من قال إنّه علينا أن نكون متشابهين من حيث الشكل، لتقبّل الآخر؟ فالاختلاف يشكّل جزءً من مجتمعنا وعالمنا، وهذا ما يجعله مثيراً للاهتمام. لم تعد الشمولية أمراً اختياريّاً بعد الآن، بل أصبحت حاجة ملحّة في المجتمع بعد تغيّر المعايير العالمية. خلال السنوات الأخيرة، قام عالما الموضة والجمال بخطوة قد تكون بدأت كإستراتيجيّة تسويقية ذكية، بالتعاون مع أشخاص عاديّين من المجتمع، بدلاً من أقلّية تتمتّع بجمال خارق. اليوم، أصبحت الشمولية حاجة ملحّة في المجتمع بعد تغيّر المعايير العالميّة التي ساهمت في كسر الصور النمطيّة التقليديّة للجمال، وإلى تشجيع وتمكين جميع أفراد المجتمع على اختلافهم.
كل شكل جسم هو جميل
لسنواتٍ عديدة، اعتقدنا أنّ جمال عارضات الأزياء يتحدّى قوانين الطبيعة، من خلال أجسامهنّ المنحوتة، رغم كلّ الظروف التي يمرّ بها جسم المرأة، كالإنجاب. كل هذه المعايير تغيّرت في السنوات الأخيرة، عندما قدّمت لنا دور الجمال والموضة نظرة أكثر واقعيّة لجسم المرأة، مع تغيّر نظرة المجتمع لها. بتن نرى عارضات بأجسام غير منحوتة وبعضهنّ يتمتّعن بأجسامٍ ممتلئة. تعتقد العارضة Denise Bidot "أليس هناك طريقة خاطئة لتكوني امرأة"، وهذا الأمر جعلها تتغلّب على أحكام ونظرات المجتمع وتظهر بملابس السباحة على موقع إنستقرام دون تعديل هذه الصور، كذلك الحال بالنسبة لـSabina Karlsson التي بدأت مسيرتها في عالم عرض الأزياء عن عمر صغير، إلّا أنّ شكل جسمها تغيّر، وبالتالي مقاسها، لتصبح عارضة بجسمٍ ممتلئ.
العمر مجرد رقم
كما يقال "Age is just a number"! من المعروف أنّ عالم الموضة والجمال يتطلّب معايير خارقة، أبرزها العمر الذي يحدّد في معظم الأحيان مدّة مسيرة العارضة، إلّا أن هذه المعادلة تغيّرت وباتت مجرّد أرقام. في المقابل، نالت العارضات اللّواتي تخطّين سنّ الـ60 حافزاً كبيراً، إذْ عدنَ إلى منصّات العرض وإلى عالم الإعلانات المصوّرة، لإيصال رسالة إلى العالم أنّ العمر ليس معياراً جماليّاً. اشتهرت Carmen Dell’Orefice التي تبلغ الـ88 من العمر بكونها واحدة من أقدم العارضات اللّواتي يعملن في مجال عرض الأزياء، ويمكن التعرّف إليها على الفور في الحملات الإعلانية من خلال شعرها الفضّي.
لون البشرة ليس معياراً
لطالما شكّل لون البشرة عقبة كبيرة في المجتمع، انتقلت عبر العصور ولا يزال يعاني الكثير منها. اعتبرت البشرة الداكنة سابقاً اختلافاً اجتماعياً، إلّا أنها اليوم تشكّل جزءً لا يتجزّأ من المجتمع، كما أنّ هناك فئة تعاني من أمراض جلديّة، كمتلازمة الميلانانيّة - زيادة في إفراز الميلانين - التي تجعل البشرة أكثر دكنة. في المقابل، هناك من يعاني من غياب لهذه المادّة بشكلٍ كلّي أو جزئيّ في الجسم، تعرف بمتلازمة المهق الوراثيّة. هاتان الفئتان المختلفتان، تشكّلان اليوم الوجه الجديد لعالم عروض الأزياء، كدليل لإمكانيّة كسر الصورة النمطيّة في المجتمع وتقبّل الآخرين باختلافهم. لعب هذا الاختلاف لصالح البعض، مثل Adut Akech Bior وDuckie Thot وNyakim Gatwech وKhoudia Diop،... إذ شكّلت بشرة Khoudia الداكنة جزءً كبيراً من نجاحها بفضل هذا الفارق الذي لم يكن بالنسبة لها يوماً عقبة. فيما Diandra Forrest، تعتبر إحدى العارضات اللّواتي عانين من متلازمة المهق، وبالتالي عرفت كأوّل عارضة تتعامل مع وكالة لعرض الأزياء، كذلك Connie Chiu، عرفت كأوّل عارضة تدخل هذا المجال، وهي تعاني من هذه المتلازمة. تجدر الإشارة إلى بروز داء البهاق، أي Vitiligo بشكلٍ واضح في عالم الموضة والذي يتسبّب بفقدان لون البشرة على شكل بقع في مختلف أجزاء الجسم. ظهور Winnie Harlow كأوّل عارضة مصابة بهذا الداء خلال عرض Victoria’s Secret لعب دوراً كبيراً في نشر المعرفة والوعي فيما يخصّ التنوّع الجماليّ، لتكرّ السبحة وتبرز شابّات أخريات في هذا المجال يعانين من المشكلة عينها، مثل Amy Deana وShahad Salman وTia Jonsson وغيرهنْ.
لون نود ليس واحداً
مع تغيّر مفهوم لون البشرة، قامت دور الموضة والجمال بتحديث معنى كلمة Nude فيما يخصّ ألوان المكياج والألبسة التي تهدف بأن تكون مشابهة للون البشرة، إذْ بدأت بالظهور بمختلف الأنماط لتناسب كلّ سيّدة، مهما كان لون بشرتها. كما أطلقت حملات إعلانيّة للترويج لهذا المفهوم.
الأعراق المختلفة تحت الضوء
نعم لعالمٍ ينادي بالشمولية والمساواة! بدون شكّ لا يزال العالم حتى الساعة يعاني من التمييز العنصري وأحد أبرز هذه الأسباب، الاختلاف العرقي، الديني، الاجتماعي... إلّا أنّ عالمي الموضة والجمال، قرّرا الانفتاح على هذه المشكلة وإلقاء الضوء عليها، من خلال إدخال هؤلاء الأفراد إلى منصّات العرض والحملات الإعلانية، كما قامت دار Yeezy خلال عرض Season 5 لموسم خريف وشتاء 2017، حين برزت Halima Aden كأوّل عارضة محجّبة خلال أسبوع الموضة. أبرز العارضات اللّواتي عرفن في هذا المجال، هنّ Mariah Idrissi وKaci Beh وJan Baiboon Arunpreechachai وSheena Liam وLiu Wen...
الاختلاف لا يشكّل عائق
تمكّن عالم الموضة أن يبرهن يوماً بعد يوم أنّه قادر على كسر الحواجز والصورة النمطيّة التي اعتدنا رؤيتها لصالح مجتمعٍ أفضل. لم يعد العجز الجسديّ أو الخلقي اختلافاً، وبالتحديد في عالمي الموضة والجمال، بل أصبح اليوم جزءً منه! فمن قال إنّ العجز الجسديّ يلغي جماليّته أو قدرته بأن يكون مثالاً في المجتمع؟ قد تعاني Madeline Sturt من متلازمة Down، إلّا أنّها لم تكن عقبة بوجه حلمها، فمشت على منصّات الأزياء خلال أسبوع الموضة النيويوركيّ، كذلك الحال بالنسبة لـJamie Brewer التي تعاني من المتلازمة عينها والتي تغلّبت أيضاً على نظرة المجتمع من خلال الظهور في عرض Carrie Hammer في العام 2015. لم يقف الضمور العضليّ والكرسيّ المتحرّك بوجه Jillian Mercado التي كانت تحلم بأن تدخل عالم عرض الأزياء ولا حتى الأعضاء المبتورة كما في حال Paola Antonini وKelly Knox أو Lauren Wasser.
الملامح البارزة ميزة
تشكّل الملامح جزءً كبيراً من الثقة بالذات، إذ تلعب دوراً سواء في تعزيزها أو انعدامها. قد يكره الكثير حجم الأنف الضخم مثلاً ويخضعون لعمليّة تصغيره، إلّا أن هذا "العيب" قادر أن يجعلكِ فريدة من نوعكِ وأن يمنحكِ ميزةً شخصيّة، كذلك الحال بالنسبة للعارضات اللّواتي يشكلن جزءً من المجتمع ، فقد وجد بعضهن بذلك سبيلاً للتفرّد في عالم باتت المرأة كلوحة فنّية يتمّ تعديلها لتبرز بحلّة ترضي المجتمع. ملامح جعلتهنّ محطّ انتقاد، إلّا أنّهن قبلن التفرّد بجمالهنّ وبملامحنّ المميّزة التي طبعت مسيرتهنّ وتوقّفن عن اكتشاف طرق لتغييرها لصالح حبّهن للذات، ما ساهم بكسر الصورة النمطيّة. نذكر من بينهنّ Masha Tyelna التي عرفت بعيناها الواسعتين، Lily McMenamy التي تميّزت بعينيها وشفتيها الضخمتين وLaura O’Grady التي اشتهرت بأذنيها الكبيرتين وعينيها الحالمتين.
حملات إعلانية ركّزت على التنوع