هو نادرٌ، فريد وغامض، كان رمزاً للثروة والنقاء، سحر قلوب النساء على مدى سنوات وسنوات... حجر اللّؤلؤ انتقل منذ عصور من قعر البحار والمحيطات إلى عنق المرأة، معصمها، أصابعها، رأسها وملابسها. جال في رحلةٍ عبر المواسم حتى حطّ رحاله في مجموعات خريف وشتاء 2017-2016. لهذا الكنز الثمين قصّة عاشتها الحضارات، أيقونات الموضة، الجمال والسينما، والمصمّمون. فابحري معنا للتعرّف عليها...
تبدأ قصّة اللّؤلؤ مع الملوك والملكات، فمَن غيرهم يستطيع تحمّل سعره الباهظ؟ يرجّح أن يعود أقدم عقد لؤلؤ إلى أميرة فارسيّة، وهو اليوم يُعرض في متحف اللّوفر الفرنسيّ. أمّا المصريّون القدامى، فنقلوا إلينا أسطورة الملكة كليوباترا التي حلّلت اللّؤلؤ في كوبٍ من الخلّ لتثبت للسياسيّ الرومانيّ Marc Antony، والذي تزوّجته لاحقاً، أنّ باستطاعتها تقديم أثمن حفل عشاءٍ على الإطلاق! في العصور الوسطى، كان اللّؤلؤ حكراً على الملوك والنبلاء. على سبيل المثال، الملكة البريطانيّة Elizabeth I كانت تملك قطعاً كثيرة من المجوهرات المزدانة باللّؤلؤ، إلى جانب آلاف الفساتين المطرّزة بهذا الحجر الكريم! منذ القرن التاسع عشر، لم يعد محصوراً بعالم الملوك، وانتشرت النسخات الزائفة منه، فأصبح متاحاً للجميع! الهروب من الماضي واحتضان المستقبل هو الجوّ الذي طغى على حقبة العشرينيّات، فبات كلّ شيء عمليّاً وسهلاً. لذا، استبقت Coco Chanel الأمور، وابتكرت العقد الطويل من اللّؤلؤ الزائف الذي أحدث ثورةً في عالم الموضة والأكسسوارات. الأربعينيّات كان عصر المرح والتسلية، ففي العام 1949، صمّم الرسام الإسبانيّ وعاشق المجوهرات Salvador Dalí، بروش من الياقوت على شكل شفتين، مزيّن بصفّ أسنانٍ من اللّؤلؤ! مَن منّا لا تتذكّر أيضاً عقد اللّؤلؤ La Peregrina من تصميم دار Cartier، والذي أهداه الممثّل Richard Burton لزوجته Elizabeth Taylor في العام 1969؟ حبّة اللّؤلؤ الأيقونيّة تلك كان يملكها ملك إسبانيا Philip II واكتُشفت في القرن السادس عشر. الخمسينيّات حقبة الأنوثة، نثرت لآلئها على إطلالات أيقوناتٍ عدّة، مثل الممثّلة الأميركيّة Grace Kelly، السيّدة الأولى Jackie Kennedy والممثّلة البريطانيّة Audrey Hepburn. الثمانينيّات شهدت على الأميرة Diana التي نتذكّرها في إطلالاتِ كثيرة اعتمدت خلالها عقد Chocker من اللّؤلؤ يتوسّطه بروش من الياقوت الأزرق. هذه الصيحة انتقلت إلى دوقة كمبردج Kate Middleton. من اللآلئ السوداء الدراماتيكيّة إلى تلك الباروك اللّامعة، أصبحت معجزات البحار هذه أحجاراً ثمينة عليكِ اقتناؤها بكلّ فخر في القرن الواحد والعشرين.
بالإذن من الأيقونة Marilyn Monroe التي غنّت في الأربعينيّات Diamonds are a Girl’s Best Friend، بات اللّؤلؤ اليوم صديق النساء والنجمات المفضّل، ورفيق إطلالاتهنّ على السجّادة الحمراء. على سبيل المثال، فستان الممثّلة Lupita Nyong’o من Calvin Klein الذي ارتدته في حفل الأوسكار عام 2015، كان حديث الساعة، لأنّه ازدان بآلاف اللآلئ ووصل ثمنه إلى 150 ألف دولار أميركيّ، حتى أنّه سُرق من الفندق حيث كانت تقيم! أكثر النجمات اللّواتي اعتمدن مجوهرات من اللّؤلؤ في إطلالاتٍ عدّة هنّ Angelina Jolie، Rihanna، Scarlett Johansson...
قد يكون اللّؤلؤ مستديراً بشكلٍ مثاليّ أو ذا شكلٍ متعرّج قليلاً، كما أنّه لا يكتسي فقط باللّون الأبيض، فمنه الأسود أو الزهريّ. هذا الأخير أُدخل إلى مجموعات دورٍ كثيرة، أشهرها Tiffany & Co.. أمّا اللّؤلؤ التاهيتيّ، فكان له حصّة مع دار Chanel التي أدخلته إلى مجموعة Les Perles de Chanel في العام 2014.
دور الأزياء لها حصّة أيضاً بإدخال اللّؤلؤ إلى مجموعاتها، سواء كان في الأكسسوارات أو التصاميم. على سبيل المثال، ملأ هذا الحجر الكريم السترات، الفساتين والأحذية لدار Balmain في موسم خريف وشتاء 2012-2013. دار Chanel لم تتخلَّ عنه في مجموعة ربيع وصيف 2013. دار Balenciaga فعلت بالمثل في موسم خريف وشتاء 2016-2015...
في موسم خريف وشتاء 2017-2016، ازدانت
الأكسسوارات باللآلئ واحتلّت منصّات العروض، لا سيّما Maison Margiela، Chanel، Miu Miu، Gucci، Moschino و Rag & Bone الذي اكتفى بدبوس مزدان بحبّتي لؤلؤ على القمصان. لم ينحصر اللّؤلؤ هذا الموسم بالمجوهرات والأكسسوارات، بل رأيناه يكسو الأحذية، الأزياء، والحقائب أيضاً. في عالم المجوهرات لهذا الموسم، بل امتزج مع الملابس، لذلك رأينا Gucci، يدخل أطواقاً من اللؤلؤ في الفساتين والقمصان. ما رأيكِ بقبّعة Chanel؟ أو حذاء Miu Miu؟