مَن يجلس مع Louboutin لأكثر من ساعة، يكاد ينسى لبرهة أنّ هذا المصمّم الاستثنائيّ يملك اليوم داراً تبلغ قيمتها مليارات الدولارات ومحالَّ موزّعة في جميع أقطار العالم، تزيّن مداخلها صفوفٌ طويلة من النساء اللّواتي ينتظرن فرصة الدخول والحصول على حذاء الأحلام. هو أيضاً ينسى ذلك. كلّ تصرّفاته في حياته اليوميّة تقول ذلك. أسأله إنْ كان يعرف مدى نجاحه: "نجاحي بدأ بمحض الصدفة. زارتني صحافيّة أميركيّة تقوم بتحقيقٍ عن البوتيكات الجديدة في باريس، وخلال انتظارها لي، صادفت الأميرة Caroline de Monaco تتسوّق في البوتيك، وكانت هذه المرّة الثانية لها خلال شهرين من تاريخ الافتتاح. كتبت تلك الصحافيّة ما رأته، وبعد ذلك لاقى اسمي اهتماماً كبيراً من قبل الصحافة الأميركيّة. لم أقم يوماً بالمجهود لأصبح مشهوراً، وعندما بدأت العميلات بالتوافد لاقتناء تصاميمي، لم يكن لديّ العدد الكافي من الأحذية، فطلب منيّ شريكي إعادة تصنيع المجموعة بكميّاتٍ أكبر بكثير. لم أكن حاضراً أبداً ولم أتوقّع ذلك". هل ما زالت تلك التصاميم صالحة لتنتعلها المرأة اليوم؟ يجيبني بطريقةٍ علميّة تزيد من وضوحها حركة يديه: "الخطوط تشيخ وتتغيّر، لكنّ بعض تصاميمي ما زالت صالحة لتعتمدها سيّدة هذا العصر. المعايير تتغيّر مع الوقت، فما كان يُعتبر كعباً عالياً في حينها، هو عاديّ اليوم. عندما بدأت بصناعة الأحذية كنت أعتمد الكعب بطول 9 سنتيمترات وكان يُعتبر عالياً جدّاً. اليوم أصنع كعوباً تبلغ 17 سنتيمتراً. العين اعتادت على رؤية الكعب العالي. كذلك الأمر بالنسبة للتصاميم ذات الرأس الحادّ من الأمام".
في مصر وتحديداً في مدينة الأقصر التي تسكن قلبه، يتنقّل Louboutin بين منزله وقاربه التقليديّ بسكينةٍ وراحة، وكأنّه ينتمي إلى هذه المنطقة بتاريخها وحاضرها. كأنّ روحاً قديمة طافت منذ عصور الفراعنة واختارته لتستقرّ فيه. يشعر بالواجب تّجاه هذا المكان. يترأّس ويموّل مشروعاً يقضي بحفر الأرض لاستخراج آثارٍ فرعونيّة دفنتها السنون. بين الحين والآخر، يقضي بعض الوقت في فندق "المديرة" الريفيّ الذي تملكه صديقته زينة. يتحدّث عن إنجازها بفخر، ويخبر كيف صنعت من هذه الأرض الصحراويّة قصراً بديعاً تزنّره الأزهار. على كنبةٍ ذات أسلوب عربيّ قديم، يتربّع في الصباح ويحدّثني فيما يأكل قطع الكرواسان الصغيرة: " تعرّفت على رياضة الأرجوحة البهلوانيّة عندما كنت في الـ 20 من عمري، من خلال بطلة فيلم ساحرة، كانت ترقص بأناقة وخفّة على تلك الحبال في مشهد حبٍّ رائع جدّاً. مارستُ هذه الرياضة على مدى سنوات وأحببتها لأنّها تشبه الرقص في الهواء. سخريّة القدر جعلتني ألتقي بعد زمن بتلك البطلة التي سحرتني. كان شعرها أشعثاً ووجهها باهتاً، لم أستطع أن أجد فيها الجاذبيّة التي شعرت بها في الفيلم. هذا هو سحر السينما وقوّتها"...
ليست الأقصر وحدها المكان المحبّب إلى قلبه، فهو يملك روابطَ قويّة مع بلادٍ وثقافاتٍ عدّة، يزورها تفتيشاً عن الغذاء الجماليّ الذي يبحث عنه باستمرار: "اكتشفت الهند قبل مراهقتي من خلال السينما الهنديّة العظيمة، موسيقاها وألوانها. زرتها للمرّة الأولى برفقة صديق عندما كان عمري 15 عاماً، ثمّ عدت إليها بعد عامين، ومنذ ذلك الحين وأنا أزورها كلّ عام. هي بلادٌ غنيّة، عاطفيّة، فقيرة، فيها كلّ تناقضات العالم، لكن لا شيء مبتذل هناك. الهند هي الاختلاف، وكلّ فنون الحياة موجودة فيها، من الطعام والملابس إلى الموسيقى والشعر، كلّ شيءٍ رائع. هناك، يمكن للمرء تحقيق كلّ ما يتخيّله من مجوهراتٍ وتحفٍ فنيّة. السفر إلى الهند هو توق شخصيّ ومهنيّ على حدٍّ سواء بالنسبة لي".
في جلسة بعض الظهر، يحدّثنا رئيس تحرير العدد عن مغامرته الجماليّة الجديدة: "المغامرة بدأت بطلاء الأظافر لكنّها ستكمل بمستحضراتٍ أخرى أصبحت جاهزة. كان ارتباط اسمي بالمستحضرات الجماليّة موجوداً في دورٍ مختلفة، قبل أن أفكّر بصناعة الماكياج. ولطالما أزعجتني فكرة عدم إيجاد طلاء الأظافر المناسب للعارضة التي تصوّر أحذيتي وحقائبي. الأسباب الكامنة وراء هذه المسيرة الجديدة تنبع أوّلاً من حبّي لتعزيز جاذبيّة المرأة، وثانياً من رغبتي في التحكّم بتفاصيل الصورة بشكلٍ أكمل". كريستيان أجبني بصراحة، أتختار امرأةً من دون ماكياج، أو امرأةً من دون حذاءٍ جميل؟. يجيب بثقة: "أختار امرأةً لا تضع الماكياج، لكنّها تنتعل حذاءً جميلاً".
يوافقنا Christian الرأي بأنّ للحذاء جاذبيّة تساوي قوّة أحمر الشفاه وطلاء الأظافر الأحمر: "من أحبّ الإطراءات إلى قلبي، عندما يقولون لي إنّني أقوم بعملٍ يعجب المرأة والرجل معاً، وهذا مهمّ ٌبالنسبة لي. أستطيع فهم المرأة التي لا تريد إرضاء ذوق الرجل الكلاسيكيّ في خياراتها، كما أفهم الرجل الذي لا يتقبّل بعض توجّهات الموضة. عندما أرسم أكون الرجل، المصمّم وصديق النساء". وماذا عن الرجل الذي يقدّم حذاءً لحبيبته كهديّة؟ يجيب: "ذلك دليلٌ على أنّه مهتمٌّ بها إلى أقصى الحدود. يعرف مقاس قدمها وذوقها ويتمتّع بالثقة التامّة التي تمكّنه من الاختيار والإلمام بالتفاصيل الدقيقة التي تحبّها حبيبته".