على الرغم من أنّه تفصيل صغير، إلا أن تأثيره كبير جدّاً، كونه قادر أن يرفع من مستوى الإطلالة ويزيدها تألّقاً. الحزام، الأكسسوار الذي جاب الزمن، وصل إلينا بأشكاله المختلفة، ليعتمده كلٌ من الرجال والنساء على حدّ سواء. يتمتّع الحزام بتاريخٍ غنيّ، وقد لعب دوراً مهماً في العديد من الحضارات، إلّا أنّ قلّة منّا تعرف تاريخه وكيف تطوّر ليصبح أحد العناصرالأساسيّة في عالم الموضة.
ما القصّة التي يختبئ وراءها الحزام؟
يُقال إنّ أقدم الأحزمة يعود إلى العصر البرونزيّ، أي ما بين 3300 و 1200 ق.م. وكان معظمها يصنع من الحبال أو الخيوط، بهدف تثبيت الملابس أو لتعليق الحقائب. مع حلول العصور الوسطى، أفسحت الأحزمة المجال أمام أربطة الخصر العسكريّة Girdle، بهدف إبقاء الأسلحة مكانها. برزت هذه الأربطة المصنوعة من الجلد لدى الجيش اليونانيّ والرومانيّ، بسبب مرونتها، متانتها، حريّة الحركة والحماية التي تؤمّنها. خلال عصر النهضة، شهدت الأحزمة شعبيةً أوسع وكانت ترمز للمكانة الاجتماعيّة، كما اعتبرت تلك المزخرفة في بعض المدن، علامةً للانتماء للطبقة العليا. مع سيطرة الثورة الصناعيّة، ظهرت الحمّالات Suspenders ممّا قلّص من أهمية الأحزمة، بفضل الراحة التي تمنحها. في منتصف القرن التاسع عشر انخفض خصر السروال، لتبرز معه الحلقات الخاصّة بالحزام، ويتحوّل هذا الأخير إلى أكسسوار أساسيّ في الخزائن.
كيف تطوّر الحزام على مرّ السنين؟
مع حلول القرن العشرين، بدأت صيحات الموضة بالظهور وقد تنوّعت المواد المستخدمة لتصنيع الأحزمة، منها مرنة أو مضفّرة أو جلديّة أو مطّاطية أو صوفيّة وغيرها الكثير، إلى جانب تنوّع ألوانها. كذلك، عادت الأحزمة العمليّة التي يستخدمها العمّال لحفظ الأدوات. كالعديد من عناصر الموضة، تأثّرت الأحزمة بشكلٍ كبير بالثقافات الشعبيّة والأزياء الحديثة، وحرصت دور الأزياء على ابتكار تصاميم مختلفة منها، مستوحاة من بيئاتها المتنوّعة والثقافات المنتشرة آنذاك. خلال عشرينيّات القرن العشرين، كانت الأحزمة تُصنع عادةً من نسيج الفستان نفسه ويتمّ اعتمادهما سوياً. مع انخفاض محيط الخصر إلى الوركين، ارتدت النساء أحزمة فضفاضة، كما كان يتمّ اعتمادها للمناسبات غير الرسمية فرافقت الملابس الرياضيّة وملابس الصباح. مع اختراع حقيبة اليد، فقدت الأحزمة مهمّتها العمليّة وأصبحت تعتمد للزينة فقط. بدأت المرأة باعتمادها مع السراويل خلال الثلاثينيّات، إلى جانب مرافقتها للفساتين بتصميم رفيع على خط الخصر.
برزت ميزة رئيسيّة للحزام وهي الإبزيم (Buckle)، الذي لم يهدف فقط لربط الحزام ببعضه، بل ليبرز كعنصر عصريّ. بدأت الأحزمة تزداد سماكةً مع بداية الأربعينيّات، لكن مع حلول الحرب العالمية الثانية، فقدت الأحزمة الكثير من أناقتها، بسبب نقص المواد. عادت للظهور خلال الخمسينيّات، مع توفّر المواد، وأصبحت أكثر عرضاً. برز حزام Cinch، أي حزام السرج في الفترة عينها، حيث تمّ تصنيعه من مادة مرنة متينة لتقليد الحزام القاسي، وليمنح الراحة عند ارتدائه حول الخصر. خلال الستينيّات، تغيّرت طريقة اعتماد الأحزمة، إذ انخفضت من الخصر إلى الوركين، وزاد استخدام المعدن في صناعتها وبرزت على شكل سلاسل. في السبعينيّات، انتشرت تلك ذات الأسلوب البوهيمي، دون أن ننسى أحزمة رعاة البقر في وقتٍ لاحق من هذا العقد. كانت هذه الأنماط شائعة بين الرجال والنساء على حدّ سواء، ولا تزال أيقونيةً صامدة حتى اليوم. مع حلول الثمانينيّات، سيطر الجلد كمادة أساسيّة، كما أصبح الحزام أقلّ عرضاً.
ولّت الأيام التي كانت الأحزمة مقتصرة على مجرد تثبيت الملابس، إذ أصبحت تنسّق مع الإطلالات على أنواعها للحصول على مظهرٍ كاملٍ متكامل. اختلفت طرق اعتمادها أكان على الخصر أو أسفل البطن، دون أن ننسى تنوّع الأشكال والأساليب في طرق التنسيق. في الوقت الحالي، نشهد المزيد من الابتكار في تصاميم الأحزمة.
ملاحظة: بعيداً عن عالم الموضة، لا تزال للأحزمة أهمية واضحة اليوم، أكان في الملاكمة أو الرياضات القتاليّة، حيث يتم تتويج الأبطال بالحزام الذي يرمز لمرتبة أعلى في المهارة.