تُعتبر العطور العربية جزءاً أساسيّاً من التراث الثقافيّ للعالم العربيّ، فهي ليست مجرّد روائح عابرة، بل تمثّل تاريخاً طويلاً من التجارة، الفنون، والروحانيّة. من العود الفاخر، مروراً بالعنبر، المسك ووصولاً إلى وردة الطائف والمرّ، تعرّفي على تاريخ أبرز الروائح العربيّة الذي يعبق بالأصالة، واكتشفي كيف تطوّرت عبر العصور لتشكّل جزءاً لا يتجزّأ من هويّة العرب في العصرين القديم والحديث.
أكثر من 3000 سنة من العود
العود هو من أكثر الروائح شهرة في العالم العربيّ ويُعتبر من أرقى وأثمن العطور في المنطقة. يعود تاريخ العود إلى سنة 1400 قبل الميلاد، ويُستخرج من أخشاب شجرة Agarwood الموجودة في جنوب شرق آسيا وبالتحديد في الهند، بنغلادش، الصين، ماليزيا، تايلاند، إندونيسيا وفيتنام.
VII في القرن السابع، بدأت قصّة العود في العالم العربيّ مع التجّار الذين كانوا يجلبونه من جنوب شرق آسيا إلى الدول العربيّة، عن طريق الحرير الشهير.
XVII في القرن السابع عشر، بدأ تداول دهن العود على نطاق أوسع، وأصبح شائعاً في أوروبا كعنصر فاخر.
XVIII في القرنين 18 و19، نما الطلب على خشب العود وزيت العود، وتمّ تصديره إلى أوروبا والولايات المتّحدة لاستخدامه في صناعة العطور.

من الحملة الإعلانيّة لمجموعة عطور KAYALI Oudgasm
في العصور الوسطى، أصبح العود ذو قيمة عالية في العالم العربيّ، وكان يُعتبر من أثمن السلع في ذلك الوقت. كما كان يُستخدم كعطر وبخور لتعطير المنازل في المناسبات، وكان يُعتقد أيضاً أنّ له خصائص طبيّة. هذا وكان يُعتبر، بكلّ أشكاله، من الهدايا الفاخرة التي يتمّ تقديمها في المناسبات في العالم العربيّ.
عطر M7 من Yves Saint Laurent الذي أُطلق في العام 2002 كان من أوائل العطور الغربيّة التي ضمّت العود، وساعد في نشر هذه الرائحة في الأسواق الغربيّة. على مرّ السنين، ازداد الطلب على العود، فأعتمدته أشهر العلامات في عطورها.
يأتي العود بأشكال متعدّدة:
• العود الخام أي رقائق وقطع الخشب
• زيت العود (الخام أو الممزوج مع العطور الأخرى)
• معطّر العود
• بودرة العود وبخور العود

عنبر الشرق
تاريخ العنبر يعود إلى آلاف السنين، وهو يُعتبر أحد أكثر المكوّنات العطريّة شهرة واستخداماً في صناعة العطور التقليديّة والحديثة. يختلف العنبر عن العطور الأخرى بأنّه يُستخرج من مصدر حيوانيّ، وله تاريخ طويل في العديد من الثقافات حول العالم. فهذا المكوّن يأتي من حوت العنبر، والحصول عليه ليس بالأمر السهل على الإطلاق، لذلك هو من أثمن العطور في العالم.
VI في القرن السادس، استُخدم العنبر للمرّة الأولى في الشرق الأوسط. كان يُعتبر مادّة ثمينة ويُستخدم في صناعة العطور والطبّ الشعبيّ. ذكر الأطبّاء العرب قديماً أنّ العنبر يُستعمل في العلاجات الطبيّة، أكلاً، دهناً، وبخوراً.
XVI في القرنين 16 و18، أصبح العنبر جزءاً من العطور الفاخرة في أوروبا. كان يُضاف إلى تركيبات العطور الملكيّة والأميركيّة في فرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول الأوروبيّة.

الحملة الإعلانيّة لعطر MUGLER Alien في العام 2005
في العصور الوسطى، بدأ العنبر ينتقل من الشرق الأوسط إلى أوروبا عبر طرق التجارة القديمة. بدأ الأوروبيّون في استخدام العنبر بشكلٍ متزايد في صناعة العطور.
يُستخدم العنبر كمكوّن أساسيّ في العطور، ويتمّ مزجه مع مكوّنات أخرى كالفانيليا والباتشولي، على سبيل المثال، لإبتكار عطور شرقيّة، تحمل لمسة غنيّة وعميقة. استخدمت العديد من العلامات التجاريّة العنبر في مجموعات العطور الخاصّة بها، مثل Prada وDior وChanel وغيرها الكثير.

المسك: كنز على مر العصور
يُعتبر المسك من أشهر المكوّنات الخاصّة بصناعة العطور في الوطن العربيّ، وهو واحد من أثمن الموادّ وأكثرها ندرة، حيث يتمّ استخراجه من غدّة توجد في ذكور حيوان الغزال. يُستخدم المسك كمادّة أساسيّة في العطور، ويتّسم برائحته الخفيفة الشبيهة بالبودرة التي تمنح العطر عمقاً ودفئاً. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر المسك مسؤولاً عن تثبيت العطر لمدّة أطول من خلال تأخير عمليّة تبخّره.
VI في القرن السادس، ظهر المسك للمرّة الأولى، حين أحضره المستكشفون اليونانيّون من الهند.

من الحملة الإعلانيّة لعطر LANCÔME Idôle في العام 2019
استُخدم المسك لأوّل مرّة في الحضارات القديمة مثل مصر، الهند والصين.
في العصور الإسلاميّة، استمرّ استخدام المسك في صناعة العطور وكان هذا المكوّن يُستخدم أيضاً في الطبّ الشعبيّ والطبّ التقليديّ. هذا وكان يُعتبر من بين الهدايا الثمينة التي تُقدّم للملوك والأمراء.
مع التقدّم العلميّ وبسبب القيود الأخلاقيّة التي تمنع صيد غزال المسك، أصبح المسك متوفّراً من مصادر نباتيّة أو صناعيّة.

وردة الطائف: أجمل الإكتشافات
عطر وردة الطائف يعتبر واحداً من أشهر العطور التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمنطقة الطائف في المملكة العربيّة السعوديّة. العطر الورديّ الذي يتمّ إنتاجه من هذه الزهور قويّ ومُكلف.
XVIII في القرنين 18 و19، ازدهرت زراعة وردة الطائف في المنطقة بشكل كبير. هذا الورد أصبح أحد أهم السلع التي تُصدّر من الطائف إلى مختلف المناطق في العالم العربيّ.
في العصر الحديث، استمرّت مدينة الطائف في كونها مركزاً رئيسيّاً لإنتاج عطر وردة الطائف. كما أصبحت صناعة الورد الطائفيّ ذات شهرة عالميّة إذ تبنّته الكثير من العلامات الفاخرة.

يلعب المناخ في منطقة الطائف دوراً رئيسياً في خصائص رائحة هذه الوردة. تنمو هذه الوردة في المرتفعات العالية حيث درجات الحرارة أكثر برودة، مما يقلّل من الرطوبة، الأمر الذي يساعد الورد على تطوير رائحة أقوى وأكثر تركيزاً. كما أن التربة الغنيّة بالمعادن في المنطقة تساهم أيضاً في إعطاء الوردة خصائص فريدة من نوعها.
ملاحظة: يتطلّب إنتاج زجاجة واحدة تزن 10 غرام فقط حوالي 40,000 وردة.
المر: محفز التجارة
يُستخرج المرّ، وهو مادّة صمغيّة، من قشرة جذع الشجرة الشائكة Commiphora Myrrha، وموطنه الأصليّ دول عمان، السعوديّة، اليمن والصومال... تُستخدم عمليّة التقطير لاستخراج زيت المرّ العطريّ الذي يتحوّل إلى لون عنبريّ مائل إلى البنّي، وله رائحة ترابيّة.
في الألفيّة 3 قبل الميلاد، كان المرّ أحد المكوّنات الأساسيّة حيث كان يُحرق في المعابد. هذا وكان يُستخدم أيضاً في العلاجات الطبّية.
في الألفيّة 2 قبل الميلاد، كان جزءاً أساسيّاً من التجارة بين الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا. كان يُستخدم كسلعة ثمينة، ويُعتقد أنّ تجارته ساعدت في فتح طرق التجارة عبر الصحراء الكبرى.

منذ العصور القديمة، كان المرّ جزءاً من العطور والبخور في العالم العربيّ. كان يُستخدم لتحضير عطور مميّزة من خلال خلطه مع العود والعنبر، وكان يُستخدم في الطقوس الاجتماعيّة والدينيّة.
مع تطوّر العطور في العصر الحديث، أصبح المرّ جزءاً من العطور الفاخرة، خاصّة العطور الشرقيّة. يتمّ مزجه مع مكوّنات أخرى مثل العود، المسك، واللبان لإنتاج عطور تتميّز برائحة عميقة وحارّة.
أجدد إصدارات العطور
