يكفي أن تتنزّهي بين أبيات قصيدة "كمّ الدانتيل" للشاعر نزار قبّاني، أو أن تسافري إلى حقبة السبعينيّات من خلال الاستماع إلى أغنية Chantilly Lace للمغنيّ الأميركيّJerry Lee Lewis ، لتتأكّدي من أنّ لملك الأقمشة تأثيراً لا يُستهان به على كافّة المجالات والأزمنة! اختلف المؤرّخون حول جذور قماش الدانتيل، لكنّ الأمر المؤكّد هو أنّ أصداءه بدأت تُسمع منذ القرن السادس عشر، لا سيّما في أوروبا. من أزياء الملوك إلى منصّات العروض العالميّة، مرّ الدانتيل بمحطّاتٍ لا بدّ أن نستذكرها في عالم الموضة...
لا شكّ أنّكِ رأيتِ لوحاتٍ ورسوماتٍ تعود إلى القرن السادس عشر، تصوّر الملكة البريطانيّة Elizabeth I مرتديةً ياقة ضخمة من الدانتيل. ذلك ما هو إلّا مثالٌ على ما كان يرتديه الملوك والملكات في أوروبا في ذلك الوقت. كان الدانتيل آنذاك يُصنع باستخدام الإبرة أو البكرة، ما كان يستهلك الكثير من الوقت ويتطلّب مهاراتٍ عالية. هذا ما جعل منه قماشاً باهظ الثمن ، فبات حِكراً على الطبقة الحاكمة، من نساءٍ ورجال، إلى أن تمّ اختراع آلة تصنيع الدانتيل في القرن التاسع عشر.
هذا القماش الذي يصفه Pat Earnshaw، مؤلّف كتاب Lace Machines and Machine Laces في العام 1986، بـ"الثقوب المحاطة بالخيوط"، يجمع بين تقنيّات التطريز، الحياكة، الغزل، الكروشيه وغيرها. منذ ظهوره، زيّن الياقات، الفساتين، الثياب الداخليّة، الأكسسوارات، الأكمام، القبّعات، الأحذية، طرحات فساتين الأعراس، الأوشحة، وحتى أغطية الطاولات، السجّادات وغيرها... على سبيل المثال، اختارته الملكة البريطانيّة Victoria ليزركش فستان زفافها من Prince Albert في العام 1840.
القرن التاسع عشر شرّع الأبواب لانتشار الدانتيل أكثر فأكثر، فأصبح في متناول الجميع! شيئاً فشيئاً، راح يتّخذ أشكالاً أكثر بساطة ويعبّر عن أنوثةٍ مطلقة ورومنسيّة حالمة. في القرن العشرين، أصبحت صناعة الدانتيل تُدرّس في بلدانٍ عدّة، كالنمسا، ألمانيا، الدنمارك، كما غزا هذا القماش الراقي عالم الموضة بخطىً واثقة!
تطوّرت آلات تصنيع الدانتيل في حقبتيّ العشرينيّات والثلاثينيّات، ما سهّل على مصمّمي الأزياء استخدامه في مجموعاتهم، فأدخلته Gabrielle Chanel مثلاً على الفساتين الليليّة. زادت شعبيّته في الخمسينيّات، ثمّ في الثمانينيّات. وهكذا، موسمٌ تلو الآخر، بات الدانتيل لا يفارق منصّات العروض من نيويورك إلى باريس...
كان للنجمات حصّة كبيرة في ارتداء الدانتيل، مثل الممثّلة البريطانيّة Audrey Hepburn، الممثّلتين الأميركيّتين Marilyn Monroe وGrace Kelly، ملكة البوب Madonna، وصولاً إلى دوقة كمبردج Kate Middleton، وغيرهنْ. في العام 1950، اعتمدت الممثّلة البريطانيّة Elizabeth Taylor فستاناً من Helene Rose مصنوعاً من الدانتيل والساتان خلال حفل زفافها من Conrad “Nicky” Hilton. أمّا في العام 2006، فارتدت الممثّلة Katie Homes فستاناً من الدانتيل من Giorgio Armani في حفل زفافها من الممثّل الأميركيّ Tom Cruise. لن ننسى أيضاً أنّ الدانتيل رافق إطلالات النجمات على السجّادة الحمراء وفي مناسباتٍ مختلفة...
دار Dolce & Gabbana هي من أكثر الدور التي اشتهرت باستخدام قماش الدانتيل في مجموعاتها، فهي تولي اهتماماً كبيراً بالتراث، التاريخ وترف الأعمال اليدويّة. لكن هذا لا يعني أنّها لم تترك حصّة كبيرة لدور أخرى، مثل Valentino، Gucci وغيرها. في موسم صيف 2011، ظهر الدانتيل على منصّة عرض دار Erdem وزيّن فستاناً قصيراً أحمر جذّاباً. كما كان ملك المنصّات في موسم خريف 2013، فزيّن فساتين Elie Saab مثلاً، وما زال يرافق مجموعات الأزياء الجاهزة والراقية في كلّ موسم...
حقائق عن الدانتيل:
- هناك أنواع عديدة من الدانتيل، تختلف وفقاً لطريقة التصنيع. على سبيل المثال، الدانتيل المحبوك Knitted Lace، المصنوع بواسطة الإبرة Needle Lace، أو بواسطة البكرة Bobbin Lace، أو على طريقة الكروشيه Crocheted Lace، وغيرها...
- اللّونان الأكثر انتشاراً في تصاميم الدانتيل هما الأحمر والأسود. يليقان مع حذاءٍ حياديّ اللّون ذي كعبٍ عالٍ، أو مع حذاء جلديّ عالي الساق. قد يأتي الدانتيل أيضاً باللّون الأبيض. اليوم، أصبح أكثر جرأة، إذْ بات يتّخذ ألواناً متعدّدة، كالأخضر، الزهريّ وغيرها.
- مدينة البندقيّة الإيطاليّة والإقليم الفلامنديّ في بلجيكا شكّلا المكانين الأكثر شهرةً بتصنيع الدانتيل منذ ظهوره.
إقرئي أيضاً: أبرز المحطّات والذكريات التي طبعت عالم الموضة في العام 2015