الشعور بفراغ حادّ، الرؤية المشتتة، النظرة التشاؤمية والسوداء، الأرق، الصداع المزمن، الصراع الداخلي، أمور لا يفهمها إلّا من عاش أو يعيش الإضطراب النفسي. إن الألم النفسي في هذه الحالات هو أكبر من أي ألم جسدي، فليس من السهل أن يتغلغل الوجع في القلب والروح.
لسوء الحظ، معدل الإصابات بالأمراض النفسية يزداد يوم بعد يوم، خاصة في البلدان العربية. صحيح أن الضغوطات اليومية والصدمات في حياتنا، كفيلة بأن توصلنا إلى الهاوية وربما الإنتحار، لكن وحدها الإرادة والرغبة بالعيش بسعادة، قادرة على التغلّب على كل ما يؤذي حالتنا النفسية. في نفس الإطار، تسعى الكثير من النجمات إلى نقل تجربتهنّ مع الإضطراب النفسي، بهدف نشر التوعية. هذا ما أخذته النجمة الإماراتية بلقيس فتحي على عاتقها وقامت بهذه المهمّة من خلال فيديو قصير وحصري، بمشاركة بعض محررات "جمالكِ".
Balqees Fathi، نجمة غلاف ورئيسة تحرير مجلة جمالكِ لعدد ديسمبر 2019، لم تجذب الأنظار نحوها بجمالها الطبيعي، حيويتها وعفويتها فقط، بل أيضاً بقوّتها وإرادتها في تخطّي الصعوبات. كلمات مؤثرة قليلة، اختصرت تجربتها الطويلة مع الرهاب الإجتماعي. كبتت بلقيس فتحي دموعها أثناء التصوير، ووجّهت رسالة إلى كل فرد بضرورة استشارة طبيب متخصص وعدم التكتّم على حالات الإضطراب مهما كان نوعها. ما تحدّثت عنه من عوارض كانت تصيبها، ليس من السهل تذكّره حتى. Balqees Fathi كان تعاني من الرعشة الدائمة، إنهيارات تدفعها إلى ضرب نفسها، الصداع الدائم وغيرها من الأعراض الخطيرة. هذه النجمة التي تطبع اليوم بصمة في عالم الفنّ، سبق وعانت من الشعور بضعف حادّ من دون أن يعيرها أحد الإهتمام، وصفت ذلك بالقول: "كنت أحس أنني إنسانة هشّة، مثل الورقة... صعب وما حد كان يدري فيا". ختمت بلقيس فتحي موجّهةً رسالة من القلب، بأهمية استشارة طبيب نفسي، فهذا الأمر ليس معيب. العيب يكمن في التكتّم والسماح للإضطراب النفسي التأثير على حياتنا، حتى "يقتلنا بصمت".
بلقيس فتحي تكشف عن معاناتها من الرهاب الإجتماعي عام 2018
بالحديث عن تجربة بلقيس فتحي مع الرهاب الإجتماعي، لا بدّ من العودة إلى اللحظة التي أعلنت فيها للجمهور عن معاناتها وتغلّبها على هذا الإضطراب. في العام 2018، كشفت عن ذلك خلال مؤتمر تيدكس العالمي، لتعود وتنشر هذا العام مقاطع فيديو تتحدّث فيها عن تجربتها الصعبة. نقلت معاناتها إلى الجمهور، مشيرة إلى أنها في عمر الـ13 تقريباً كانت تخشى التعرّف إلى ناس جدد، كما كانت ترتعش في كلّ مرة تقف مديرة المدرسة إلى جانبها. عندما أصبحت في العشرينيات، اكتشفت أنّ التوتر والقلق الذي يصيبها كلّما تكلّمت مع شخص جديد أو حتّى بسبب شدة الإنفعال من الفرح، هو ناتج عن مرض يسمّى الرهاب الإجتماعي! من هنا، قرّرت بداية أن تعالج نفسها في المنزل لكنّها لم تكن متأكّدة أنّها تعاني مئة في المئة من هذا المرض، لذلك أرادت الذهاب إلى الطبيب النفسي على الرغم من أنّ والدتها رفضت ذلك.
بعدما تأكّدت بلقيس فتحي من أنّها تعاني من الرهاب الإجتماعي، أعطاها الطبيب النفسي العلاج الصحيح وذلك عبر تناول أدوية خاصة، والعمل الذاتي على كيفية تخطّي هذه المشكلة وذلك من خلال إقناع الذات بأنّها تريد تخطّي مرض الرهاب الإجتماعي. ها هي اليوم بلقيس فتحي تخلّصت من هذه المشكلة نهائياً!
في الختام نقول لكِ، لا تدعي الخوف من المستقبل يتملّككِ، لا ترتعبي من المجهول، لا تكثري التفكير في أمور لا تستحق، افعلي ما بوسعكِ كي لا تدخلي في نفق طويل مظلم ولا تتكتّمي عن الموضوع بل اخبري من حولك. تغلّبي على مخاوفكِ النفسية واجعلي حبّك للحياة، السلاح الوحيد لقتل الإضطراب الذي ينتابكِ. لا تستهتري بالعوارض واستشيري متخصص، ليزوّدكِ بالنصائح المهمّة ، فتجتازين هذه المرحلة الصعبة بقوّة وعزيمة.