أعترف أنّها أكثر ما فاجأني بين مدن العالم التي زرتها! سأفسّر ذلك من خلال تشبيهٍ مقتضب. هي كامرأةٍ جميلة، عصريّة، اجتماعيّة، ليّنة كالمياه، تحبّ الحياة، تعشق الترف، تعمل بجهد، لكن على الجميع الدخول إلى عالمها لاكتشاف ذلك، فهي لا تحبّ المجاهرة والتباهي... هكذا هي جدّة، لا تسرع لإخباركِ عن نفسها عبر الإنترنت والإعلانات السياحيّة والصور التي تستقبلكِ عادةً في مطارات العالم، بل تترك لكِ متعة اكتشافها يوماً بعد يوم، حتى يصبح عنوان رحلتكِ: المفاجأة.
تجسّد جدّة نموذجاً كونيّاً صغيراً. ناسها من جميع أقطار الأرض، أتوا إليها ليعملوا، لكن سرعان ما جذبتهم للاستقرار فيها مع عائلاتهم. يقولون إنّ السبب هو أهلها المضيافون، لا يشعر الغريب بينهم بأنّه غريب. فيها مناطق حديثة وأخرى تُخبر عن تاريخها الطويل، كذلك فيها مناطق "على الموضة"، تحتوي على أسواق ومطاعم تكتظّ بالزوّار خلال عطلة نهاية الأسبوع، كشارع التحلية الذي اتّخذ اسمه من محطّة تحلية مياه البحر الموجودة فيه.
خلال التجوال في السيارة، أذهلتني الأبراج وناطحات السحاب، الكثير منها قيد الإنشاء مثل أطول برج في العالم Kingdom Tower ومبنىTower King Road الذي يتحوّل إلى شاشة عملاقة في اللّيل. لم تأخذني تلك المباني بشكلٍ كليّ إلى العالم المتطوّر، فالكورنيش البحريّ هنا يعيدني إلى روح تلك المدينة التي تستحقّ لقب الميناء النشيطة.
البحر على طول الطريق يجعلني سارحة خلال نزهتي! كم تكون جميلة وليّنة المدن التي تولد على شاطئ البحر... الكورنيش البحريّ مكتظّ دائماً حتى خلال ساعات اللّيل المتأخّرة. جزءٌ طويل منه مفتوح للعموم، أمّا الجزء الآخر، وهو شرم أبحر، فيضمّ منتجعات رائعة للاستجمام. قضيت نهاية الأسبوع في أحدها، فتسنّى لي السباحة في أجمل بقاع البحر الأحمر، والغوص للتعرّف على الريف البحريّ الذي يصفه الغطّاسون بأنّه من أجمل ما رأوا.
التسوّق من أمتع التجارب في جدّة. المولات منتشرة في كلّ أنحائها. زوري Red Sea Mall الذي يضمّ العديد من الماركات العالميّة والمطاعم، أو مركزيّ بولفار والخيّاط لزيارة محال الماركات المترفة. لا تنسي أيضاً زيارة متاجر Saks Fifth Avenue ورباعيّات.
تمتهن جدّة فنّ الاستقبال لأنّها مدينة سياحيّة بامتياز، لذا تضمّ عدداً من الفنادق الفخمة. نزلتُ في منتجع Mövenpick Al Nawras الذي يتألّف من فللٍ مستقلّة رائعة مع مسابح خاصّة وإطلالة على البحر، كما تسنّى لي التعرّف على فندق Park Hyatt الذي تنبض غرفه بالفخامة والحداثة. في المرّة القادمة، سأجرّب أيضاً Waldorf Astoria Qasr Al Sharq المطلّ على البحر الأحمر.
أين تأكلين؟ إنّه السؤال الأسهل في جدّة. المطاعم من كلّ مطابخ العالم موجودة، كذلك تجدين مطاعم يوميّة وأخرى فخمة. إليكِ لائحة بالمطاعم التي أحببتها والتي سأعود إليها حتماً في المرّة القادمة: Toki الصينيّ، "شبابيك" اللبنانيّ، La Cuisine الفرنسيّ، "الملتقى" المتخصّص بثمار البحر وByblos اللبنانيّ. لتجربةٍ لا تشبه غيرها، زوري مطعم "البيك" الشعبيّ الذي يقدّم ألذّ طبق دجاج يمكن أن تتذوّقيه.
إقرئي أيضاً: فندق Dar Alma وكأنّني غادرت هذا الكوكب