لا تعرف صبا مبارك أن تقوم بأحاديث قصيرة فارغة من المضمون، هذا ما قالته وأثبتته في خلال هذا الحوار. مثال ملهم لكل شابّة طموحة، تعمل على تطوير نفسها، اكتشاف أحاسيسها لتصبح النسخة الفضلى من نفسها. هي الداعمة والمناصرة لقضايا الصحّة النفسيّة التي لا تتوانى عن مشاركة تجاربها الخاصّة وترفض أن يصنّف الناس على أساس مشاعرهم وأنّ يوصم الاكتئاب أو الإحباط بالعار. على وسائل التواصل الاجتماعي، تركّز على القضايا الإنسانيّة، الاجتماعيّة والسياسيّة وعلى أشخاص ملهمين في كافّة المجالات، تنشر الصور التي تشبهها، بعيداً عن القواعد المتعارف عليها. تعرّفي أكثر على صبا مبارك، بكلّ كيانها في هذا الحوار.
السينما والغلامور هما موضوع عددنا، ولا شكّ أنّ صناعة الأفلام تلمع ببريق مختلف، لكن من المؤكّد أنّها تحفل بالصعوبات في المقابل، خاصّة للمرأة. برأيكِ كيف تطوّر دور المرأة في هذه الصناعة في عالمنا العربيّ كونكِ في هذا المجال من أكثر من 20 سنة؟
تطوّر دور المرأة بشكل كبير. ففي السنوات الأخيرة، تبوّأت المرأة مناصب قيادية وأصبحت رائدة في عدّة مجالات، تحديداً في صناعة الأفلام. في الماضي، لم تكن الفرص متساوية بين الجنسين، أمّا اليوم، فأهمّ القائمين على إنتاج الأفلام في عالمنا العربيّ هم نساء. كما أنّهن انخرطن في مجالات كانت تعدّ حكراَ على الرجال، كالتصوير والإخراج... برأيي، الشخص المناسب يجب أن يكون في المكان المناسب، بغضّ النظر عن الجنس، فهناك نساء موهوبات فعلاً، يضفن الكثير لهذه الصناعة من خلال وضع بصمتهنّ الخاصّة التي تتميّز بالانتباه إلى التفاصيل والتعاطف مع الآخرين. لمسة أنثويّة تحتاجها هذه الصناعة.
أكثر من 4 مليون متابع على انستقرام. هل تعتبرين هذا الأمر فرصة للتأثير على أكبر عدد من الناس، أم تشعرين أنّكِ مجبرة على التواصل للمحافظة على وجودكِ في هذا العصر الرقميّ؟
رغم أنّ فكرة الوجود على مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت أساسيّة في عصرنا اليوم، إلّا أنّني مقتنعة بأن وجودي فيها يجب أن يكون لسبب. اعتبر هذه المنصّات بمثابة Diary، لكن قطعاً لا اعتبر نفسي مجبرة على التواصل! لا أنشر صوراً لست مقتنعة بها، وأركّز على القضايا الإنسانيّة، الاجتماعيّة والسياسيّة، وعلى أشخاص ملهمين في كافّة المجالات، كما أنشر الصور التي تشبهي بعيداً عن القواعد المتعارف عليها. أظهر ببساطة من دون مكياج، مرتدية جينز وتيشرت. هذا ما أفضّل أن أنشره.
أنتِ مناصرة لقضايا الصحّة النفسيّة، لا تتردّدين في مشاركة تجاربكِ الخاصّة بهدف نشر الوعي ومساعدة الآخرين. إلى أيّ حدّ ساعدكِ شخصيّاً هذا الأمر، ألم يكن له تأثير بأيّ شكل من الأشكال، لمجرد أنّكِ حقيقيّة في عالم أصبح أكثر زيفاً؟
ليس عندي أيّ تحفّظ أو ندم بأنّني أتطرّق لمواضيع الصحّة النفسيّة. ربّما قد يراكِ أحدهم ويسألكِ هل أنتِ بخير؟ الحقيقة، أنّني بخير طالما أتحدّث عن الموضوع، لا أحد بخير 100%، وهذا أمر طبيعيّ. كلّنا نمرّ بمصاعب وصراعات داخليّة، نتغلّب عليها... أكره أن يصنّف الناس على أساس مشاعرهم، وكأنّ الشعور بالإحباط أو الحزن، الاكتئاب، الارتباك أو الشعور بقلّة الثقة بالنفس خطأ ووصمة عار. أنا وغيري من الشخصيّات العامّة علينا أن نكون منفتحين للتحدّث في هذه المواضيع، لمساعدة الأجيال الشابّة التي تعيش الوحدة أكثر وأكثر في ظلّ العصر الرقميّ، حيث لم نعد نتحدّث كثيراً مع بعضنا، لا ننظر حتى بعيون بعضنا. علينا أن نتذكّر دائماً ونذكّر العالم أنّنا بشر ولدينا مشاعر، ولا أتحدّث هنا عن المرأة فقط، فالرجل أيضاً يعاني، والضغط عليه ربّما أكبر، لأنّه ترعرع في مجتمع يمنع عليه البكاء لمجرّد أنّه رجل. تربّى على أن يقال له: "الرجل لا يبكي، امسح دموعكِ وامشِ"، فصار الحلّ عنده أن يمشي ويترك وراءه المشاكل دون حلّ. بدوري، كنت أتجاهل مشاعري وأنكرها في الماضي، أمّا اليوم، فأريد أن يكون كلّ شيء واضحاً وأن أكون مثالاً صالحاً لابني. أريد أن يعرف أنّه من الضروريّ أن نكون ضعفاء في بعض الأحيان، فهذا أمر طبيعيّ، وقوّة الإنسان ليست بصلابته، بل قد تكون بهشاشته وقدرته على التحدّث بما يشعر به.
هذا الأمر يتطلّب جرأة، من أين تستمديّن جرأتكِ؟
عندما بدأت أتعامل مع صحّتي النفسيّة كما أتعامل مع صحّتي الجسديّة، أصبح الأمر بديهيّاً. اقتنعت أنّه عليّ أن أكون بخير من الداخل أوّلاً. فإذا كنت سعيدة ومتّزنة نفسيّاً، ينعكس ذلك على محيطي والأشخاص الذين يهمّونني. قد ننسى أنفسنا أحياناً بهدف إرضاء الآخرين، لكن ثقي، إذا لم تكوني متّزنة وراضية عن نفسكِ أوّلاً، لن ترضي أحداً من حولكِ.
الأوقات الصعبة لا تصنع الأبطال، إنّما خلال هذه الأوقات يظهر البطل في داخلنا. متى شعرتِ أنّكِ بطلة؟
لن أقول إنّني بطلة، ولكن وصلت اليوم إلى مرحلة أستطيع أن أنظر في المرآة وأقدّر نفسي على كلّ الأمور الجيّدة التي قمت بها. في السابق، كنت أقسو على نفسي كثيراً، مثاليّة وألقي اللّوم على نفسي، معتبرة أنّه كان بإمكاني أن أقوم بما هو أفضل. كان ذلك الشعور يرافقني لمدّة طويلة، يحطّمني، كأنّني عالقة في دوّامة لا أرى شيئاً سواها. أمّا اليوم، فأستطيع أن أنظر إلى الوراء، وأن أرى الكثير من الأمور الجيّدة التي مرّت في حياتي. حقّقت إنجازات عدّة، أنا فخورة بها فعلاً، وأعتبرها الوقود الذي يدفعني إلى تحقيق المزيد. أنا راضية عمّا قدّمت، وطموحي يدفعني إلى التطوّر وتحقيق المزيد.
كيف تؤثّر تصرّفات المتابعين وتعليقاتهم، إيجابيّة كانت أو سلبيّة، على مزاجكِ؟
قد ترسم التعليقات الإيجابيّة بسمة على وجهي وتشعرني بتأثيري على الآخرين، أمّا التعليقات السلبيّة، فهي لا تمثّلني. رأي الآخرين بكِ لا يحدّد من أنتِ. قد يقول بعض روّاد السوشيل ميديا إنّنا اخترنا أن نكون عرضة للانتقادات وعلينا أن نتحمّل. ربّما هذا صحيح، فقد اخترت أن أكون شخصيّة عامّة، لكن النقد السلبيّ غير المبنيّ على حقيقة لا يدخل في الـ System الخاصّ بي، ولا يصبح جزءاً من تكويني لأبني عليه ردود فعلي. أغضّ النظر وأعتبر ما قيل يخصّ صاحبه ولا يخصّني بتاتاً. لم أعد أهتمّ كالسابق، ولا أعمل Block ... كلّ إنسان حرّ برأيه.
أنتِ صنعتِ نفسكِ بنفسكِ ووصلتِ إلى هذا النجاح. هل أنتِ مستعدّة للتخلّي عن مهنتكِ من أجل أيّ شيءٍ آخر؟
نعم! قد أتخلّى عن التمثيل إذا شعرت أنّني لا أقدّم أي جديد في هذا المجال. ربّما لو طرحتِ هذا السؤال قبلاً لتغيّرت الإجابة، فقد كنت أعتبر نفسي ممثّلة فقط. أمّا اليوم، أفكر بنفسي ككيان متكامل، يمكنني أن أكون ما أريد، رسّامة، كاتبة، منتجة، مخرجة، أنا فنّانة والفنّ يملأ روحي وكياني، ويشعرني بأهميّة وجودي... فضولي يزداد يوميّاً ويمتدّ إلى مساحات أوسع في مجال الفنّ. أحبّ أن أستكشف أكثر وأعرف ما يمكنني تقديمه، الابداع يشغلني، أسعى دائماً للابتكار، كي لا يتحوّل ما أقوم به إلى وظيفة عاديّة أنتظر فيها راتبي آخر الشهر. فإذا حصل ذلك، وفقدت الشغف والرغبة، فحتماً سأتخلّى عنها من دون تردّد.
هل من قرار معيّن اتّخدتِه في حياتكِ، تتمنّين إذا ما رجع بكِ الزمن أن تغيّريه؟
لو سألتِني قبل سنوات، لكانت الإجابة مختلفة أيضاً. اليوم لا أريد أن أغيّر أي شيء، فكل ما حدث في حياتي شكّلها على هذا النحو. كان من الممكن أن أكون نسخة أفضل من نفسي، لكنّ الوقت ما زال أمامي لأصبح كذلك.
هل يمكن أن نبدأ حياتنا من جديد في أيّ عمرٍ كان؟
في أيّة لحظة وفي أيّ عمر يمكن أن نبدأ حياتنا من جديد. المسألة تكمن في أن تكون الرغبة حقيقيّة وفي اتّخاذ قرار عقلانيّ. علينا ألّا نورّط أنفسنا برغبات وهميّة، فأنا لا أضع لائحة بقرارات غير قابلة للتنفيذ، فإذا أردت أمراً ما، عليّ أن أثبت لنفسي أنّني فعلاً أريده. بعد ذلك، يصبح تحقيقه أمراً واقعاً.
ما الصفة التي تريدين تغييرها في شخصيّتك؟
عليّ أن آخذ الأمور ببساطة أكثر، فما زلت أتمتّع ببعض خصائص شخصيّة الـ Perfectionist.
تبدين مسيطرة على كلّ جوانب حياتكِ. هل تخطّطين لكلّ تفصيل فيها، أو تتركين مكاناً للصدفة؟
كلّما اعتقدنا أنّنا مسيطرون، كشفت لنا الصعوبات في حياتنا أنّنا لسنا كذلك. لذلك، عندما نسترخي، تسير الأمور ببساطة وبسلاسة أكثر.
هل تقولين اليوم"أنا امرأة أحلامي"؟
لا، لكنّني امرأة هذه المرحلة من حياتي، أعيشها بكلّ تفاصيلها.
متى على المرأة أن تقول "لا"؟
عندما تشعر أنّ عليها ذلك، لأيّ سبب كان. إذا ابتسم لكِ شخص أو قال أيّ شيء لم يشعركِ بالارتياح، قولي لا. إذا انبأكِ حدسكِ بقول لا، قوليها. لا تكبتي الـ "لا"، فطريقة عيشنا اليوم، لا تترك المجال للأحاسيس والروح، بل تحتّم التفكير بالمنطق والمعطيات. صدّقي إحساسكِ، فهو لا يأتي من فراغ. هذه قناعتي، ففي كلّ مرّة لم أتبع إحساسي، اكتشفت أنّني كنت على خطأ. أقول لا لكلّ ما لا يعجبني، كما أنّه عندما ننضج، نشعر ألّا وقت لدينا لنضيّعه، فأنا مثلاً من الأشخاص الذين لا يعرفون إقامة أحاديث قصيرة فارغة ودون جدوى.
الممثّلة العالميّة التي تتمنّين الوقوف أمامها.
Meryl Streep.
إذا طلبنا منكِ إطلاق حملة على السوشيال ميديا، أيّ هاشتاق تختارين؟
#لا_للتنمّر.
ما القوّة الخارقة التي سترفضينها لو كان امتلاكها ممكناً؟
لا أريد قراءة عقول الناس، فهذا مرعب. لا أريد أن أطير، فأكثر أوقاتي أمضيها في الطائرة. لا أريد أن أمتلك القدرة على الاختفاء، فأنا أستطيع أن أختفي متى أريد!
لا يمكنكِ العيش دون...
إبني.
قطعة أزياء لا تملّين منها.
التيشرت البيضاء.
قطعة ذات قيمة معنويّة في خزانتكِ
سترة صغيرة من Dior من المخمل، مطرّزة بخيوط ذهبية، ارتديتها أكثر من مرّة، وهي قطعة عزيزة جدّاً، لأنها كانت لأمّي، رحمها الله.
مستحضر مكياج لا تستغنين عنه.
كلّ ما له علاقة بالحواجب.
لو لم تكوني ممثّلة، أيّ مهنة اخترتِ؟
أيّ مهنة فيها نسبة مخاطرة عالية، يحفّزني الأدرينالين لأعطي أفضل ما عندي. ربّما كابتن طائرة أو في مجال البورصة.