إلهام… إسمٌ يحمل في طيّاته حكاية مُلهمة: رحلة، صعوبات وتحوّلات. بين طفولة تحدّت فيها ظروفاً صعبة، وبداية لم تكن سهلة في وسطٍ لم يكن مستعدّاً لامرأة تحارب من أجل حلمها، وبين نجاحات صنعتها بيديها، وامرأة تقف اليوم بثقة على منصّات التكريم… نسختان من الذات التقتا لتشكّلا المرأة الحقيقيّة التي نراها اليوم. في هذا الحوار، تكشف لنا إلهام عن نفسها بعيداً عن الأضواء.
مقابلة مع إلهام علي
مرحبا إلهام، كيف كان يوم التصوير مع "جمالكِ"؟
"جمالكِ" لها من اسمها نصيب، ما أجملكم بكلّ التفاصيل. لقد استمتعتُ فعلاً بالتجربة، رغم أنّني كنتُ متعبة، نسيت كلّ التعب خلال التصوير.
يختلف معنى كلمة نجاح بين شخص وآخر، وبين مرحلة عمريّة وأخرى، فماذا يعني لكِ النجاح؟
مفهومي للنجاح هو أن أقدّم شيئاً مختلفاً. ما زلت أتطلّع لتحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل. لكن حتى اليوم، أنا سعيدة وفخورة بكلّ ما حقّقته.
خلال مسيرتكِ الطويلة والمليئة بالأحداث والمواقف، ما هي اللحظة التي أثّرت بكِ وقلتِ خلالها "ها هي اللحظة التي انتظرتها"؟
هي لحظات كثيرة، لكن اللحظة الأهمّ في حياتي هي استلامي جائزة Joy Awards. كانت أوّل جائزة أستلمها في وطني، المملكة العربيّة السعوديّة. من خلال هذا الإنجاز تمكّنت من القول للمرأة السعوديّة إنّها إذا لاحقت أحلامها، فستصفّق لها الأيادي.
ما هو الحلم المهنيّ الذي ما زلتِ تعملين على تحقيقه؟
هناك الكثير من الأحلام التي ما زلت أودّ تحقيقها، لكن الأهمّ هو رؤية الأعمال السعوديّة حاضرة في السينما العالميّة ليشاهدها الجميع.
كيف تحافظين على حماسَتكِ في العمل كما كان في بداية مسيرتكِ؟
لقد مررت بلحظات كدت أن أستسلم فيها، فالفنّ يسرق من وقتي وطاقتي. ومع ذلك، لا أستطيع التخلّي عن هذه المهنة، فهي جزء من روحي، رغم سلبيّاتها العديدة مثل الإشاعات وغياب الخصوصيّة والابتعاد عن العائلة. السبب الرئيسيّ لتعلّقي بهذه المهنة هو المعرفة التي أكتسبها، فكلّ شخصيّة أؤدّيها تعلّمني شيئاً جديداً، كما أنّها بمثابة علاج للروح. بالإضافة إلى ذلك، أشعر أنّ عليّ واجب رفع أصوات النساء من خلال الأعمال التي أشارك فيها.
لقد جسّدتِ شخصيّات متعدّدة الخلفيّات والأعمار. عندما تعودين إلى منزلكِ، كيف تجدين نفسكِ بعيداً عن كلّ هذه الشخصيّات؟
غالباً ما أقدّم الأدوار المركّبة التي لا تشبهني، والتي تشكّل تحدّياً بالنسبة لي. قد ألعب أدواراً تشبهني إلى حدّ ما، إلاّ أنّني أستمتع أكثر بالتغيير الذي أقدّمه في الأدوار المركّبة التي تساعدني في اكتشاف نفسي أكثر. قد أفقد إلهام الحقيقيّة في بعض الأحيان، لأنّ الناس تصدّق الأدوار التي أقدّمها وتعاملني على هذا الأساس. لكن الأهم يبقى أنّني ما زلت أستطيع أن أظهر شخصيّتي الحقيقيّة مثلما أفعل الآن في مقابلتي مع "جمالكِ"، حيث تظهر إلهام المرأة التي تحبّ الموضة، المكياج والمجوهرات.
في هذه المرحلة من حياتكِ، عندما تنظرين في المرآة، ماذا تقولين: أنا امرأة ذكيّة، أنا امرأة قويّة، أنا امرأة جميلة أو كلّ هذه الصفات؟
أنا أستمتع وأفتخر عندما أقول أنا امرأة، فهي الكلمة الأجمل على الإطلاق. كلمة امرأة تجمع كلّ هذه المعاني، ويؤسفني أنّ بعض النساء لا يدركن أنّ المرأة هي الحياة والروح والقوّة والذكاء والمحبّة. المرأة عظيمة بكلّ تفاصيلها.
هل شعرتِ يوماً بالظلم في الوسط الفنّي لمجرّد كونكِ امرأة؟
طبعاً، كان هناك الكثير من التأثير السلبيّ خاصةً في بداية مسيرتي. فأنا بدأت في مراحل صعبة بالنسبة للدراما السعوديّة، من ناحية المجتمع ورفض الأسرة القاطع. لكن، هذا لا يعني أنّ الرجل لم يعاني من المشاكل نفسها، إلاّ أنّها كانت مضاعفة كوني امرأة، لكنّني قاومت وحقّقت أحلامي. أمّا اليوم، مع وجود الدعم والرؤية، لم يعد الوسط الفنيّ السعوديّ كما كان في السابق، ونحن ما زلنا نطمح للأجمل والأفضل.
من طفولة صعبة بسبب المشاكل الصحيّة والشخصيّة الخجولة إلى نجاح مستمرّ، زواج ونموّ على الصعيد الشخصيّ.. مسيرتكِ تعكس الكثير من القوّة، ما تعريفكِ لفكرة Empowered Women؟
مع الأسف، عند الحديث عن المرأة، أوّل ما يتبادر إلى ذهن البعض جمالها الخارجيّ فقط. لكنّها في الواقع أعمق بكثير، هي حالة من الإلهام والقوّة. هي مثقّفة، ذكيّة متعلّمة، معطاءة... هي المربيّة، الموظّفة وسيدة الأعمال...هي كلّ شيء. فلو عرفنا قيمة أنفسنا سيكون النجاح حليفنا في الحياة.
قلتِ في إحدى مقابلاتكِ: "إلهام الطفلة توجع قلبي لكنّي اليوم فخورة بها." ما الذي جعلها تستحق هذا الفخر؟
أصبحت فخورة بنفسي لأنّني عملت على ذلك. علّمتني الحياة ومنحتني النضج. من المهم الانتباه إلى من حولنا وما حولنا، والتركيز على التفاصيل والتأمّل والتعلّم من التجارب.
هل تعتقدين أن الرجل هو حاجة في حياة المرأة، رغبة عاطفيّة أو قيمة مضافة؟
في منظوري الخاصّ، المرأة بحاجة للرجل. هذا لا يؤثّر على حبّي لذاتي وقوّتي، فأنا قادرة أن أعيش بمفردي، وأن أبني حياتي ومستقبلي، إلاّ أنّني بحاجة إلى أبي، أخي، زوجي وأبنائي. وجودي، قوّتي، عطائي، ورؤيتي لنفسي على أنّني امرأة عظيمة لا يقلّل من احتياجي لوجود الرجل.
أخبرينا عن يومك. كيف تبدئينه؟ هل هناك طقس بسيط لا تتخلّين عنه مهما كان جدولك؟
هناك الكثير من الطقوس التي ترافق يومي! أوّلها أن أبدأ صباحي قبل ساعة كاملة من أيّ موعد، لأمنح نفسي وقتاً كافياً لاستيعاب تفاصيل الحياة والانسجام معها. هي ساعة أخصّصها لي وحدي قبل الانطلاق في يومي.
عدد ديسمبر يحتفي بالفخامة، اللمعان واحتفال المرأة بإطلالتها. أخبرينا عن علاقتكِ بالموضة والمجوهرات.
أنا امرأة عمليّة، وأميل بطبيعة عملي إلى الإطلالات الكاجوال التي تناسب وتيرة يومي ومتطلّباته. لكنّني في الوقت نفسه، أنتظر المناسبات بشغف، لأرتدي التصاميم الأنيقة والمجوهرات التي تمنحني شعوراً بالفرح والجمال.
كيف تتمنّين أن يراكِ الجيل القادم من النساء؟
أتمنّى أن يمتلك الجيل القادم قدرة أكبر على التعبير. فالأجيال السابقة واجهت صعوبة في التعبير عن نفسها، بينما آمل أن يتمكّن الجيل الجديد من تجاوز العوائق ليُظهر قدراته بوضوح. أؤمن أنّ الإبداع يولد من الثقة بالذات. لذلك أقول للجيل القادم: آمنوا بأنفسكم ولا تستسلموا. عبّروا عن أفكاركم، ودعوا العالم يرى حقيقتكم.
ماذا تعني لكِ عبارة "امرأة سعوديّة" اليوم؟
أنا سعيدة جدّاً بالمرأة السعوديّة، لأنّها أصبحت قادرة أن تروي قصّتها أمام العالم بثقة. كثيرون يظنّون أنّ المرأة السعوديّة كانت غائبة سابقاً، وهذا غير صحيح؛ كانت حاضرة دائماً، لكنّها لم تمتلك المساحة الكاملة للتعبير عن نفسها كما تفعل الآن. فالعالِمات، المخترعات، الجامعيّات، ورائدات الأعمال كنّ موجودات، لكنّ حضورهنّ لم يكن مُعلناً كما هو اليوم. أنا فخورة جداً بوجود دعم وتمكين حقيقيَّين للمرأة من قِبل وطننا وقيادتنا، ما يمنحنا الفرص لنبرز ونجلس على الطاولة نفسها مع نساء العالم.
