تحوّل تطبيق تيك توك إلى منصّة لاكتشاف الموسيقى الجديدة. ففي العام 2019 وخلال الحجر المنزليّ، أصبح جيل الشباب يبحث عن طرق جديدة ومبتكرة لخلق محتوى جديد، مما جعل هذا التطبيق يقدّم صناعة موسيقيّة كاملة. من بين مستخدميه الناشطين شهريّاً والذي يبلغ عددهم أكثر من مليار شخص، هناك من ينشئ اتّجاهات جديدة للأغاني، أو حتى يتعاون مع المؤثّرين، كوسيلة لتسويق أغانيه. كما أنّ العديد من الموسيقيّين المشهورين اليوم، بدأوا حياتهم المهنيّة على هذا التطبيق. إكتشفي معنا كيف غيّرت منصّة TikTok المشهد الموسيقيّ في العالم العربيّ، من خلال هذا التقرير، بالإضافة إلى رأي الخبراء.
قائمة المحتويات
تأثير تيك توك عالم الموسيقى
وفّر تطبيق تيك توك فرصاً متساوية للجميع، فيمكن لمستخدم جديد أو فنّان صاعد أن يحصد نجاحاً غير متوقع، مثل أيّ فنّان معروف. أصبحت هذه المنصّة مؤثّرة في عالم الموسيقى من خلال:
- التحوّل في طريقة إنتاج الأغاني: تحوّلت الأغاني إلى مقاطع خاطفة وقصيرة جاهزة للاستخدام من قبل روّاد المنصّة، بدلاً من الطريقة التقليديّة القديمة المعتمدة التي تركّز على كافّة تفاصيل الأغنية. أصبح الاتّجاه إلى صنع أغانٍ بشكل أبسط، تدعو للحركة، الرقص والتفاعل،وكان لهذه القواعد الجديدة تأثير آخر على شكل الأغاني التي تتصدّر المنصّة، ما أوجد طرقاً بديلة لتحقيق النجوميّة في عالم الغناء، مكّنت كثراً من تحقيق انتشار واسع في أيّام قليلة فقط. لم يعد هناك داعٍلإصدار ألبوم كامل أو أغنية كاملة، فنصف أغنية قادرة على جعلكِ من نجمات الغناء.
- تحوّل الفنّانين من مغنّين إلى صانعي محتوى: لم يكتفِ المغنّون بإطلاق الأغاني فحسب، بل تحولوا أيضاً إلى صانعي محتوى، للوصول إلى عدد أكبر من الجماهير. فرأينا فنّانين يقومون بتصوير فيديوهات يعرضون فيها مهاراتهم الترفيهيّة، بدلاً من مقاطع الفيديو الموسيقيّة الخاصّة بهم أو إصدارات الأغاني.
- إستثمار TikTok بالمواهب الصاعدة: كونها منصة رقميّة، من السهل أن تشتهري من خلالها وتنشئي قاعدة جماهيريّة كبيرة. فهذه المنصّة تقوم بالاستثمار في المواهب، من خلال برنامج Creator Hub.في منطقة الشرق الأوسط، أطلقت المنصّة برنامج Creator Hub في الإمارات العربيّة المتّحدة ومصر، للمساعدة في تحديد المبدعين الموهوبين وربطهم بالموجّهين والخبراء الذين يمكنهم دعم موهبتهم وتنمية مهاراتهم.
لماذا يرتبط تطبيق تيك توك بجيل Gen Z؟
أصبح تطبيق تيك توك مرتبطاً بجيل Gen Z! ففي أعقاب صعوده السريع، رأينا جيل Gen Z ينشئ محتوى مميّزاً يطبع هويّته التي يتمّ تحديدها من خلال حسّ الفكاهة، الموضة الصارخة والمفردات القائمة على "الميمز". ففي حين يتردّد أنّ أكثر من مليار شخص يستخدمون المنصّة لساعات متتالية، فإن تيك توك مرتبط ارتباطاً وثيقاً بهويّة الجيل Gen Z مع مشهد مختلف، يتمّ من خلاله التعبير عن النفس، الاكتشاف والتجربة، لا سيّما فيما يتعلّق بالموسيقى. في منطقة الشرق الأوسط، رأينا العديد من الفنّانين العرب الذين اشتهروا عبر هذه المنصّة ليحقّقوا نجاحات دوليّة. ما السبب؟
- منصّة مرتبطة بالإلهام الإبداعيّ.
- الجيل الجديد منفتح على التطوّرات وعلى أنواع الموسيقى الجديدة.
- جمهور يدعم الفنّانين الناشئين.
- منصّة سهلة الاستخدام، فعادةً ما تتميّز مقاطع فيديو تيك توك بالشفافيّة والحيويّة.
- يتكيّف نجوم تيك توك ببساطة مع الطريقة التي يستهلك بها الناس الموسيقى.
الموسيقى العربية إلى العالمية عبر تيك توك
مع شهرة منصّة تيك توك، إستحوذ الفنّانون العرب على اهتمام عالميّ، حيث شهدت المنطقة عدداً لا بأس به من الفنّانين العرب الذين يستخدمون تيك توك Algorithm لصالحهم. سواء كنتِ من محبّات الموسيقى الصادرة عن المنصّة أم لا، فإنّ تيك توك قد ترك بصمته بالفعل في صناعة الموسيقى، ولا يمكننا القول سوى أنّ الجيل الجديد هو صانع الموسيقى اليوم. أمّا كيف استطاعت الموسيقى العربيّة أن تحدّد مكانتها في العالم؟ فذلك يعود إلى أسباب عدّة منها:
- التعاون بين الفنّانين.
- التحدّيات على المنصّة.
- ميزة Duet.
- إنتشار أنواع جديدة من الموسيقى الـFusion التي تمزج بين لغات عدّة.
مقابلة مع طارق المندلق عن دور تيك توك في الموسيقى العربية
كيف غيّرت منصّة تيك توك المشهد الموسيقيّ العربيّ؟ ما الذي يجعل من مقطع موسيقيّ معيّن Viral؟ ما الذي يميّز الفنّان عن صانع المحتوى؟ كيف تساهم هذه المنصّة في انتشار المواهب الناشئة؟ وغيرها الكثير من التفاصيل ستكتشفينها في هذه المقابلة مع طارق المندلق.
برأيكَ، ما هي المقوّمات ليثبت الفنّان نفسه في 2023؟
المقومات الأساسية التي يجب أن يتمتّع بها الفنان هي: التحلّي بالانضباط، أن يكون محاطاً بفريق عمل رائع، بناء قاعدة جماهيرية ووضع استراتيجية للمحتوى الموسيقي.
لا يزال المشهد الموسيقيّ في المنطقة متراجعاً على عدّة مستويات. برأيكَ ما الذي يتطلّبه ليصبح بمستويات عالميّة؟
في حين أنّه تمّ إحراز بعض التقدّم في السنوات الأخيرة، مثل ازدياد أعداد الفنّانين على المنصّات الدوليّة، وازدياد المهرجانات الموسيقيّة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأخيراً وليس آخراً، إستثمار العديد من البلدان في برامج تعليم الموسيقى للمواهب المحلّية. بالرغم من ذلك، لا يزال المشهد الموسيقيّ يواجه عدداً من التحدّيات، مقارنةً بالمشهد الموسيقيّ العالميّ. أمّا المقوّمات التي يحتاجها، فهي:
- مجتمعات الترخيص والنشر: يمكن أن يساعد ذلك في تحسين المشهد الموسيقيّ في منطقة الشرق الأوسط، من خلال توفير الدعم للمواهب الصاعدة، لتسهيل وصولهم إلى شبكات التوزيع العالميّة، منحهم التراخيص، وتعزيز التعاون مع المجتمع الموسيقيّ العالميّ. كذلك، تلعب هذه المنظمّات دوراً مهمّاً في حماية حقوق الفنّانين وتعزيز نظام بيئيّ موسيقيّ نابض بالحياة ومستدام في المنطقة.
- مؤسسات لحقوق الآداء: هذه المؤسّسات ضروريّة في السوق، خاصّةً لكتّاب الأغاني والمنتجين، من خلال جمع الحقّ الحصريّ وتوزيعه نيابة عن مؤلّفي الأغاني، الملحّنين وناشري الموسيقى.
- منح الفنّانين الفرصة لتحقيق الأرباح: هذا أمر بالغ الأهميّة لنموّ صناعة الموسيقى واستدامتها، حيث يمكن أن تساعد في ضمان مشهد موسيقيّ متنوّع وحيويّ.
- مديرو أعمال فنّانين شغوفون ومحترفون: هناك جيل جديد من المتخصّصين في صناعة الموسيقى الطموحين والمتحمّسين بشكل كبير، وقد حان الوقت لمنحهم فرصة ولدعمهم، لأنّهم يمثّلون صوت اليوم ولديهم القدرة على معرفة الاتّجاهات قبل ظهورها.
- دعم كبار صنّاع الموسيقى: من الضروريّ دعم الفنّانين الصاعدين في الشرق الأوسط، كونها منطقة غنيّة بالمواهب الموسيقيّة غير المستغلّة، وتتميّز بمنظور ثقافيّ فريد، يمكن أن يثري المشهد الموسيقيّ العالميّ. بهذه الطريقة، يمكن لصانعي التغيير المساعدة في تعزيز التبادل الثقافيّ، التنوّع والإبداع وخلق فرص جديدة للفنّانين في المنطقة. بالإضافة إلى ذلك، يساعد ذلك المواهب الناشئة في كسر الصور النمطيّة السلبيّة والمفاهيم الخاطئة عن المنطقة.
كيف تساهم منصّة تيك توك في تغيير صناعة الموسيقى اليوم؟
أثبت نهج تقديم المحتوى المنسّق والمخصّص لـتيك توك أنّه محرّك ترويجيّ فعّال لصناعة الموسيقى، فينجح الفيديو القصير في تقديم موسيقى جديدة أو غير مألوفة بطريقة عضويّة. بالنسبة للفنّانين، فيديوهات تيك توك القصيرة فعّالة في التسويق، فعلى سبيل المثال، Saint Levant وLana Lubany، كلاهما من فلسطين، يستخدمان المنصّة للوصول إلى النجاح العالميّ وكسر الحدود. كان للفنّان الأردنيّ المستقلّ Llunr أيضاً العديد من الأغاني التي انتشرت على المنصّة، نظراً لنشاطه، تفاعله وذكائه في استخدامها، وكانت أغنيته "Doo Doo Doo Unplugged" في الواقع، واحدة من أفضل 10 أغانٍ الأكثر استخداماً في فيديوهات تيك توك السعوديّة، وهذا يعتبر إنجازاً ضخماً لفنّان مستقلّ!
ما الذي يجعل موسيقى معيّنة تنتشر على تيك توك؟
لا توجد صيغة محدّدة لانتشار أغنية على تيك توك كما يعتقد الجميع، فهذه خرافة! هناك العديد من العوامل والأنماط التي يتمّ أخذها في عين الاعتبار عند النظر إلى الأغاني التي انتشرت على تيك توك في المنطقة وهي:
- دراسة هيكل الأغنية: بالنسبة لي، هناك شيئان مختلفان يتعين علينا مراعاتهما عندما يتعلّق الأمر بسلوك الأغنية على TikTok، وهما الإنتاج والكلمات. على سبيل المثال، إذا كانت أغنية تتّسم بـ Slow Tempo ،Beat Drop أو Pick Up in Tempo، فقد تكون مثاليّة لأيّ نوع من الـ Transition أو "glo-up". من جهة أخرى، يمكن للأشخاص ربطها بأمور مختلفة في حياتهم، فيستخدمونها لمقاطع فيديو POV، الفيديوهات الكوميديّة أو الدراميّة، وحتى لإنشاء مقاطع فيديو غنائيّة، مع خلفيّات تشبه الموضوع...
- التنويع في المحتوى: هناك العديد من منشئي المحتوى الذين يركّزون على محتوى معيّن، فيبحثون باستمرار عن الأغاني لاستخدامها في مقاطع الفيديو الخاصّة بهم. من الضروريّ للمغنّي أن يدرس بنية أغانيه، واكتشاف كيف يمكن للمبدعين أن يرتبطوا بها. على الفنّان أن يجرّب أشياء مختلفة، ليرى ما الذي يجذب المجتمع، لأنّه في النهاية هو الذي يقرّر ما هي "الاتّجاهات".
- التفاعل: إذا كنتِ فنّانة، فأن تكوني نشطة على حساب تيك توك باستخدام الأصوات الرسميّة الخاصّة بكِ وتجربة أشياء مختلفة أمر مهمّ. يعدّ إنشاء 2-3 مقاطع فيديو في الأسبوع باستمرار أكثر من كافٍ، للحفاظ على تفاعل الحساب وإرضاء قاعدة المعجبين. عندما يستخدم شخص ما أغانيكِ، تأكّدي من ترك التعليق أو الإعجاب أو أيّ شيء يجعله يشعر بالتفاعل معه.
هل تعتبر الموسيقى كافية لتحقيق شهرة على تيك توك؟ هل يمكننا القول إنّ الفنّان = صانع محتوى؟
أعتقد أنّ الفنّان ومنشئ المحتوى شيئان مختلفان في السياق الكبير للأشياء، ولكن إذا فكّرنا في الأمر، فإنّ الفنّانين ينتجون مقاطع فيديو موسيقية، محتوىً قصيراً وموسيقى، يتمّ استخدامها كجزء من المحتوى العام. لذا نعم، يمكن اعتبار الفنّان منشئ محتوى. الموسيقى، هي أهمّ جزء في مسيرة الفنّان بالتأكيد، لأنّه من دونها لا توجد قاعدة. ينجح بعض الفنّانين، دون أن يكونوا نشطين على المنصّات الاجتماعية، أو إنشاء محتوى لكل إصدار، والعكس صحيح. هناك الكثير من الضغط في الوقت الحاضر على الفنّانين لإنتاج المحتوى والحضور في كلّ مكان في الوقت نفسه، وهو عبء على كلٍّ من عمليّتهم الإبداعيّة وصحّتهم العقليّة. يجب على الفنّان إنشاء محتوى لدعم إصداراته وضمان نجاحه، ولكن ليس إلى الحدّ الذي يطغى فيه على الموسيقى، لأنها في النهاية، هي جوهر كلّ ما نتحدّث عنه.
لماذا يرتبط تيك توك بجيل Z؟
تيك توك ليس منصّة اجتماعيّة، ما يعني أنّ المستخدمين ليسوا مدفوعين بالرغبة في مشاركة حياتهم الخاصّة، ولكن في الرغبة بإنشاء واستهلاك المحتوى الذي يهتمّون به. هذا هو أحد الأسباب التي جعلت تيك توك تحظى بشعبيّة كبيرة بين الأجيال الشابّة، وخاصّة الجيل Z وجيل الألفيّة. نشأت هذه الأجيال في عالم يعدّ فيه المحتوى الرقميّ جزءاً لا يتجزّأ من الحياة اليوميّة، وهم يبحثون عن طرق جديدة ومبتكرة، للتعبير عن أنفسهم والتفاعل مع الآخرين عبر الإنترنت. يوفّر تيك توك نظاماً أساسيّاً للمستخدمين للقيام بذلك، مع مجموعة واسعة من الأدوات والميزات الإبداعيّة التي تتيح للمستخدمين تجربة أشكال مختلفة من المحتوى والتفاعل مع مستخدمين آخرين يشاركونهم اهتماماتهم. نتيجة لذلك، أصبحت ظاهرة ثقافيّة، إستحوذت على انتباه ملايين المستخدمين حول العالم.