ها هو سحر دار Dior يملأ أجواء السعوديّة، ضمن فعاليّات موسم الرياض 2024، من خلال معرض Christian Dior: Designer of Dreams في المتحف الوطنيّ السعوديّ. يدعو هذا المعرض الرائع الزوّار للغوص في عالم Dior حتى 2 أبريل 2025، محتفلاً بتاريخ العلامة البارز، رؤيتها الإبداعيّة والإرث الذي تركه مؤسِّسها Christian Dior.
بعد أن تمّ الكشف عنه لأوّل مرّة في Musée des Arts Décoratifs في باريس في العام 2017، انتقل هذا المعرض لاحقاً إلى عواصم عالميّة، ساحراً عشّاق الموضة بمجموعة مذهلة من الأزياء الراقية، الأكسسوارات والقطع الأيقونيّة. اليوم، يُقدّم المعرض في الرياض نسخة فريدة من نوعها، مُوفّراً رحلة غامرة عبر حياة المصمّم Christian Dior وتأثيره في عالم الموضة، كما يستعرض مسيرته منذ سنواته الأولى كتاجر فنون، حتى تأسيس دار الأزياء الخاصّة به في العام 1946.
ينقسم المعرض إلى عدّة مواضيع، كلّ منها يعكس هويّة الدار والحرفيّة العالية التي يتميّز بها. يبدأ المعرض بتجربة غامرة في قلب 30 Montaigne، تلك "المملكة من الأحلام التي لا تنتهي" حيث تنبض مجموعات الأزياء الراقية للدار بالحياة. المساحة الثانية تستكمل هذه الرحلة عبر الزمن، لا سيما من خلال حبّ الفنّ الذي كان يُشعل قلب Monsieur Dior. بالإضافة إلى ذلك، يبرز التاريخ البصريّ لتطور الدار عبر سلسلة بورتريهات رسمها Yan Pei-Ming تلتقط جوهر مديري Dior الفنيّين، حيث يدمج بين صورهم والتصاميم التي ميّزت كلّ حقبة من حقباتهم. ثمّ تأتي ثورة Miss Dior، كتكريم لأوّل مجموعة ملابس جاهزة من الدار، مغمورة بالطاقة النابضة ومُشبعة بروح البوب في الستينيّات. تحصل حقيبة Lady Dior الأيقونيّة أيضاً على لحظتها الخاصّة، حيث يُعاد تصوّرها من خلال مشروع Dior Lady Art، الذي يقوم فيه فنّانون عالميّون بتحويل هذه الحقيبة إلى قطعة فنيّة. أخيراً، تسلّط صالة Salle des Etoiles الضوء على الأبطال غير المُعلن عنهم في عالم الأزياء الراقية Les Petites Mains أيّ الأيدي الصغيرة كدلالة على الحرفيّين وبراعتهم المذهلة.
ما يميّز نسخة Christian Dior: Designer of Dreams في الرياض هو ارتباطه العميق بالمملكة العربيّة السعوديّة. تعكس الفساتين ذات الألوان الترابيّة الغنيّة الجمال الطبيعيّ الخالد للعلا، حيث تمّ إنشاء ديكور مخصّص لها. عُرضت مجموعة من التصاميم وسط ديكور مبهر يعكس جمال الحدائق، الكلمة التي تعني الرياض باللغة العربيّة. هذا الحدث لا يعرض إرث الدار فحسب، بل يحتفل أيضاً بالشغف المشترك بالأناقة، الفنّ والتراث بين المملكة العربيّة السعوديّة والدار الفرنسيّة الشهيرة.
للتعرّف أكثر على تفاصيل المعرض، كان لنا حديث خاص مع مصمّمة المعرض Florence Müller ومع السينوغراف Nathalie Crinière.
مقابلة مع Florence Müller
1- كيف قرّرتِ ما الذي يجب عرضه من قطع Dior لكي تعكس تاريخ العلامة وعلاقتها الخاصّة مع المملكة العربيّة السعوديّة؟
قمت بإجراء بحث في أرشيف Dior واكتشفت أن العديد من الفساتين منذ الخمسينيّات وما بعدها كانت مستوحاة من العالم العربي، الصحراء، الواحة، الرمال، جمال الشرق... هذه الفساتين أو البزّات تجسّد المناظر الطبيعيّة لدول العالم العربيّ: اللون البيج للرمال، وألوان البرتقاليّ والأصفر لغروب الشمس في الصحراء، والأشكال الفضفاضة تحاكي أسلوب ملابس العرب. في الخمسينيّات، الستينيّات والسبعينيّات، كان العديد من المديرين الفنّيين في Dior يحلمون بتصميم عبايات تشبه القفطان الشرقيّ أو البشت السعوديّ، وهذا ما يعبّر عن انجذابهم للثقافة الشرقيّة.
2- المعرض مُقسّم إلى عدّة مواضيع مميّزة. كيف صمّمتِ كلّ قسم لجذب الجمهور عاطفيّاً وفكريّاً؟ وما هي العناصر المحدّدة التي دمجتها في كلّ موضوع لإنشاء تجربة لا تُنسى للزوار؟
هناك 14 موضوعاً. الأوّل يستقبل الزوّار بتجسيد لواجهة Montaigne30، حيث يشعرون وكأنّهم على وشك دخول الدار الحقيقيّ. من نوافذ الواجهة، يُمكن رؤية Monsieur Dior وهو يعمل في استوديوهاته، المساعدات في ورش العمل والعارضات يعرضن المجموعة. تأخذ الأقسام التالية الزوّار بشكل أعمق إلى عالم Dior، حيث يتعرّفون على مرحلة شباب المصمّم، عندما كان يعرض أعمال فنّانين مشهورين. ثمّ هناك العديد من الأقسام التي تركّز على كلّ مدير فنيّ عبر 7 عقود، حول عمليّة إبداعهم والخصائص التي أضافوها إلى الدار. كذلك، لأوّل مرّة، تمّ الكشف عن غرفة خاصّة تعرض خط Miss Dior للملابس الجاهزة والذي تمّ إطلاقه في العام 1967. تعرض هذه الغرفة إطلالات ملوّنة، مع زينة بأسلوب البوب. بعد التعرّف على تراث الدار، يدخل الزوّار إلى أقسام غامرة تُبرز مصادر إلهام المديرين الإبداعيين مثل لوحات الألوان، القرن الثامن عشر، فرساي وحبّ Monsieur Dior للحدائق... من بين أبرز هذه الغرف، هي "جمال الصحراء"، التي تجسّد واحة العلا، وثقافتها القديمة التي تمتد لآلاف السنين. في هذا الديكور الرائع، يتمّ عرض فساتين Dior في حفلة في الصحراء عند غروب الشمس. من بين هذه الفساتين، يمكن رؤية تلك الفضفاضة أو ذات الطيّات، ألوان الرمال، المعادن، ألوان الغروب، العبايات والأوشحة… تكريماً لجمال الثقافة العربيّة.
3- ما التأثير الذي سيتركه هذا المعرض وكيف تأملين أن يتمّ تذكّره من قبل المجتمع المحليّ والجمهور الدوليّ؟
آمل أن يظلّ المعرض محلّ تقدير من خلال التجربة الكاملة التي يمثّلها، وهي رحلة عبر عالم Dior، وأوديسة من الأحلام، تخلق عواطف حول إبداعات الأزياء الراقية، معرفة سياقها التاريخيّ، أسلوبها ولغتها الفنيّة، ومصادر إلهامها وإرثها. آمل أن يتذكّر الزوّار كيف تساهم الأزياء الراقية في بناء جوهر الزمن وتظل فاعلاً ثقافيّاً أساسيّاً.
مقابلة مع Nathalie Crinière
1- ما كان مفهوم التصميم الذي وضعتهِ للمعرض وكيف تماشى مع الموقع في الرياض؟
يرتبط دائماً معرض "كريستيان ديور: مصمم الأحلام" بالموقع والدولة التي يقام فيها. عندما زرتُ المتحف الوطنيّ السعوديّ لأوّل مرّة، تأثّرت بالحجم الكبير للمكان، وأكثر ما لفتني هو الأسقف العالية التي يتميّز بها! هذا يختلف تماماً عن الأماكن الأخرى التي أُقيم فيها المعرض. خلال تصميمه، كان من المهمّ جدّاً أن نفكّر في كيفيّة عدم فقدان تأثير الفساتين، لذلك، كان التلاعب بالأحجام المفهوم الأوّل لهذا الحدث.
2- ما هي التحديّات التي واجهتِها لإنشاء تجربة سينوغرافيّة مذهلة وتحاكي ثقافة المملكة العربيّة السعوديّة؟
الجمال عالميّ، والجميع يتأثّر به، والزوّار السعوديّون ليسوا استثناءً من هذه القاعدة! بالنسبة للمملكة العربيّة السعوديّة، قرّرنا أن نخلق موضوعاً خاصّاً بالصحراء وكان أوّل إلهام لي، المناظر الطبيعيّة في العلا، وخاصةً الصخور التي نحتتها الرياح. بحثنا أنا ومصمّمو الإضاءة والصوت في صور مختلفة للعثور على أفضل طريقة لإعادة إنشاء هذا الانطباع، وخلق أجواء مرتبطة بالضوء الجميل، وتلكَ الألوان الورديّة والبرتقاليّة لغروب الشمس... في النهاية، تمكّنا من خلق مساحة حيث يمكنكِ سماع فرقعة النار، ورؤية الضوء يهتزّ، لتبرز الفساتين ويتسلّط الضوء عليها في هذا الإعداد.
3- كيف ضمنتِ أنّ تخلق السينوغرافيا تفاعلاً كاملاً مع المعرض؟
الهدف الرئيسيّ في السينوغرافيا، هو استحضار العاطفة عند الزائر عندما لا يتوقّعها. هناك ملايين الاحتمالات لعرض الفساتين، لكن إذا حرّكت المشاعر، فهذا يعني أن السينوغرافيا قد نجحت!
4- ما هي اللحظة المفضّلة لديكِ في تصميم هذا المعرض؟
ربما عندما تبدأ الطيور بالتغريد وسط الحديقة، إنّها لحظة هادئة جداً. هي الغرفة الأخيرة في المعرض، وأعتقد أنّها مساحة تجعلكِ حقاً تحلمين.