في الوقت الذي تتغيّر فيه صيحات الموضة بوتيرة متسارعة، يبقى التاج ثابتاً وبعيداً عن أيّ منافسة. فهو لم يكن يوماً مجرّد زينة، بل كان ولا يزال إعلاناً عن الحضور، الهيبة، والمكانة. من أيام الأباطرة والملوك إلى نجمات هوليوود وعروض الأزياء، لم يفقد التاج بريقه، بل اكتسب معنى جديداً يمزج بين التراث والتعبير الشخصيّ.
رمز للقوّة والهيبة
لطالما ارتبط التاج بالقوّة والهيبة، فهو رمز استخدمه ملوك فارس القدماء، وكذلك اليونانيّون والرومان، للدلالة على مكانتهم الاجتماعيّة العليا. كانت أولى أشكال التيجان أشرطة معدنيّة مزيّنة بأوراق الغار أو الأحجار الكريمة. في العصور الوسطى، بدأت الملكات والأميرات باعتماد التيجان، غير أنّ تسريحات الشعر الضخمة والمعقّدة آنذاك جعلت من الصعب تثبيتها على الرأس، فتم التخلّي عنها تدريجيّاً.

عصر النهضة، ولادة بريق جديد
تأسّست دار Nitot على يد Marie-Étienne Nitot في العام 1780، وأصبح الصائغ الرسميّ لـNapoléon I في العام 1802. صمّم تيجاناً فاخرة للإمبراطورة Joséphine مستخدماً رموزاً كلاسيكيّة مثل أوراق الأشجار وحبوب القمح، ممّا أعاد للتاج بريقه ومكانته.
انتقلت الدار لاحقاً إلى Jean-Baptiste Fossin، ثم إلى عائلة Morel ، وازدادت شهرتها في بريطانيا بدعم من الملكة Victoria. في العام 1885، تغيّر اسمها إلى Chaumet بعد زواج Joseph Chaumet منMarie Morel. في القرن التاسع عشر، أصبحت تصاميم التيجان أكثر تناغماً مع الذوق الملكيّ والرموز الكلاسيكيّة، وزُيّنت بنقوش مستوحاة من الحضارات القديمة، الدوّامات، والعناصر النباتيّة، إلى جانب الأحجار المنحوتة يدويّاً.

العصر الفيكتوري: التاج كإعلان صامت عن المكانة الإجتماعيّة
خلال هذه الحقبة، أصبح التاج عنصراً أساسيّاً في المناسبات الرسميّة للطبقة الأرستقراطيّة والبلاط الملكيّ، وبمثابة إعلان صامت عن المكانة الاجتماعيّة والذوق الرفيع. كان للأمير Albert، زوج الملكة Victoria، دوراً كبيراً في تطوّر مجوهرات البلاط البريطانيّ، حيث قدّم للملكة العديد من القطع، أبرزها تاج Oriental Circlet من تصميم Garrard في العام 1853.
العشرينيّات والثلاثينيّات: الحداثة عنوان التيجان
مع حلول العشرينيّات والثلاثينيّات من القرن الماضي، أثّرت حركة Art Deco بشكل كبير على تصميم تيجان تيارا، حيث تمّ استبدال الزخارف النباتيّة الفخمة بتصاميم هندسيّة أنيقة. وظهرت تيجان الباندو مثل تاج Bandeau الذي ارتدته دوقة ساسكس Meghan Markle في زفافها عام 2018، وهو تاج صُمّم للملكة Mary عام 1932 من قبل دار Garrard

Meghan Markle تضع تاج Bandeau

Audrey Hepburn تضع تاج في دور Princess Anne في فيلم Roman Holiday

Elizabeth Taylor تضع تاج Mike Todd في حفل الأوسكار الـ29

Grace Kelly تضع تاج Bains de Mer
ما بعد الحرب: من رمز للسلطة إلى كنز نادر
أدّت الحروب العالميّة وتقلّبات الاقتصاد إلى تراجع المناسبات الرسميّة، وتفكيك العديد من التيجان لتحويلها إلى مجوهرات أبسط. ومع تغيّر دور المرأة وتفضيل الأزياء العمليّة، فقدت التيجان مكانتها اليوميّة وأصبحت حكراً على المناسبات الملكيّة. هذا التراجع زاد من ندرتها، ممّا رفع من قيمتها في أعين هواة الجمع، لتتحوّل من رمز للسلطة إلى كنز أرستقراطيّ نادر. كذلك، ارتدتها نجمات هوليوود في الخمسينيّات والستينيّات مثل Audrey Hepburn وGrace Kelly.

Kate Middleton تضع Cartier Halo Tiara

Scarlet Johansson تضع تاج Fred Leighton Tiara خلال حفل الأوسكار

تضع تاج Kokoshnik من تصميم دار Cartier خلال حفل Met Gala

أغلى 10 تيجان في العالم
تاج Queen Mary’s Fringe
كان في الأصل عقداُ قدّمته الملكة فيكتوريا للأميرة ماري التي طلبت من دار Garrard عام 1919 تحويله إلى تاج. ارتدته بعد ذلك الملكة إليزابيث الثانية في يوم زفافها.
تاج Habsburg-Lorraine
تُقدّر قيمة هذا التاج بـ80 مليون دولاراً، بفضل زمرّده الكولومبيّ وتاريخه الإمبراطوريّ، فقد ارتدته نساء سلالة هابسبورغ، وصمّمه صائغو البلاط الإمبراطوريّ.
تاج Grand Duchess Vladimir
صُمّم من قبل دار Bolin في العام 1874، وهو مرصّع باللآلئ والزمرد. كان في الأصل مُلكاً للعائلة الإمبراطوريّة الروسيّة، ونجا من الثورة بعد تهريبه إلى خارج البلاد. لاحقاً، ارتدته الملكة إليزابيث الثانية.
تاج Nine Provinces
يُعتبر رمزاً لوحدة هولندا وهو مرصّع بالماس والسفير. صمّمه صائغ المجوهرات Van Bever في العام 1966، وارتدته الملكة جوليانا.
تاج Cambridge Lover’s Knot
تحفة ملكيّة مزيّنة بالماس واللؤلؤ، صمّمتها دار Garrard عام 1913 للأميرة ماري، وارتدته لاحقاً الأميرة ديانا، ثم كيت مدلتون في مناسبات ملكيّة بارزة.

تاج Halo
تاج مرصّع بـ888 ماسة، ارتدته Kate Middleton يوم زفافها، وصمّمته دار Cartier عام 1936.
تاج Stuart
يضمّ هذا التاج ماسة ستيوارت التاريخيّة النادرة. ارتدته ملكة هولندا ماكسيما، وأُعيد تصميمه مؤخّراً بأسلوب معاصر.
تاج Mouawad
تاج تبلغ قيمته 10 ملايين دولاراً لاحتوائه على ماسة مركزيّة تفوق 60 قيراطاً. صمّمته دار Mouawad، وارتدته ملكات جمال الكون.
تاج Dutch Sapphire
تاج مرصّع بالماس والياقوت الأزرق، ارتدته Queen Maxima ملكة هولندا، وصمّمته دار Van Der Sichel عام 1881.
تاج Prussian Meander
يتميّز بتصميمه الإغريقيّ الكلاسيكيّ وتاريخه الملكيّ الألمانيّ، ارتدته الأميرة صوفيا اليونانيّة، وصمّمته دار Koch.
التيجان اليوم
لم تعد التيجان حكراً على الملكات، وظهرت في الآونة الأخيرة في مسلسلات مثل Bridgerton، ممّا ساهم في عودتها إلى الواجهة بأسلوب يجمع بين التقليد والتجديد. كما استعادت مكانتها في عروض الأزياء الراقية حيث اختارتها دور مثل Dior وElie Saab كلمسة نهائيّة حالمة لإطلالات العارضات، مستحضِرةً الأجواء الملكيّة بروح عصريّة. كذلك، باتت التيجان خياراً رائجاً في حفلات الزفاف، تتوّج بها العروس يومها الكبير بأسلوب أنيق، ناعم وملكيّ!

