على وقع أنغام صباحيّة وفنجان قهوة، تجلس رائدة الأعمال الإماراتيّة روضة القبيسي في غرفتها الخاصة بصناعة العطور. ضمن أجواء ساحرة، تنتج خلطاتها الخاصّة من الأريج العربيّ والإماراتيّ القديم و الروائح الفرنسيّة، إضافةً إلى أجمل أنواع البخور. كلّ هذه الإبتكارات ترتكز على فكرة واحدة، وهي العلاقة الراسخة ما بين التراث الإماراتيّ والعطور.
روضة القبيسي تبتكر عطور بذاكرة العادات والتقاليد الإماراتيّة
في ظل التطوّر اللافت في عالم صناعة العطور، تعبّر الإماراتيّة روضة القبيسي عن رغبة حقيقيّة تدفعها للحفاظ على عطور أقرب لـ«الذكريات». من هنا، هي تعمل على تقديم عطور مقتبسة من العادات والتقاليد المحليّة.
البداية من معمل منزليّ
عشق روضة للعطور لا يوازيه حبّ آخر، فهي تقضي في الغرفة المخصّصة لصناعة العطور في منزلها ساعات متواصلة. في هذه الزاوية تنفصل روضة عن العالم، وتبحر بخيالها وخبرتها، لتنتج أجمل العطور. حزينة كانت أو سعيدة، المكان الوحيد للتعبير عن ذلك هو مشغلها المنزليّ، تلك الغرفة المخصّصة لخلق أجمل الروائح.
الإمارات وعطور روضة القبيسي: علاقة راسخة
بالنسبة لروضة القبيسي، هناك علاقة راسخة ما بين الإمارات والعطور، وهذا أبرز ما قالته: "للإمارات تراث غنيّ بالعطور، الطيب، الروائح المختلفة، والخلطات العربيّة. من هنا حفّظتُ في ذاكرتي أساليب صناعة العطور القديمة. في ذلك الحين، كانوا يصنعوا العطر عن طريق "المرود"، وهي عبارة عن أداة صغيرة ودقيقة تشبه المكحل." ثمّ أضافت: "في تلك الفترة، لم يستخدموا الرذاذ كما في العطور الفرنسيّة، فطريقة رشّ العطر بالرذاذ سهلة. عند انتقالي من هاوية إلى صانعة للعطور، حاولتُ أن أبرز العطور العربيّة والإماراتيّة، ليكون استخدامها رائجاً. يتمثّل هدفي هذا في الحفاظ على العطر العربيّ منعاً لاندثاره".
في السياق نفسه، تحدّثت روضة القبيسي عن حبّها لتصميم العطور منذ طفولتها. هي بدأت في الـ12 من عمرها. كانت ورشتها الأولى لدى جدتها، والدة أبيها التي علّمت روضة كيفيّة مزج المواد، وصنع أجود أنواع البخور، وطرق خلط الزيوت العطريّة. كلّ ذلك علّم روضة أساليب إنتاج عطور تبقى راسخة في المكان، وعلى الملابس لفترة أطول، دون أن تتأثر بالأجواء المحيطة.
صناعة العطر: هواية نابعة من القلب
لم تذهب روضة القبيسي يوماً إلى مصانع أو مدارس صناعة العطور، لكنّها اعتمدت على التعّلم الذاتي والموهبة. أما الآن، فهي تقدّم ورشاً عمليّة للراغبين في تعلّم صناعة العطور. خلال هذه الورشات، تعرّف روضة الحاضرين على درجات الحرارة الخاصة بالعطور والبخور، اختلاف كل منها وما ينتج عنها، طرق مزج المواد، وما هو غير قابل للمزج من حيث التكوين وثبات الرائحة. في حديثها، قالت عن عشقها للعطور: "بدأتُ بدخول سوق العطور رسميّاً في العام 2008، كما أنّني أقتني كافة المواد الخاصة بالعطور العربيّة وزيوتها ومن بينها العود، لأنّه من الزيوت الثابتة التي تتناسب مع الأذواق المحلية. أما بالنسبة للعطور الفرنسية، فكلّ شيء متوّفر في دبي، ويمكن الوصول له بسهولة". ثمّ أردفت قائلةً: "أشعر أننّي أبدع في شيء أحبّه فعلاً. من بين أجمل التعليقات التي تصلني حبّ الناس للعطور التي فاحت رائحتها. حقيقةً تسعدني تلك الشهادات وتحفّزني للتفكير بالإبتكارات الجديدة."
من جهة أخرى، أوضحت رائدة الأعمال الإماراتية روضة القبيسي أنّها بدأت تستوحي أسماء العطور في البداية من أوّل حرف في اسمها. هي وضعت أرقاماً بجانب الحرف من 1 إلى 10، وأطلقت تلك العطور، مشيرة إلى أنها تختار الأسماء من وحي الفكرة التي ألهمتها لصناعة العطر. على سبيل المثال، هي أطلقت عطر جديد صنعته بطلب من صديقة لها تحبّ الغيم فأسمته "غيمة".
روضة القبيسي ومحبّي العلامة
من جهتها، تتواصل روضة القبيسي مع جمهور علامتها ومحبي العطور والبخور، عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة. تارةً تريهم أن كل ما تصنعه هو بالفعل نتاج عمل يديها، وليس جاهزاً تعيد بيعه كما يدعي البعض. أما تارةً أخرى، فتعلّم الراغبين خطوات صنع العطور. من الجدير ذكره، هو أنّها أنشأت صفحات رسميّة خاصّة بعلامتها على مواقع التواصل باسمها.