تتعرفين إلى العديد من الأشخاص في عملكِ أو بلقاءاتكِ الإجتماعية بشكل عام. تتفقين بوجهات النظر مع البعض أمّا البعض الآخر فتتجاهلينه. لكن الخلاف قد يقع بين أي شخصين حتى ولو كانا مقربين أو صديقين، وهذا الأمر يتعلق بحالات نفسية يفسّرها الطبيب النفسي الأميركي والمحاضر في جامعة كاليفورنيا، ستيفن كاربمان الذي حلّل شخصية الأفراد أثناء النزاعات، من خلال مثلث سمّي تميناً به "مثلث كاربمان الدرامي".
ما هو مثلّث كاربمان الدرامي؟
يلخّص مثلث كاربمان الدرامي التفاعلات السلبية، التي تقع بين شخصين أثناء النزاع في ظل الدراما أي أجواء الاستياء وإحباط الواقعين فيه، وكيف أنهم يقحمون هذه الدراما في علاقتهم بشكل لا شعوري. حدد كاربمان 3 عناصر تكوّن هذا المثلث الدرامي وتلعب دوراً مختلفاً أثناء وقوع النزاع وهي: الضحية أي الشخص المظلوم، المنقذ الذي يلعب دور المدافع عن الضحية، المعتدي وهو الظالم.
دور الضحية: هو الشخص الذي يبحث عن كسب شفقة من حوله لجذب الإنتباه إليه، شعاره الأول:"مسكين أنا". هو ضعيف الشخصية، لا يتحمّل المسؤولية ويعتمد بشكل كبير على الآخرين لحل مشاكله أو لإنقاذه من موقف معين، خصوصاً بمساعدة الشخص المنقذ. كذلك، يبدع في بث روح الاستسلام والشعور بالعجز. يجعلكِ تشفقين عليه بسهولة ويعلم جيداً كيفية كسب تعاطف الآخرين وحثّهم على مساعدته.
دور المعتدي: هو الشخص المتنمر المستبد الذي يعشق التعدي على الضحية، يفرض رأيه على الآخرين، شعاره الأول:"هذا خطؤك أنت". يسيطر على الضحية أكان من خلال التهديد أو من خلال التنمر. يشعر بالتعالي، كثير الإنتقاد ويرى نفسه على صواب والجميع على الخطأ، كما أنه لا يتقبل رأي الآخر. في بعض الأحيان، يتحوّل دور المنقذ إلى دور المعتدي، في حال شعر بأن جهوده لم يتم تقديرها.
دور المنقذ: هو الشخص الذي ينقذ الموقف أو يخفف من حدة التوتر والتصادم بين الضحية والمعتدي. شعاره الأول:"دعني أساعدك". يشعر المنقذ بالذنب إن لم يتصرّف حيال مشكلة معينة أو إن لم يأخذ المبادرة لإنقاذ الضحية من ظلم المعتدي. غالباً ما تلجأ إليه الضحية طالبةً المساعدة منه. يتحمّل المنقذ المسؤولية أكثر من الضحية أو المعتدي، مما يجعله يتحمل مسؤولية أخطاء ربما لا علاقة له بها.
كيف تتجنبين الوقوع في مثلّث كاربمان الدرامي؟
قد تدخلين مثلث كاربمان الدرامي في أي علاقة غير سليمة قد تكون مع صديق أو زميل لك، أو ربما شريكك. كذلك، تنقلب الأدوار بين ضحية، معتدي ومنقذ في نزاع واحد. لكن الإستمرار في هذه الدوامة الدرامية ليس سليم للصحة النفسية أبداً لا بل متعب لكِ. لذلك، إليكِ بعض النصائح لتجنّب الوقوع في مثلث كاربمان الدرامي:
- كثيراً ما تحسّنين من تصرفاتكِ وعاداتكِ السيئة وتتوقعين أن يقوم الآخر بالمثل، لكن الواقع قد يخيب ظنكِ فتقعين في مثلث الدراما إما تأخذين دور الضحية إما دور المعتدي تجاه الآخر. لا تعلّقي آمالكِ على الآخرين بل اختاري قرارات تقنعكِ من دون أن تعتمد سعادتك على تصرفات الآخر.
- لا تستهيني بقوة الكلمة وتأثيرها على النفسية. الكلمات هي التي توقعكِ في فخ المثلث الدرامي عندما ترددين عبارات مثل "لا أستطيع" أو "يجب أن" أو "يجوز أن"، تجعلكِ تؤدين دور الضحية، المنقذ أو المتعدي. لذلك، اختاري كلماتكِ بحكمة لأن بإمكانها أن تقودكِ إمّا إلى التفكير الحرّ والمسؤول إما إلى العتب واللوم والشعور بالنقص.
- عندما تشعرين بأنكِ تتعرضين لهجوم أو لضغط نفسي أو حتى مواجهة، امنحي نفسكِ الوقت الكافي لفض الإشتباك ومنع نفسك من لعب دور الضحية أو المعتدي. لا تدخلي مثلث الدراما عند الوقوع في نزاع ما لأن الأمور قد تصبح أسوأ. لذلك، انتظري الوقت المناسب لحل الأمور بطريقة سليمة ترتكز على الحوار وتبادل وجهات النظر من دون أن يكون طرف مسيطر على الآخر أو العكس.