لم يعد الاحتفال محصوراً في ليلة واحدة أو مناسبة محدّدة، بل أصبح موقفاً وطريقة لرؤية الحياة. إنّه فنّ تحويل كلّ لحظة إلى تجربة مُتكاملة... احتفال يبدأ قبل الحدث نفسه، ويتسرّب إلى تفاصيل يومكِ بلا توقّف. في عالم اليوم، أصبحت التفاصيل لغة تقرأ، والاختيارات أدوات دراميّة تصنع المشهد: قطعة من المخمل، عقدة من الساتان، كريستال يلتقط الضوء بطريقة ساحرة، شمعة مضاءة على مكتب، أو باقة ورود تُبث الحياة في زاوية المنزل. كلّ هذه التفاصيل تخلق شعوراً بالاحتفال المتواصل، وكأنّ كلّ يوم يحمل نسخته الخاصّة من سهرة غالا.
تخيّلي أنّ الملابس ليست مجرد أقمشة، بل مسرحيّة صغيرة نعيشها مع كلّ حركة. المكان ليس غرفة فقط، بل مشهد سينمائيّ نتجوّل في كادراته، والهدايا ليست منتجات، بل لحظات مصمّمة بدقّة لتروي قصّة. أمّا الطعام والضيافة فهما عروض مُتقنة، تُغازل الحواس جميعها. ما الهدف من كلّ ذلك؟ تحويل الحياة اليوميّة إلى مشهدٍ احتفاليٍّ يليق بغالا حقيقيّ، حيث تصبح كلّ خطوة، كلّ حركة، وكلّ اختيار، إعلاناً عن الجمال والفرح، والوعي بعيش اللحظة.
لماذا هذا التحوّل؟
مع تسارع وتيرة الحياة وتشتت الروتين بين العمل والشاشات والمسؤوليّات وقلّة الوقت، أصبح الاحتفال وسيلة نستعيد بها ملكيّة لحظاتنا بدل انتظار حدث خارجيّ يمنحها قيمتها. نحتفل لأنّنا نبحث عن مساحة نصنعها بأنفسنا، لا عن مناسبة تُفرض علينا.
الاحتفال اليوم هو:
- تأكيد على الهويّة.
- تقدير للذات بعيداً عن أعين الآخرين.
- طريقة لإضفاء معنى على الأيام العاديّة.
- انحياز واعٍ، فنحن نختار الفرح بدل انتظاره.
توقّفي عن الانتظار… وتألّقي كأنّكِ في احتفال يوميّ
ذلك الفستان الذي فكّرتِ به لأسابيع وتنتظرين مناسبة "تليق به"؟ ارتديه اليوم. ذاك المزيج الغريب بين الريش والساتان، أو بين أقراط ضخمة وحذاء بسيط، وتتردّدين لأنّك لستِ متأكّدة؟ اعتمديه الآن. تسريحة الشعر التي تبدو "أكثر من اللازم" لأمسية صغيرة في المنزل، نفّذيها الليلة. الاحتفال لا يتطلّب دعوة رسميّة ولا بروتوكولاً؛ إنّه اختيار شخصيّ، لحظة تُصنع، لا تُمنح. اختاري القطع التي تعطيكِ إحساساً بانطلاقة المساء، وانسي تماماً فكرة "اللوك المناسب".
جرّبي خامات لامعة، أقمشة انسيابيّة تتحرّك مع الموسيقى، وقطع Statement تعبّر عنكِ قبل أن تتكلّمي. لتكن الموضة شرارة الحدث، لا انعكاسه، فالأزياء ليست مجرّد حضور بصريّ، بل البداية التي تشعل الأجواء الاحتفاليّة بكلّ تفاصيلها. عن هذه الرؤية، تحدّثنا مع مصمّمين للتعرّف على وجهة نظرهم...
مقابلة مع Ziyad Buainain
مصمّم سعوديّ، رابح جائزة FTA لفئة فساتين السهرة 2025. تحتفي علامته بالمرأة العصرية من خلال تصاميم جريئة وأنثوية، مستلهماً من الفن والثقافة مع التركيز على التفرد والتعبير الذاتي.
كيف تتعامل مع فكرة الاحتفال في تصاميمكَ؟ هل تولد من نيّة، أو لحظة آنيّة أو ذكرى؟
أتعامل مع الاحتفال كعاطفة أكثر منه حدثاً. بالنسبة لي، يبدأ بشعور أريد التعبير عنه ثم يتطوّر إلى قصّة. أحياناً تأتي هذه القصّة من لحظة شهدتها، وأحياناً من ذكرى أو صورة تبقى عالقة في ذهني. أرى الاحتفال كاستجابة إنسانيّة لشعور يحرّكنا، قد يكون فرحاً، تحرّراً، ارتباطاً، تمرّداً أو حتى أملاً.
برأيكَ، هل أصبح الاحتفال في الموضة اليوم موقفاً أكثر من كونه مناسبة؟
نعم، أعتقد أنّه أصبح موقفاً. الناس لم يعودوا ينتظرون موعداً أو مكاناً للتعبير عن أنفسهم. أصبح الاحتفال حالة ذهنيّة، وطريقة لإثبات الحضور وكيفية عيش الحياة. وهذا يظهر في الطريقة التي يرتدي بها الناس الأزياء في حياتهم اليوميّة وليس في مناسبة محدّدة.
كيف يمكن لقطعة واحدة أن تغيّر مزاج أمسية كاملة؟
يمكن لقطعة واحدة أن تغيّر كلّ شيء نظراً للطاقة التي تحملها. عندما يرتدي شخص ما تصميماً صُنع بنيّة واضحة، يشعر وكأنّه يدخل نسخة جديدة من نفسه. هذه هي قوّة التصميم: تحويل لحظة إلى تجربة كاملة.
مقابلة مع Ali Younes
مصمّم لبناني يجسّد من خلال علامته Maison Ali جوهر الفخامة عبر الحِرفية العالية، حيث تولد كلّ قطعة وكأنّها عمل فنّي مُصاغ بعناية.
كيف تتعامل مع فكرة الاحتفال في تصاميمكَ؟ هل تولد من نيّة، أو لحظة آنيّة أو ذكرى؟
الابتكار لحظة مشحونة بالعاطفة. إنّه حوار بين الخيال والواقع. ألتقط دائماً ذلك الارتباط الوجداني وأحوّله إلى إبداع جديد.
برأيكَ، هل أصبح الاحتفال في الموضة اليوم موقفاً أكثر من كونه مناسبة؟
الاحتفال في عالم الموضة هو قبل كل شيء موقف! إنّه ما يصنع المزاج والهوية، ويشكّل إعلاناً عن البريق، وتصريحاً بالثقة والحضور.
كيف يمكن لقطعة واحدة أن تغيّر مزاج أمسية كاملة؟
الهوت كوتور سحر بكل معنى الكلمة، يعيد إحياء المشاعر، يغيّر الطاقة، ويتحدّى الجاذبيّة. هناك دائماً إيقاع متبادل بين المصمّم ومن يرتدي تصاميمه. رابط يوقظ الحواس ويغيّر أجواء اللحظة بأكملها.
مقابلة مع Aleen Sabbagh
تقدّم تصاميم تمزج بين الأناقة والأنوثة العصرية، مع التركيز على الحرفية العالية والتفاصيل المبتكرة.
كيف تتعاملين مع فكرة الاحتفال في تصاميمكِ؟ هل تولد من نيّة، أو لحظة آنيّة أو ذكرى؟
أبدأ دائماً من شعور ليتحوّل بعدها إلى شكل بصري. من هناك، ينبثق المفهوم، الشكل، والملمس، جميعها كامتداد لذلك المزاج. تصاميمي تتيح للمرأة أن تعيش لحظة احتفال شخصيّة. لكي نحتفل حقاً، يجب تكريم جمال شكل المرأة وأنوثتها، وترجمته إلى تصميم، وهو لغة أعبّر عنها بعمق في أعمالي.
برأيكِ، هل أصبح الاحتفال في الموضة اليوم موقفاً أكثر من كونه مناسبة؟
لقد تطوّر الاحتفال ليصبح موقفاً. يعيش في الهالة التي تحملها المرأة، في المزاج الذي تخلقه. وفي الطريقة التي تسمح بها لنفسها أن تشعر بالتوهّج من داخلها. بهذا المعنى، الاحتفال هو حالة داخليّة يُعبَّر عنها من خلال الأسلوب والحرفيّة والموقف.
كيف يمكن لقطعة واحدة أن تغيّر مزاج أمسية كاملة؟
يمكن لقطعة واحدة أن تغيّر مزاج الأمسية كلها من خلال تكريم جمال وجوهر المرأة التي ترتديها. عندما تتناغم القطعة مع المرأة، تعزز ثقتها بنفسها، وتصبح محوراً عاطفياً للّحظة. القطعة المصمّمة جيداً تخلق مزاجاً، وتترك انطباعاً يدوم طويلاً.
اصنعي اللحظات بدل أن تنتظريها
الاحتفال هو أسلوب عيش نصنعه بأنفسنا. اللحظات الجميلة لم تعد رهينة التوقيت أو الحضور أو الصور المنشورة، بل أصبحت مساحة داخليّة نخلقها ونختبرها حتى لو كنّا بمفردنا. الطاولات لا تُنسّق لقائمة الضيوف، بل لأنّنا نعيش صباحاً هادئاً يستحقّ أن يكون جميلاً. لم تعد المناسبات تُخطط قبل شهور، بل تُلتقط في لحظة عابرة… لأنّها ليست مرتبطة بالاستعداد بقدر ما هي مرتبطة بالنيّة. حتى الأماكن تغيّرت وأصبحت جزءاً من التجربة: المقاهي، الفنادق الصغيرة، المتاجر المؤقتة، شواطئ المدينة… جميعها أصبحت مسارح يوميّة للاحتفال بالحياة، وليست مجرّد أماكن نذهب إليها في المناسبات.
فنّ الإهداء: توقيع شخصيّ لا واجب اجتماعيّ
إذا كانت الهدايا في السابق معياراً للقيمة أو للمناسبة، فهي اليوم تعبير عن العلاقة نفسها. الهدية لم تعد "ما نشتريه" بل ما نقصده، ما يعكس فهمنا للشخص، أو مشاركة شعوره في لحظة. فلنفكّر بهدايا تحمل رسالة، مثل عطر يقول "هذا ما تخبرني به طاقتكِ"، أو تخصيص القطع مثل نقش الأحرف، اختيار الروائح الشخصيّة، والقطع المصمّمة حسب الطلب. أو مثلاً إهداء تجربة بدلاً من منتج: ورشة، رحلة، عشاء خاصّ. أمّا التغليف، فهو نصف الحكاية. تغليف منسوج، ربطة ساتان، بطاقة مكتوبة باليد...
التجارب الاحتفاليّة
لم نعد نكتفي بالاستمتاع بديكور المتجر أو الزينة، بل أصبحنا نبحث عن تجربة غامرة تمزج بين الفنّ، الموضة، والذكريات. العلامات التجاريّة العالميّة تحوّل متاجرها اليوم إلى مسرح للحواس: من المتاجر المؤقّتة التي تعرض الأزياء بأساليب مبتكرة، إلى الورش التفاعليّة التي تجعل كلّ زائر جزءاً من لحظة احتفاليّة فريدة... في هذه التجارب، يعيش المستهلكون اللحظة بكلّ حواسهم، فيتحوّل التسوّق من فعل روتينيّ إلى طقس تفاعليّ مع الفنّ والموضة، حيث يترك كلّ عنصر أثره العاطفيّ العميق، فتتحوّل اللحظة العابرة إلى ذكرى مستمرّة.
مقابلة مع Vanessa Antonious مؤسِّسة علامة Neous
علامة تجمع بين البساطة النحتيّة والحرفيّة الإيطاليّة وتستمدّ روحها من الفنّ والعمارة الحديثة، مجسّدة معنى اسمها اليوناني "الجديد" بتصاميم عصرية تدوم طويلاً.
هل أصبحت قطع المجموعات الخاصّة بمثابة «ذكريات» أكثر من كونها قطعاً موسميّة؟
للأحذية والحقائب طريقة فريدة في حمل الذكريات، فهي تُحمَل وتُشاهَد وتُلامَس عبر لحظات من الاحتفال. في مجموعة Modern Evening صُمّمت كلّ قطعة لتؤرّخ لتلك التجارب، لتُقتنى وتُتذكّر.
هل يتّجه الناس اليوم نحو البحث عن الفرح والاحتفال بدلاً من التركيز على الإطلالات الرسميّة؟
اليوم، يبحث الناس عن الفرح، العفويّة والروابط ذات المعنى أكثر من الأحداث الرسميّة. وعند التصميم، أحرص على أن يُضفي كلّ حذاء وحقيبة قيمة على الليالي الكبيرة واللحظات الصغيرة على حدّ سواء، ليحوّل الأمسيات العادية إلى احتفالات. الهدف هو أن يكون كل من الجمال والذكرى، جزءاً مستمراً من الحياة اليوميّة وليس فقط لحظات في الاحتفالات الكبيرة.
ما الرسالة التي ترغب Neous في إيصالها من خلال المجموعة الخاصة بللأعياد؟
مجموعة Modern Evening هي قصّة عن الدفء، الحضور واللحظات التي تهمّ حقاً. كلّ قطعة هي تصريح جمالي ومساحة لسرد قصّة شخصيّة، تحتفل بأوقات لا تُنسى.
مقابلة مع Katia Barros الشريكة والمديرة الفنيّة لـFarm Rio
علامة أزياء برازيلية، تشتهر بطبعاتها الجريئة وبأسلوبها الاستوائي الذي يحتفي بالثقافة البرازيليّة. تمزج تصاميمها بين الموضة، الطاقة الإيجابية، الاستدامة وتمكين الثقافة.
ما الرسالة التي ترغب Farm Rio في إيصالها من خلال المجموعة الخاصّة بالأعياد؟
تربط الحملة دفء مدينتنا الأم بالتقاليد العالميّة، لتؤكد أن الاحتفال لغة مشتركة. “سعداء بكوننا معاً، أينما احتفلتم” هي رسالة تعكس مزيج الثقافات، الألوان، واللحظات التي تجمع الناس.
هل أصبحت قطع المجموعات الخاصّة بمثابة «ذكريات» أكثر من كونها قطعاً موسميّة؟
بكل تأكيد، ومثال على ذلك متجر الهدايا الخاص بنا الذي يوسّع هذا المفهوم، كل شيء يُصمَّم ليُهدى ويُحتفَظ به. نريد للناس أن يأخذوا معهم قطعة صغيرة من ريو أينما ذهبوا.
هل يتّجه الناس اليوم نحو البحث عن الفرح والاحتفال بدلاً من التركيز على الإطلالات الرسميّة؟
نعم، وتؤمن Farm Rio بهذا التوجّه تماماً. فلسفتنا في “ارتداء السعادة” تنسجم مع هذا التحوّل العالمي. بالنسبة لنا، ارتداء السعادة هو أصدق أشكال التعبير الذاتي، هو معرفة أن الأسلوب الشخصي يتجاوز الملابس نفسها ليصل إلى المشاعر التي تولّدها، والتجارب التي نعيشها من خلالها.
حوّلي منزلكِ إلى مسرح للاحتفال الكامل
عند استضافتكِ احتفالاً في المنزل، لا تتركي أيّ زاوية عاديّة... حوّلي كلّ مساحة إلى مسرحٍ حيٍّ للتجربة والبهجة. فالمائدة لم تعد مكاناً للطعام فقط، بل تحوّلت إلى عرض هوت كوتور. الأقمشة، الوسائد، وألوان الستائر تتناغم لتعطي المكان طابعاً فخماً وحيويّاً في الوقت نفسه، وكأنّ كلّ ركنٍ يروي قصّة الاحتفال الخاصّة به. الاستضافة اليوم لا ترتبط بعدد الضيوف، بل بالمشهد الكامل واللحظات التي يعيشونها في منزلكِ.
لإتقان فنّ الاستضافة، اقرئي المقال في صفحة 146 حيث تجدين آراء أفضل الخبراء في هذا المجال.
في النهاية، الاحتفال ليس زينة ولا لحظات صاخبة تُلتقط بعدسة كاميرا. إنّه اختيار يوميّ بأن نحيا بوعي، ونقدّر التفاصيل الصغيرة، ونصنع لحظات تُشبهنا بدل انتظار لحظات تُمنح لنا. فالحياة ليست سلسلة مناسبات نتهيّأ لها… بل مسرحٌ مفتوح، نحن مخرجو مشاهده وكتّاب تفاصيله. عندما نحتفل، نحن لا نضيف جمالاً إلى الحياة، بل نكشف الجمال الذي كان حاضراً منذ البداية، ينتظر نظرة أعمق ولمسة أكثر امتناناً.
