الطاقة السلبية مصطلح غالباً ما نسمع عنه، وهي تُعرف بعلم النفس بأنّها طاقة تتمثّل في مجموعة من المشاعر والأفكار السلبية في عقل الإنسان الباطن؛ كالقلق من المستقبل، إعادة الأحداث إلى الماضي، التوتر الدائم وغيرها. هذا الأمر بطبيعة الحال يجعل المرء في حالة احباط وغير قادر على مواجهة الحياة، كما تؤثّر على علاقاته الاجتماعية وقد تنتقل هذه الطاقة السلبية من شخص إلى آخر. هناك العديد من العلامات التي تحذّر الإنسان من وجود هذه الطاقة، لكن في بعض الأحيان يتمّ تجاهلها وعدم أخذها على محمل الجد. لذلك الطبيبة السعودية هبه الآيان، ميسرة للصحة والعافية الشمولية، ستكشف لكِ عن كلّ ما عليكِ معرفته عن الطاقة السلبية في الجسم، بدءً من المؤشرات مروراً بخطورتها وصولاً إلى مرحلة العلاج والتشافي.
علامات الطاقة السلبية في الجسم وطرق علاجها
هذه كانت أجوبة د.هبه الآيان...
1- ما هي علامات الطاقة السلبية في الجسم؟
هناك مؤشرات نفسية وجسدية، وغالباً ما نلاحظ في أنفسنا أو في الآخرين العلامات النفسية. ولكن من الصعب الكشف عن المؤشرات الجسدية، لأن أغلب الناس لا يعرفون مدى تأثير النفسية على الجسد، أو قد يدركونه، لكنّهم منفصلين عن أجسادهم.
علامات الطاقة السلبية النفسية هي:
- كثرة الشكوى
- الانتقاد الدائم
- الغرق في الافكار السلبية
- اجترار الماضي
- الحزن
- الخوف
- انتقاد الآخرين
- انتقاد الذات
- سهولة الإستفزاز
- الاندفاع
- التوتر
علامات الطاقة السلبية الجسدية هي:
- الصداع
- شد في عضلات الرقبة
- ألم في الأكتاف
- آلام في الظهر واسفله
- آلام في المفاصيل
- صعوبة في النوم
- ضعف المناعة
- التعرّض للمرض بكثرة
سواء كان يعاني الشخص من مؤشرات الطاقة السلبية النفسية أو الجسدية، فهذا لا يعني بأنّه السبب في الوصول إلى هذه الحالة، فقد تكون البيئة المحاطة به هي التي تبعث هذه الطاقة السلبية مثل المشاكل المنزلية أو الضغوطات في العمل.
2- كيف تدخل الطاقة السلبية إلى جسم وعقل الانسان؟
تدخل الطاقة السلبية إلى جسم وعقل الانسان عن طريق إمّا الناس السلبين، البيئة السلبية أو الأفكار السلبية.
- بالنسبة للناس السلبيين: إن التواجد مع أشخاص يشتكون دائماً ويتذمّرون من أي شيء، وليس لديهم أيّة نظرة تفاؤل، فهذا الأمر قد يؤثّر على نفسية الطرف الآخر. وكما يُقال: "جاور السعيد تسعد جاور التعيس تتعس". ولكن طبعاً هذا لا يعني أنّه يجب الإبتعاد عن هؤلاء الأشخاص، بل يجب التعلّم كيفية التعامل معهم مثل تقوية أنفسنا ذهنياً لعدم التأثّر من طاقتهم السلبية.
- بالنسبة للبيئة السلبية: إن التواجد ضمن بيئة سلبية قد تجعل الشخص يتوتر بسرعة، تنخفض طاقته أو يصبح سريع الغضب. على سبيل المثال، العيش في منزل مليء بالمشاكل أو العمل في شركة لا تحترم موظّفينها وتقلّل من شأنهم، أسباب كفيلة في إدخال الطاقة السلبية إلى عقل وجسم الشخص. لكن في بعض الأحيان لا تكون البيئة سلبية، وإنّما حوّلت طاقة الإنسان إلى طاقة سلبية، لأنّه لم يعلم كيف ينظّم مشاعره. على سبيل المثال، هناك شخص في صالة الانتظار في الطوارىء، عليه أن ينتظر دوره بكلّ هدوء على الرغم من أنّه يتألّم، ولكن فجأة يغضب ويتوتر. هنا البيئة ليست سلبية، ولكنّه ببساطة لم يدرك كيف يتعامل مع مشاعره بطريقة صحيحة.
- بالنسبة للأفكار السلبية: من المهمّ جداً أن يكون لدى الشخص الوعي الكافي حول الأفكار السلبية. على سبيل المثال، هناك زحمة سير والموظف قد يتأخّر عن عمله، فيقرّر بنفسه بأن هذا اليوم سيكون سيئاً. من هنا يبدأ بتكوين الفكرة السلبية ويدخلها إلى عقله، وجسمه بالتالي يبدأ بالتجاوب معها وذلك من خلال التوتر والإنفعال السريع، بمعنى آخر الشخص هو من يسمح للأفكار السلبية بأن تخرّب يومه. لذلك من المهمّ جداً الإنتباه على نوعية الأفكار التي نفكّر فيها أو التي نقنع أنفسنا فيها، لأن دماغنا يسمع ويتأثر بها.
3- كيف تؤثر الطاقة السلبية على الحياة الشخصية؟
تؤثر الطاقة السلبية على الشخص نفسياً، جسدياً واجتماعياً. كما ذكرنا أعلاه، فالمؤشرات النفسية تكون مثل التوتر، القلق وسرعة الغضب، أمّا المؤشرات الجسدية فتكون مثل المناعة الضعيفة، الشعور بآلام في الجسم والصداع، والتي عادةً لا يكون لديها أي تفسير طبي. اجتماعياً تؤثر الطاقة السلبية على علاقات الشخص سواء مع الأصدقاء أو العائلة أو الموظفين.
4- متى تتحوّل الطاقة السلبية إلى مرض؟
عندما لا يتمكّن الإنسان من أن يقدّم مهامه اليومية، تعيقه وتعيق تقدّم حياته، وهذا يختلف من شخص إلى آخر، لأن التقدّم في الحياة والإعاقة في المهام اليومية مغايرة من فرد إلى آخر. على سبيل المثال، تجد الوالدة صعوبة في الإهتمام بأولادها على المستوى المطلوب، أو يصعب على الموظّف الذهاب إلى عمله.
5- هل من خطوات يومية سهلة تساعد على إخراج الطاقة السلبية من الجسم؟
عندما نريد أن نعالج مشكلة يجب معرفة السبب ومصدر هذه المشكلة، بمعنى آخر غالباً ما نلتفت للأعراض من دون الإنتباه للسبب. هذا يعني، عندما نشعر بالتوتر، نبحث عن حلّ من دون معرفة السبب الحقيقي وراء هذا الشعور. لذلك لا يمكن معالجة المشكلة دفعة واحدة، بل يجب تحديد السبب والتعامل معه مع إدخال عادات يومية صغيرة تساعد في التغلب على مصدر المشكلة: يجب زيادة مرونتنا النفسية للتعامل مع الناس السلبيين وعدم التأثر من طاقتهم السلبية، أو ترتيب المنزل في حال كان فوضوي ومليء بالغبار. أمّا بالنسبة للأفكار السلبية، فيجب معرفة السبب والتأكّد من أنها حقيقية، فغالباً ما نعظّم الأشياء بدلاً من تبسيطها.
6- متى يستدعي الأمر مساعدة من متخصّص؟
عندما يتحوّل الموضوع إلى مرض، أي عندما تصبح الحالة كما ذكرنا سابقاً تعيق تقدّم الشخص في الحياة، وتشعره بالوجع الكبير والحزن الشديد.
7- كيف من الممكن أن أحمي نفسي من الطاقة السلبية؟
الطاقة السلبية، الطاقة الإيجابية، الفرح، الحزن، التوتر... كلّها مشاعر موجودة في الحياة، ولا يمكن التخلّص منها نهائياً، بل يجب التعلّم كيفية التواجد معها، فالحياة فيها خير وشر. لذلك يجب اكتشاف طرق تزيد من مرونتنا والتأقلم مع الظروف، هذا إلى جانب عدم شخصنة الأمور، فكلّ واحد منّا لديه مشاكل داخلية. من هنا يجب التركيز على أنفسنا والعودة إليها بدلاً من أخذ الأمور على محمل شخصي. بدلاً من قول "لماذا عاملني بهذه الطريقة؟" يجب استبدالها بهذه الاسئلة: "لماذا تضايقت؟ وما الذي علّمني إيّاه هذا الموقف؟" أيضاً من الضروري رفع الطاقة الإيجابية في حياتنا من خلال عادات يومية نقوم بها مثل ترتيب المنزل، أن نكون محاطين بأشخاص متفائلين ومراقبة أفكارنا.
8- هل من الممكن أن أنقل الطاقة السلبية إلى الآخرين من دون أن أعلم؟
طبعاً من الممكن أن تنقلي الطاقة السلبية إلى الآخرين من دون أن تعلمي بذلك، فأنتِ من البشر وقد تخطئين في بعض الأحيان. أنا لا أشجّع الشخص الذي يعاني بصمت ويلبس قناع المهرّج من أجل إسعاد الجميع وهو في الحقيقة من الداخل يعاني، بل يجب الإهتمام بنفسه ويكون الظاهر مثل الباطن.
9- ما الفرق بين الشفاء والعلاج في ما يتعلّق بموضوع الطاقة السلبية في الجسم؟
- الشفاء= الشفاء من مصدر المشكلة والإنتهاء منها نهائياً.
- العلاج= علاج الأعراض للتحكم بالمشكلة حتى لا تتفاقم، ولكن لا يتمّ الشفاء منها نهائياً.
على سبيل المثال، السكري هو مرض مزمن لم يُكشف له بعد شفاء نهائي، بل يتمّ تناول الحبوب وأخذ حقن الأنسولين للتخفيف من أعراضه فقط ولعدم تفاقم المشكلة.
10- متى يشعر الشخص أن الطاقة السلبية خرجت من الجسم؟
عندما تتحسّن حالته، سيبدأ في ملاحظة أن أعراضه النفسية والجسدية قد خفّت. على سبيل المثال لم يعد سريع الغضب، أو يشعر بالتوتر الدائم من أشياء كانت تحفّز هذا الشعور. أمّا جسدياً فلم يعد يمرض كثيراً، شعوره بالآلام ستتقلّص أو تختفي.
11- أخبرينا عن تمارين أو نصائح تساعد على فهم لغة الجسد
بالنسبة لي هناك 3 طرق أحبّها جداً في الإتصال مع الجسد: التمارين الحركية/الرياضة- اليوغا والتأمّل.
- التمارين الحركية والرياضة: ما من تمارين معيّنة للإتصال مع الجسد وفهمه، فكلّ شخص منّا يفضّل حركة على أخرى. ما يهمّ هو ممارسة التمارين بوعي، التركيز مع أجسامنا، الشعور بنبض قلبنا وعضلات جسمنا. عندما نوجّه تركيزنا على الجسم نزيد بالتالي من الاتصال العضلي ونزيد الاتصال بين الجسد والنفس.
- اليوغا: من الممكن اللجوء إليها كتمارين رياضية أو كطريقة نفسية لتحرير المشاعر من الجسد. أنا مثلاً في جلسات اليوغا أحبّ أن أركز على تحرير الطاقة المكبوتة في الجسم وتحرير الصدمات من الجسم.
- التأمّل: هناك أنواع كثيرة ولكن واحدة من التأمّلات المفضّلة لديّ، هي تأمّل اليقظة أي الحضور في اللحظة. فكرته بسيطة ويمكن القيام به في أي مكان وفي أي وقت، سواء عند تحضير الطعام، العمل وغيرها. بمعنى آخر أن أكون حاضرة واستشعر كلّ لحظة، أن أشعر بوجودي، لأن هذا الأمر يساعد في نقل تركيز الدماغ والأفكار من السرح في الخيال إلى التركيز في اللحظة. قد يكون تأمّل اليقظة صعب بعض الشيء في البداية، لأنه يتطلّب من الشخص التركيز على شيء واحد، وقد يكون أصعب عند يتمّ اللجوء إليه من دون القيام بأي شيء. بالنسبة للتنفس، لا يجب أن يكون سريعاً وسطحياً، لأنّه يدلّ على التوتر وأن الجسم مشدوداً. لذلك يجب أن يكون هادئاً وعميقاً، من أجل نقل الأوكسيجين إلى أماكن الجسم التي يكون فيها مشاعر مكبوتة.
12- ماذا تقولين لمَن لا يؤمن بوجود الطاقة السلبية في الجسم؟
لن أقول يجب أن تؤمن بوجود الطاقة السلبية، فهي اختلاف مسميات. في المقابلة كلّها استخدمت توتر، التفكير الكثير، ارتفاع مستويات الطاقة في الجسم وغيرها. لذلك أقول إنّه لا يجب التدقيق في كلمة الطاقة السلبية، فبعد سنوات عدّة قد يتغيّر هذا المصطلح ويطلق عليه اسم آخر. كما أنّني لا أعتقد أن هناك أشخاص لا يؤمنون بوجود الطاقة السلبية في الجسم، ولكنّهم منفصلين عن أجسادهم وغير مدركين بالرابط بين النفس والجسد.