هنا، في جايبور، ثمّة أيادٍ خفيّة تخطفكِ، من دون استشارتكِ، إلى زمنٍ سيطر عليه الثراء، الجمال والنفوذ، زمن المهراجا. مهما كانت رؤيتكِ للحياة، مهما بلغ حبّكِ للحداثة والواقعيّة والتساوي بين الناس، سكتشفين هنا الجانب المخفيّ فيكِ. المجوهرات والأحجار الكريمة تغمر مفاتنكِ، الزيوت والأيادي المعالجة تلفّ جسمكِ وتمدّكِ بالطاقة، الأقمشة الحريريّة الملوّنة تلامس بشرتكِ بتأنٍّ وكأنّكِ قطعةٌ من الكريستال، القصور والقلاع تنتظركِ لتجلسي بين أسوارها وتتناولي الطعام كمهراني أتقنت فنّ تدليل نفسها... احتجتُ لبعض الوقت لأصحو من حلمي الذي دام 4 أيّام...
جايبور، عاصمة ولاية راجاستان الهنديّة، المدينة الزهريّة، مدينة الانتصار... ألقاب عدّة لاسمٍ يتردّد صداه مثل قصص "ألف ليلة وليلة"، يحمل معه روائح القصور والقلاع التي تروي تاريخاً تلتقي فيه الهند الذهبيّة مع الهند المكتظّة بالسكّان... نعم جايبور تشبه سيّدةً تعاني من انفصام الشخصيّة، تجتمع فيها كلّ تناقضات العالم، لكنّ هذا ما يجعل منها جميلة، ساحرة...
جايبور هي أكبر مدينة في ولاية راجاستان، بناها المهراجا Sawai Jai Singh في القرن الثامن عشر. إضافةً إلى القصور القديمة، تملك أسواقاً لبيع الكشمير، الحرير والمجوهرات المرصّعة بالأحجار الكريمة الملوّنة. تذكّري فقط ألّا شيء يملك ثمناً ثابتاً هنا، لذا أطلقي العنان لروح التاجر فيكِ وفاصلي قبل شراء ما ترغبين به. قد تصلين إلى نصف الثمن المذكور على القطعة! ستلاحظين أنّ بعض محال المجوهرات والكشمير التي تدخلين إليها تملك قطعاً باهظة الثمن، وذلك يعود إلى الجودة العالية للبضائع وإلى توجّه هذه المحال للطبقة الثريّة في المدينة.
عراقة الضيافة الهنديّة في Fairmont
مزمارٌ وآلة إيقاعيّة يرحّبان بكِ فور دخولكِ من الباب العريض للفندق. في هذا البناء المستوحى من حضارة المغول وملوك راجبوت، سيُخيّل إليكِ أنّ عسكراً من المساعدين جُنّد لمساعدتكِ. الدلال في قمّته! أمّا الغرفة، فرحلةٌ أخرى! سريرٌ هنديّ ملكيّ، وحمّامٌ واسع مليء بالمرايا مع مغطسٍ تزيّنه خدمة الغرف يوميّاً ببتلات الأزهار العطريّة والأملاح المفيدة للبشرة. مفاجأة صغيرة تنتظركِ كلّ يوم لدى عودتكِ: نجمةٌ من بتلات الأزهار على أرض الحمّام، فيلٌ مصنوع من الشوكولا أو فيلٌ آخر مصنوع من المناشف البيضاء.
هنا عاش ملوك المهراجا في Taj Rambagh Palace
تتوقّف العربة التي يجرّها خيلان أمام هذا القصر المحاط بـ 19 هكتاراً من الحدائق الخلّابة. تستقبلكِ امرأةٌ هنديّة بوضع عقدٍ من الياسمين حول رقبتكِ ورسم نقطةٍ من بودرة الكركم الحمراء بين حاجبيّكِ. إنّه تقليدٌ مشهور يدعى الـ Bindi ويرمز إلى العين الثالثة. فندقٌ فخم يتألّف من 90 جناحاً وغرفة: ألوان مليئة بالحياة، أثاث قديم، سرائر مع ستائر، لوحات مرسومة باليد وحمّامات رخاميّة... وفي واحةٍ خضراء بين الحدائق، يقع منتجع Jiva الذي صُمّم لملكة المهراجا Gayatri. جلسات العناية المقدّمة تستند إلى تقاليد قديمة وتستخدم مستحضراتٍ طبيعيّة مصنوعة من الأعشاب، الزيوت الأساسيّة والمكوّنات الهنديّة. جلسةٌ في وسط الخضار ستجعلكِ تتذوّقين متعة الحياة بفمٍ ملآن.