أصبح يوم 22 فبراير من كل عام مناسبة عظيمة للإحتفال بتاريخ تأسيس الدولة السعودية وفرصة لاستذكار الإنجازات والنجاحات التي قامت بها المملكة منذ العام 1727 حتى اليوم. تعمّ الاحتفالات والفعاليات الضخمة، والحفلات الغنائية والفنيّة، والمسيرات الجوّالة، والعروض الضوئية البلاد احتفالاً بهذا اليوم العظيم، ووسط كل هذه الاحتفالات يتم رفع شعار يوم التأسيس السعودي. هل تأمّلتِ جيّداً هذا الشعار وتساءلتِ عن معنى الرموز الموجودة عليه؟ سنجيب عن تساؤلاتكِ في هذا المقال، ونعرّفكِ على كافة الرموز الموجودة على الشعار وما هو معنى كل واحد منها.
رموز يوم التأسيس السعودي
يأتي شعار يوم التأسيس السعودي على شكل دائري، ويحتوي على 5 رموز مختلفة. يتوسط العلم السعودي الشعار ويظهر مرة واحدة، في حين تتوزع باقي الرموز الأربعة حول العلم السعودي بشكل دائري، ويتم تكرار كل رمز منها أربعة مرّات. بالإضافة إلى هذه الرموز، يحتوي شعار يوم التأسيس السعودي على عبارة "يوم التأسيس – 1727 م"، والتي كُتبت لتوثيق تاريخ الدولة السعودية الأولى. أكملي القراءة لكي تتعرّفي على الرموز الخمسة وإلى ما ترمز.
1- العلم من من رموز شعار يوم التأسيس السعودي
عندما تنظرين إلى شعار يوم التأسيس سترين في الوسط العلم السعودي، وهو يرمز للوحدة والانتماء والوطنية. مرّ العلم السعودي بمراحل عدّة قبل الوصول إلى ما عليه اليوم. كانت أولى تلك المراحل في عهد المؤسس الإمام محمد بن سعود، وكان علماً أخضر مشغولاً من الخز والإبريسم، ويكون جزؤه القريب من الحامل أبيض، واللون الأخضر الذي يرمز إلى النماء والعطاء والرخاء، وتتوسطه كلمة التوحيد. لقد استمر هذا العلم حتى الدولة السعودية الثانية، وفي عهد الملك عبد العزيز، اتخذ علم الدولة السعودية الأولى مع إضافة بعض التعديلات البسيطة مثل السيف تحت كلمة التوحيد، وأن يكون لونه أخضر بالكامل.
2- النخلة من رموز شعار يوم التأسيس السعودي
تحتل النخلة مكانة مرموقة في السعودية، وقد استطاعت أن تكون جزءاً أساسيّاً من الهوية والثقافة والتراث السعودي وكذلك مصدراً من مصادر الدخل بما تنتجه من تمور بأنواع مختلفة. من هنا، ليس من المستغرب أبداً أن تكون النخلة موجودة على شعار يوم التأسيس السعودي فهي ترمز إلى الهوية السعوديّة، وعندما تنظرين إلى الشعار ستجدين أن رمز النخلة مكرّر 4 مرّات. تُعدّ النخلة أحد أهم الموارد الطبيعية التي يتم الاعتماد عليها من تلك الحقبة حتى اليوم، كما تم استخدامها آنذاك لصنع منها أهم المستلزمات الضرورية، كالحصيرة والمهفة والسفرة والمبرد والسلال والأبواب والأقفال، وغيرها الكثير من الأشياء.
3- الخيل رمز من رموز شعار يوم التأسيس السعودي
يمكنكِ أن تري أيضاً على شاعر يوم التأسيس السعودي الخيل مكرّراً 4 مرّات، في الواقع أثبتت الاكتشافات الأثرية أن الجزيرة العربية هي المهد الأول للخيل، وقد استؤنست الخيول على أراضيها للمرة الأولى في التاريخ قبل أكثر من 9 آلاف عام. وفي ذلك الحين أصبح الخيل مصدر الاعتماد الأول في الحروب والتنقل. إذاً، وجود الخيل على شعار يوم التأسيس السعودي يرمز إلى تلك العلاقة بين الخيل والعرب المتأصلة بجذور عميقة منذ القدم. ارتبط الخيل والفروسية بتاريخ الجزيرة العربية ارتباطاً وثيقاً، ولم تنفك عن الذكر منذ تأسيس الدولة السعودية الأولى حتى الوقت الحاضر. لقد حرص الأئمة دائماً على اقتناء نجائب الخيل (أي أفضل الأنواع) والاهتمام بها، مما أعطاها قيمة معنوية ومادية كبيرة. وكان لاهتمام أئمة الدولة السعودية الأولى بمرابط الخيل والخيول العربية الأصيلة وعنايتهم بها دور في إنقاذها وتكاثرها في المنطقة، كما انتشرت كثير من المرابط لدى القبائل والأسر الكبيرة في أنحاء البلاد السعودية، لتسهم في تحسين سلالات الخيول العربية الأصيلة وحفظها في الجزيرة العربية.
4- الصقر من رموز شعار يوم التأسيس السعودي
تم وضع الصقر على شعار يوم التأسيس السعودي لسببين:
1- كانت تُعدّ رياضة الصيد بالصقور من الرياضات والهوايات الشهيرة في مجتمع الجزيرة العربية، وهي أحد أصناف علم "البيزرة" المعروفة في التراث العربي، وهو علم معرفة الطيور الجارحة من حيث صحتها ومرضها ومعرفة علامة قوتها في الصيد. إهتمّ الإنسان بالصيد من أجل لقمة العيش من جهة، وللترفيه وقضاء وقت ممتع من جهة أخرى. ارتبط الصيد بالعرب منذ القدم، وقد كان ينظر لرياضة "الصقارة" على أنها رياضة الملوك والزعماء والأعيان.
2- كان هناك اهتمام كبير بالصقور لأنها رمز للقوة والفخامة، ففي فترة الدولة السعودية الأولى، كانت الصقور من الهدايا الثمينة التي تهدى بين شيوخ القبائل كرمز للصلح في حل الخلافات بينهم، ويُعدّ الشاهين والوكري أشهر أنواعها وأثمنها.
5- السوق من رموز شعار يوم التأسيس السعودي
يمثّل السوق مصدر الرزق المعتمد خلال فترة الدولة السعودية الأولى، وقد بلغت الأسواق حينها أوجّ اتّساعها الجغرافي والسياسي، وبلغت أقصى قوتها ومجدها، وتعددت مصادر الدخل وثروات السكان. كانت السوق في الدولة السعودية الأولى عبارة عن دكاكين أو موائد مبسوطة على الأرض، تعرض عليها البضائع. هذه الأسواق كانت تسمى "الموسم"، وهي لهجة محلية تعني موضع البيع والشراء، ولا تعني المواسم المؤقتة للبيع، بل هي دكاكين دائمة مملوءة بالبضائع يزدحم بينها المتسوقون والمارون بها، واشتهرت الدولة السعودية الأولى بأسواقها العامرة في نجد والحجاز وتهامة. عمل الكثير من مواطني الدولة السعودية الأولى في التجارة، التي تمثل مورداً أساسياً لأهل البلدة إلى جانب الزراعة والفلاحة.
لا تُعدّ هذه الشعارات رموزاً فحسب، فكل منها يحمل تفاصيل أعمق، كانت سبباً في توحيد الجزيرة العربية، فمن النخلة الغذاء، وبالخيل حارب الفرسان، وبالصقر تكمن الأصالة، وبالسوق نشط الاقتصاد، حتى أكملت هذه الأركان، ليتم تأسيس الدولة السعودية ورفع العلم في العام 1727.