمليّة في الدرجة الأولى، تضمّنت الكثير من السروايل القصيرة. سرعان ما ظهرت بعد ذلك عبارة "Bermuda Shorts" للمرّة الأولى في قاموس الموضة في مجلّة Vogue في عدد أكتوبر للعام 1948، وذلك خلال إعلان لمتجر خاصّ بالسراويل القصيرة. ذلك روّج لسمعة سروال Bermuda وأثّر على ذوق المتسوّقة، فأصبح مفضّلاً لدى الشابات المراهقات اللواتي اعتمدنه بقماش الصوف وبنقشة المربّعات. مع حلول حقبة الستينيات، ارتدته Twiggy، وباشر المصمّم الأيقوني Yves Saint Laurent بحركة الأزياء الجاهزة، فصمّم سراويل Bermuda ضمن مجموعاته في العام 1968. ظهر هذا السراول القصير والواسع أيضاً في مجموعة Chanel لربيع 1994 مصنوعاً من قماش الدنيم، وتتابع وجوده على منصّات العروض منذ ذلك حين، لتفتتح دار Prada الألفيّة الجديدة به في مجموعة ربيع 2000، كما صمّمه Karl Lagerfeld لدار Fendi لمجموعة ربيع 2001...

قدّمت مجموعات Resort 2020 سروال Bermuda بطريقة كلاسيكية، فرأيناه مثلاً لدى داريّ Chanel وMiu Miu. أمّا مجموعات ربيع وصيف 2020، فأعطته روحاً جديدة، صنع من قماش الستان لدى Staud، من الجلد لدى Tom Ford، أتى منسّقاً مع سترة على شكل بزّة لدى Saint Laurent Paris وChloé وTanya Taylor. أعجبنا تنسيقه مع حزام كبير لدى Maryam Nassir Zadeh، ولونه الفوشيا الصارخ لدى Valentino.

نتذكّر الممثلة الأميركية Mia Sarapochiello حين نسّقت سروال Bermuda مع سترة بيضاء مزيّنة بالشراشيب في فيلم Ferris Bueller’s Day Off في العام 1986. ارتبطت إطلالات شخصيّة Vivian Ward الأيقونية التي جسّدتها Julia Roberts في فيلم Pretty Woman في العام 1990 ببزّة حمراء تألّفت من سترة طويلة وسروال Bermuda. اعتمدته أيضاً الممثلة Laura Dern باللون الكاكي حين لعبت دور الدكتورة Ellie Sattler في الفيلم الخيالي Jurassic Park في العام 1993.

عبر السنين سروال Bermuda تحوّل إلى قطعة أساسية في الأزياء وخصوصاً في إطلالات النجمات اللواتي اعتمدنه على السجّادة الحمراء وفي الإطلالات اليومية.

لا يتعدّى طول سروال Bermuda حدود الركبتين، قصّته واسعة، وفي أكثرية الأوقات يمكن طيّه وتعليق أطرافه السفلية بأزرار. سروال Cargo، هو أيضاً واسع ويصل إلى حدود الركبتين، إلّا أنّ ما يميّزه هو الجيوب الكبيرة الظاهرة فيه. أمّا سروال Biker القصير، فهو ضيّق ورياضي بامتياز.

سراويل Bermuda