عُدت من هذه الرحلة مع مجموعة من الذكريات التي عشتها لمدّة 4 أيّام في الأردن، تحديداً في مدينة العقبة التي يمتزج فيها التاريخ بالأصالة! في هذه التجربة الفريدة من نوعها، انتقلت بين الصحراء الذهبّية والشواطئ الجميلة لأرجع فجأةً بالزمن إلى الوراء لحظة زيارتي للمعالم الأثريّة. ما علّقني أكثر بالمدينة. كان دفء شعبها المضياف وفخامة فندق Al Manara الذي استقبلني طول فترة إقامتي، أوقاتٌ لن تفارقني...
استكشاف المعالم الأثريّة، عيش نمط حياة سكّان المنطقة والاستمتاع برفاهيّة الفندق، هذه كانت أهداف رحلتي. بالرغم من الساعات الطويلة التي أمضيتها في السيّارة للوصول من المطار إلى مدينة العقبة، وتحديداً إلى فندق Al Manara التابع لسلسلة The Luxury Collection، استحقّ الأمر كلّ هذا العناء! عند وصولي إلى الفندق، رحّب بي فريق العمل، بحضور مدير عام المشروع Gregory De Clerck. شعرت وكأنّني ملكة حقيقيّة! تمّ استقبالي على الطريقة التقليديّة، من خلال تقديم شراب الكركديه والقهوة العربيّة. تأمّلت تصميم الفندق... الحضارة الأردنيّة تسكن في كلّ زاوية من زوايا المكان وبلمسةٍ عصريّة، من خلال إشراقة اللّونين الأحمر والأبيض، أمّا الديكور فلا يبعد أبداً عن الفنّ والحضارة من خلال الزخرفة، القناطر وقطع الفينتاج التي تمجّد التراث العربي.
في الجهة الأخرى، سرح خيالي بالبحر الأحمر حتى وصل نظري لحدود الأراضي المصريّة المجاورة للعقبة. إنّها المرّة الأولى التي أزور فيها منطقة مشابهة بجغرافيّتها، البحر أمامي والصحراء خلفي! الأسواق مجاورة لي أيضاً، والنشاطات كثيرة من حولي، من أين أبدأ؟ قبل الانطلاق إلى المغامرات، استرحت قليلاً في غرفتي أو لنقُل في جناح الملكة!
للأطباق طعمٌ خاصّ هنا! يتقن فندق Al Manara هذا الفنّ المترف، والخيارات أكثر من متنوّعة... في مطعم Taybeh Al Manara، تناولت وجبة الفطور واحترت ماذا أختار من البوفيه الكبيرة التي تقدّم وجباتٍ صحيّة ولذيذة. في مطعم Kubba Levantin الشرق أوسطيّ والذي يشرف عليه الشيف محمد الموسلي، أحببت الأطباق العربيّة بلمسة غربيّة. أمّا العشاء الأكثر غرابة بالنسبة لي، فكان ذاك الذي أقيم على رمال البحر الأحمر. تذوّقت اللّحم المطهو داخل أوانٍ تحت الرمال. هذا الطبق الصحّي ما زال معتمداً في المناسبات كتقليدٍ بدويّ.
ما من رحلة مترفة مكتملة، من دون تجربة علاجات وجلسات التدليك! جرّبت تدليك Balinese Massage لمدّة ساعة على أنغام الموسيقى الهادئة وأضواء الشموع الرومانسيّة ووسط هالة عطريّة منبثقة من عبير الزيوت. تشمل تقنيّات هذا التدليك التركيز على نقاط الضغط التي تقلّص من حدّة التشنّج وتطبّق خلالها خلاصة الزيوت على كامل الجسم ممّا يولّد راحةً واسترخاء. بعد الانتهاء من التدليك، شعرت بأنّ الوقت توقّف، إذ تلاشى التوتّر من جسمي وأردت بأن أبقى في هذا المكان إلى الأبد!
لأنّ المملكة الأردنّية هي موطن لأقدم وأعظم الحضارات في المنطقة، لا يمكن مغادرتها دون زيارة معالمها الأثريّة، واختبار تقاليدها المتنوّعة. حين نتكلّم عن الأدرن، لا يمكن ألّا نذكر مدينة البتراء الأثريّة، إحدى عجائب الدنيا السبع. أسرتني بسحرها الأخّاذ، لأنّها ليست مجرّد إنجاز ضخم نحتها الأنباط منذ قرون فحسب، بل مملكة التاريخ بحدّ ذاته. انتقلت بعدها إلى بيت أردني أصيل، حافظ على تقاليده رغم كلّ التطوّرات وتذوّقت هناك طبق المقلوبة الذي يتألّف من الأرزّ، الخضار والدجاج وإلى جانبه اللّبن أو السلطة، أمّا ختام الزيارة فكان مع طبق الحلوى العربيّة. التحدّي في هذه الرحلة كان الاندماج بالفعل في نمط الحياة السائد، الانخراط بالسكّان المحليّين وممارسة النشاطات التقليديّة. لن أنسى زيارتي إلى مزرعة آل جربى، حيث قطفت الزيتون والجوز للمرّة الأولى في حياتي.
انتقلت في هذا النهار من سيّارةٍ مكيّفة إلى شاحنةٍ صغيرة مكشوفة عند الخلف، لعيش المحطّة الأبرز في هذه الرحلة: وادي رم. تشبه تضاريس الوادي سطح كوكب المريخ بلون رمالها الأحمر والغنيّة بالمعادن. يضمّ هذا المكان الساحر، كثباناً رمليّة وأخاديد اكتشفت فيها كتابات لشعوبٍ قديمة مرّت من هناك. أمّا المفاجأة الكبرى، فكانت التعرّف إلى الشعوب البدويّة التي ما زالت حتى اليوم تتنقّل ضمن أجواء الوادي... اكتشفت حضارتهم وتناولت معهم وجبة أردنيّة بحتة: المنسف. يتألّف هذا الطبق من الأرزّ، اللّحوم والخبز الطازج ويتميّز بلبن الجميد. قضيت ليلة في وادي رم في مخيّم Memories Aicha Luxury Camp ولن أنكر أنّ الخوف انتابني لأنّي كنت أنام وسط صحراء غامضة! إلّا أنّ الترف خلال هذه الرحلة لم يغب حتى في قلب الصحراء، فداخل الخيمة مجهّز بالمكيّف ومزيّن بزخرفة شرقيّة جميلة. قبل الخلود إلى النوم، تأمّلت السماء الليلكيّة، القمر والنجوم.
أخيراً أقول لكم أن شهر أكتوبر هو الوقت الأنسب لزيارة هذه المناطق، فالمناخ كان معتدلاً نسبيّاً!
إقرئي أيضاً: 5 منتجعات حول العالم للتمتع بالاستجمام والراحة!
San Sebastián: وجهة السفر المفضلة لدى عاشقات الطعام!
