المعاناة مع الإكتئاب والقلق بعد بلوغ سنّ الـ40 It’s a real thing! لكن في الوقت عينه لا ضرورة لاعتبار هذه الحالة خطيرة، لأنها طبيعية جداً وأغلب السيّدات يمرنَّ بها. أردنا تسليط الضوء على الإكتئاب بعد سنّ الـ40، لأن الكثير من النساء يعشن هذه المشاعر من دون إدراكها ويعملن على تجاهلها بدل من معالجتها، مما يزيد الأمر سوءاً. الأهم هو الوعي حول مؤشرات وأعراض هذا النوع من الإكتئاب والتي تكمن عادةً في ملازمة المنزل طوال الوقت، إهمال الشكل الخارجي، التحدّث دائماً عن العجز والعمر ووضع خاتمة لكلّ الأحلام والأهداف! من هنا، معرفة الطريقة الصحيحة لتفادي هذه "المواجهة" مع العمر والقدرة على تخطيها بذكاء وسلام خطوة لا بدّ منها. كيف يتم ذلك؟ هذا ما ستخبرنا عنه مدربّة الحياة الإماراتية د. ولاء الشحي.
أسباب وحلول الاكتئاب في عمر الأربعين
هذه كانت أجوبة د. ولاء الشحي...
1- أغلب السيّدات تظنّنَ أن المعاناة من الإكتئاب أو القلق في عمر الـ40 ستهدم كل ما أنجزنه خلال السنوات الماضية، مع العلم أن مواجهة هذا النوع من القلق هو أمر طبيعي جداً! ما رأيكِ؟
للأسف، تعتقد بعض السيّدات وحتى الرجال أن بلوغ سنّ الـ40 يعني أن أحلامهم انتهت وحتى أن رحلتهم في هذه الحياة قد انتهت. كما يظنّ غير المتزوّجون، أن فرص الزواج في هذا العمر تقلّصت جداً، مما يزيد من اضطرابهم. أما بالنسبة لي الوصول لسنّ الـ40، هو بمثابة فرحة وبهجة، وهذه المشاعر يجب نقلها للجميع. على العكس، في هذه المرحلة العمرية يبدأ سنّ الوعي والنضج الكامل. في هذه المرحلة تبدأ الروح بالتلذّذ بكلّ التجارب التي نمرّ بها! سنّ الـ40 يتميّز بهدوء جميل، وقرب من الروح. عند الوصول لسنّ الـ40، يجب احترام كل التجارب التي مررنا بها وكل الصعوبات والآلام التي عشناها. تذكّري دائماً أن العمر هو مجرّد رقم، واملئي روحكِ بعمر الشباب الذي أنتِ تريدينه وتشعرين أنّكِ تعيشينه. إن قمتِ بذلك، فإن روح الشباب ستنعكس عليكِ، على طريقة تحدثكِ، تصرفاتكِ، ملابسكِ، ونظامكِ الغذائي....
2- ما هي الأسباب الأساسية وراء القلق أو الإكتئاب في عمر الـ40؟
السبب الحقيقي وراء القلق بعد بلوغ سنّ الـ40، هو نابع من داخل كل سيّدة. من أهم الأسباب هو الطريقة التي تربيّنا عليها ونشأنا وفقها. "هذا التصرّف غير مناسب لعمركِ... لا ترتدين هذا اللون لأنه لا يناسب سنّكِ... لا تعتمدين هذه التسريحة فهي ليست لعمركِ..." أغلبنا سمع هذه العبارات في سنّ الطفولة والمراهقة، لأن الأهل يربطون كلّ شيء بالسنّ! نظرة المجتمع والمعتقدات التي تبرمجنا عليها من النشأة، هي السبب الحقيقي والداخلي الذي يدفع كل واحدة فينا لإعتقاد أن سنّ الـ40 هو سنّ العجز والشيب. للأسف، في هذه المرحلة نعتقد أنه يجب ارتداء ملابس معيّنة واعتماد ألوان معيّنة. لكن الواقع هو العكس تماماً، في هذا السنّ يجب أن تعتمدي الملابس التي تناسبكِ وتريحكِ. أن تمارسي النشاطات التي تحبينها وتستمتعين بها، رغم أن البعض يعتبرها "جنون". عيشي اللحظة التي تتواجدين بها، لا تبكي على الماضي، ولا تحاكي المستقبل بطريقة مبالغة. نعم، أستفيد من الماضي وأتعلّم منه وأعمل للمستقبل، لكن في نفس الوقت أعيش اللحظة وأستمتع بها!
السبب الثاني وراء نمو مشاعر القلق هذه في سنّ الـ40، هو نظرة المجتمع. كثيراً ما نستمع ونصدّق ونخاف من كلام الناس: "انظري إلى ملابس هذه المرأة... تبحث عن طريقة لتظهر أصغر سناً... انظري كيف تتصرّف..." كل هذا الكلام وأحكام الآخرين، تسبّب قلق في سنّ الـ40. كذلك، وللأسف بعض النساء ثقتهنّ مزعزعة بأنفسهنّ ولا تدركنَ ما هي استحقاقاتهنّ وأهدافهنّ في هذه الحياة وعندها تكتمل دوّامة القلق.
3- ما الفرق بين القلق في عمر الـ20، عمر الـ30 وعمر الـ40؟
في الواقع، عندما نكون في سنّ المراهقة والبلوغ، ننتظر بفارغ الصبر الوصول إلى سنّ الـ20. عندها تنمو مشاعر القلق بسبب بدء مرحلة عمرية مفصلية، توديع الطفولة والمراهقة، دخول الجامعة، وعيش تجارب جديدة كشخص بالغ. تظن معظم الفتيات أن الوصول إلى سنّ الـ20 يعني الوصول إلى سنّ الحرية، وممارسة كل ما كان ممنوع في السابق.
أما عند دخول سنّ الـ30، يبدأ القلق تجاه تحمّل المسؤولية بشكل أكبر وتدور التساؤلات في ذهن كل سيّدة منّا: "هل حقّقت حلمي؟ هل تزوّجت وبنيت عائلة؟ هل وجدت رسالتي في هذه الحياة؟ هل فعلاً أستحق كل ما وصلت إليه؟" في حال وصلت السيّدة لهذا السنّ وهي لم تنجز كل هذه التساؤلات، فسوف تشعر بتوتّر وقلق دائم.
في حال حملت هذه التساؤلات معها إلى سنّ الـ40، فهنا القلق الأكبر حيث تعتقد أنها دخلت سنّ اليأس وهذا الأمر يؤثّر عليها نفسياً وصحياً. الأفكار السوداوية التي تدور في ذهننا، تزرع بنا مشاعر اليأس وتجعلنا نعيشها في الواقع.
4- ما هي برأيكِ الخطوات الأساسية الذي يجب اتباعها للتغلّب على القلق أو الإكتئاب في عمر الـ40؟
- في البداية يجب التشديد على أن مواجهة هذا نوع القلق هي ليست كمثابة حرب مع العمر!
- الإستماع إلى الروح الداخلية: هي الخطوة الأساسية الأولى والمفتاح الحقيقي. عيشي روحك الحقيقية.
- التقبّل: إن لم تتقبّلي أنّكِ دخلتِ عمر الـ40، لن تستطيعي الإستمرار. لكن لا تتقبّلي الإستسلام والعجز.
- الاستمرارية: مهما اشتدّت صعوبة التجارب وحتى لو تعبتِ ولم تحقّقي كل ما تريدينه. يمكنكِ البدء الآن، فما من مانع! أذكّر أن العمر هو مجرّد رقم. الكثير من الأسماء اللامعة في عالم الأعمال وغيرها من المجالات، نجحوا بعد سنّ الـ40.
- المرونة: تمتّعي بالمرونة تجاه تغيّرات الجسم والهرمونات، تغيّرات المجتمع والواقع.
- الهدوء والتوازن: هذان العاملان يساعدانكِ على رؤية الأمور ببساطة وتقبّلها بكل حبّ، مرونة ورضى.
- وضع خطّة: نعم، ضعي خطّة في سنّ الـ40 ولا تمشي بطريقة عشوائية. خطّة لتطوير الذات، خطّة لإنجاز مهنة جديدة، خطّة للإهتمام بالصحّة، خطّة لتعزيز العلاقات. اعرفي قيمتكِ الحقيقية ولا تتأثري بالناس السلبيين أو رأي الآخرين.
- عيش البهجة والسلام: من الخطوات الأساسية عيش الحياة ببهجة وسلام، وهذا سينعكس بطريقة إيجابية بحتة على كل مل يحيطكِ.
5- برأيكِ في أية مرحلة، يجب اللجوء إلى العلاج النفسي العيادي؟
معالجة الروح والنفس يجب أن تكون في كلّ لحظة وفي كل مرحلة. أنا أقول دائماً من المهمّ إفراغ الكأس حتى أستطيع أن أملأه مرّة جديدة. معالجة الفكر يجب أن تكون عمل يومي. تعلُم أساليب التنفّس، اللجوء إلى جلسات التأمّل، ممارسة اليوغا والرياضة، اعتماد أسلوب حياة جديد في الأكل، في التواصل، محاولة تطوير النفس من خلال الذكاء العاطفي العالي... هذه كلّها أساليب للتجديد ومعالجة حياتنا وفكرنا.
6- في حال كانت صديقتي تعاني من القلق تجاه العمر، كيف يمكنني مساعدتها؟
أولاً يجب مساعدتها على تقبّل عمرها، وعدم اعتباره غلطة أو دفع ثمن ما أو أنها وصلت لنهاية الرحلة. عرّفيها إلى أشخاص ناجحين يتمتّعون بروح شبابية على الرغم من بلوغ في سنّ الـ40 والـ50. ادعميها ووجّهيها لزيارة متخصصين في معالجة هذا القلق لتتعلّم خطوة بخطوة طريقة تقبّل هذا العمر.
7- تجنّب مشاعر القلق تجاه العمر: هل هذا أمر مستحيل؟ وكيف يمكن اتمامه؟
لم يكن التجاهل يوماً هو الحلّ! يمكنكِ تجاهل القلق تجاه السنّ مظهرياً، ولكنه سيبقى حيّ داخلياً وفي اللاوعي. الحلّ هو التقبّل وعيش السنّ في حبّ.
8- هل صحيح أن كلّما تقدّم الشخص بالعمر، كلّما زادت لديه مشاعر التوتر والقلق؟
صحيح في حالة واحدة: إذا الشخص شرّع أبوابه لهذه المشاعر. المفتاح في يدكِ، والباب المغلق أمامكِ، هي عملية خيار واختيار. أنتِ التي تستطيعين الحدّ من هذه الأفكار من خلال الخطوات المذكورة أعلاه. أما إذا عزّزتِ التساؤلات والأفكار السلبية، فتكونين قد فتحتِ الباب أمام أحاسيس القلق والتوتر التي سترافقكِ كلّما تقدمتِ بالعمر.