يستمدّ معظم المصمّمين إلهامهم من الفنّ، فكيف لو كان فنّ الرسم هو المقصود؟ Yves Saint Laurent كان وما زال من أشهر المصمّمين في "استخدام الفنّ لصالح الموضة". لقد حوّل قلبه ومقصّه نحو روائع الرسّام Piet Mondrian، فحوّل جسد المرأة إلى لوحةٍ فنيّة! تخطّى المصمّم الفرنسيّ الحدود في العام 1965 عندما أطلق مجموعة Mondrian المستوحاة من لوحات الرسّام الهولنديّ. ضمّت المجموعة 10 فساتين من الصوف والجيرسي، غير أنّ فستاناً واحداً حفر تاريخ عالم الأزياء. لم يكن الفستان الأيقونيّ نسخةً عن اللّوحة، بل كان مجرّد اقتباس، وقد تتالت التصاميم المستوحاة منه، كالمعاطف والأحذية وغيرها... هكذا برع Yves Saint Laurent في تحويل الخطوط الهندسيّة للوحة الرسّام إلى قصّةٍ تغمر تقاسيم جسم المرأة، بالرغم من أنّ الفستان يخفي تلك التقاسيم فعليّاً. يا لها من خلطةٍ عجيبة!
"أعي تماماً أنّني طوّرتُ موضة عصري، وسمحتُ للنساء بأن يحصلن على عالمٍ محظور حتى ذلك الحين"، هكذا عرّف المصمّم الاستثنائيّ عن نقلته النوعيّة في تصميم الأزياء. ولا عجب أن تشير مجلّة Harper’s Bazaar إلى تلك المجموعة في حينها على أنّها تضمّ "فستان الغد"، فسرعان ما انتشرت أصداؤها في العالم.
يتميّز التصميم بقماشٍ محدّد على شكل قطع، تماماً كالطريقة التي استخدمها Mondrian في لوحاته. يضمّ الألوان الثلاثة الأساسيّة (الأحمر، الأزرق والأصفر) مع الأبيض المقسّم أفقيّاً وعموديّاً بخطوطٍ سوداء. الفستان الأيقونيّ ليس علامة تكريمٍ لأحد أهمّ الفنّانين المعاصرين فحسب، بل هو مثالٌ على استخدام تقنيّات الرسم لتتماشى مع مقاييس جسم المرأة.
لم يتلاشَ صدى هذا العمل إذْ عُرضت المجموعة لاحقاً في المعرض العالميّ في إشبيليا العام 1992، ثمّ ظهر فستان Mondrian في العام 2002 خلال معرضٍ تاريخيّ لأعمال الدار الفرنسيّة في Pompidou Centre في باريس... وهو اليوم يزيّن متحفMET في نيويورك بعد أن وهبته السيّدة William Rand.