قلّة هي الأوشحة الحريريّة التي تحمل بين خيوطها إرثاً حقيقيّاً. أمّا لدى Gucci، فالحرير يتحوّل إلى مرآة لهويّة الدار، وقصيدة تُنسج بألوان تنبض بالفنّ والحياة. منذ خمسينيّات القرن الماضي، بدأت دار Gucci في نسج حكايتها الخاصّة مع الحرير، مانحةً كلّ وشاحٍ طابعاً فنيّاً... كأنّها لوحات يُمكن ارتداؤها، تنبض بالحياة والطبيعة والرموز التي طبعت مسيرة الدار لعقود.
ولادة أسطورة على ضفاف بحيرة كومو
في العام 1958، وفي خطوة غيّرت مسار Gucci مع الحرير، تعاونت الدار مع أحد أعرق منتجي هذا النسيج في منطقة كومو الإيطاليّة. من هذه الشراكة وُلد وشاح Tolda di Nave المستوحى من عالم البحار، والذي صُمّم ليكون انعكاساً للتراث، ولشغف الدار بالتفاصيل والرموز. منذ تلك اللحظة، تحوّل الحرير إلى ساحة إبداعيّة جديدة للدار، امتدّ بخفّة ورقّة إلى خزائن النساء في كلّ مكان.
حين روى Accornero حكاياته بالخيوط
في أوائل الستينيّات، دخل الحرير عهداً جديداً حين انضمّ الرسّام الإيطاليّ Vittorio Accornero de Testa إلى مشهد الدار. لم يكن مجرّد فنّان، بل ساحراً يزرع الحياة البريّة على القماش. طوال أكثر من 20 عاماً، ابتكر نحو 80 وشاحاً، كلّ واحد منها كان بمثابة نافذةٍ مفتوحةٍ على عالمٍ حالمٍ: حقول زهورٍ لا تنتهي، فراشات ترفرف بين الأوراق... كانت تفاصيله تنبض بالدّقة، كأنّها التُقطت بعدسة الحنين.
Flora: الحديقة التي أُهديت لأميرة موناكو
في العام 1966، طلب Rodolfo Gucci من Accornero هديّةً فريدةً لأميرة موناكو Grace Kelly، فصمّم وشاح Flora، أحد أشهر الأوشحة في تاريخ الدار. في غضون أسبوع واحد فقط، وباستخدام 37 لوناً مختلفاً، رسم حديقة مصغّرة على القماش، ليتحوّل بعدها إلى قطعةٍ أيقونيّةٍ. من الوشاح، انتقل هذا النمط إلى أوّل فستان حريريّ من Gucci في العام 1969، ليفتح الباب واسعاً أمام استخدام الحرير في الملابس.
خلف الرموز... هويّة تُروى
لم تكن أوشحة Gucci مجرّد تصاميم جميلة، بل شِفرات بصريّة تنبض بالمعاني. لكلّ نقشة قصّة، ولكلّ رمز همسة من هويّة الدار، ترويها خيوط الحرير بصبر وشغف.
مونوغرام GG
ظهرت حروف Gucci المزدوجة على الحرير، في العام 1969. كانت بسيطة، لكنّها محمّلة بهوية الدار. شعار GG لم يكن توقيعاً فحسب، بل إشارة إلى الإرث العريق، الحِرفيّة، والتاريخ المتجدّد.
الأنماط البحريّة
وشاح Tolda di Nave لم يكن مجرّد بداية تقنيّة، بل ولادةً لرغبةٍ في استحضار عوالم بأكملها في قطعة قماش صغيرة. سرعان ما أصبح البحر عنصراً دائماً في مفردات Gucci: سلاسل بحريّة، بوصلة الاتّجاهات، حبال السفن… كلّها رموز حملت نكهة المغامرة.
الطبعات الحيوانيّة
في العام 1969، قدّم Accornero واحدة من أكثر الطبعات جرأة، أنيماليا، حيث تحوّل الوشاح إلى غابة ناعمة تعجّ بالأسود، الطيور والفراشات.
عالم الفروسيّة
لطالما كانت الفروسيّة جزءاً لا يتجزّأ من جوهر دار Gucci كرمزٍ للنبل، القوّة والأناقة. نقشتا Horsebit وGucci Web المستوحاتان من حزام السرج، لم تكونا زخارف عشوائيّة، بل رموزاً لأسلوب حياة. مع الوقت، أصبحتا جزءاً من الأوشحة الحريريّة.
SS25: الوشاح ينبض بروح جديدة
تعود الأوشحة الحريريّة بحلّةٍ معاصرة، لا لتستعيد الماضي، بل لتعيد ابتكاره، في عرض أزياء Gucci لربيع وصيف 2025. لم يعد الوشاح الحريريّ محصوراً بارتدائه حول العنق، رأيناه مشدوداً على الرأس، مربوطاً بخفّة على الكتف، ملفوفاً حول مقبض الحقيبة، أو منسدلا فوق الفساتين متحرّراً من القواعد. أوشحة الحرير اليوم لا تتّبع قواعد الأناقة، بل تصنعها.
هذه الروح الجديدة امتدّت أيضاً في حملة Keep It Gucci: The Art of Silk، يتحوّل الوشاح إلى أكثر من أكسسوار، ليُصبح لغةً مرئيّةّ وتعبيراً عن الحركة، الغموض والجمال الذي لا يحدّه زمن. فقد تعاونت الدار مع 9 فنّانين عالميّين لإعادة ابتكار 5 رموز خالدة من أرشيف الدار، من الفلورا والفونا إلى العالم البحريّ والفروسيّة، وصولاً إلى شعار GG.
