التوسّع والتطوّر من أهم التحديّات التي تواجهها العلامات الفاخرة، فهي في سعي دائم لجذب جمهور واسع ومتنوّع من دون المسّ بهوية الدار. لطالما ارتبطت الرفاهية بندرة المواد والمهارات الحرفيّة، لكن اليوم، مع السعي للحفاظ على الأصالة، تعزيز نموّ الشركات واكتساب عملاء مخلصين، لجأت العلامات الفاخرة إلى أساليب متنوّعة لبلوغ أهدافها منها مبدأ الـArtification.
ما هو مبدأ الـArtification؟
يتمّ تعريف الـArtification على أنّه العمليّة التي يتمّ فيها "تحويل شيء لا يعتبر فناً بالمعنى التقليديّ للكلمة إلى عمل فنّي أو شيء يشبه الفن أو مستوحى منه." تتضمن العمليّة التحويليّة عادة، عناصر عدّة تلتزم بها العلامات التجاريّة لربط نفسها بعالم الفن، قد تكون قصيرة أو طويلة المدى.
أسباب الرغبة المتزايدة في اعتبار سوق السلع الفاخرة "فن"
- التحوّل في سوق السلع الفاخرة: من شركات متخصّصة في تقديم قطع حصريّة إلى الأقلّية، إلى قطاع ينمو بنشاط ويستهدف عملاء متزايدين.
- إعادة التأكيد على التفرّد والحصريّة فيما تقدّمه الدور.
- الصعوبة على المنافسين في التقليد، كون عمليات التعاون في مجال الأعمال الفنيّة عادة ما تكون معقّدة ومحدّدة للغاية.
ما هي أشكال الـArtification؟
تغوص العلامات التجاريّة العالميّة في عالم الفنون وتعتمد التحوّل الفنّي أيّ Artification كالتالي:
1- التحوّل الفنيّ والمؤسسات الفنيّة
-المعارض الفنيّة:
أصبحت المعارض الفنية المؤقّتة مركزاً لأحداث الموضة والحفلات الخاصّة، حيث تستغلّها الدور لعرض مجموعاتها أو قطعة معيّنة تهدف إلى الارتقاء بها إلى "عالم الفن".
-صالات العرض الفنيّة:
تتخذ دور الأزياء صالات العرض الفنيّة كمنصّة لها خلال أسابيع الموضة، كمّا أن البعض يستأجرها كمعرض لتصاميمه.
-المتاحف:
تتحوّل المتاحف إلى معارض حصريّة للدور لعرض تاريخها، إرثها وتصاميمها الأيقونيّة. كما أنّ الدور حوّلت متاجرها إلى متاحف من خلال تصميم النوافذ والديكور الداخليّ والخارجيّ بالتعاون مع أشهر الفنّانين والمهندسين.
-المزادات:
أضافت دور المزادات العالميّة مثل Christie’s ،Sotheby’s، وPhilips المعروفة ببيع الأعمال الفنيّة لأشهر الفنّانين الكلاسيكيّين والمعاصرين، قطعاً أيقونيّة أو محدودة الإصدار من الدور الفاخرة، لتكسب اهتمام الجيل الجديد من هواة جمع التحف. تستفيد العلامات التجاريّة من هذا الأمر لنشر تراث الدار وتسليط الضوء على بعض التصميم وتصنيفها في إطار الفن.
-المقرّات الرئيسيّة للعلامات التجاريّة:
تستضيف المقرّات الأساسيّة للعلامات التجاريّة معارض فنيّة. كما تقوم بتوفير متاجر مؤقتة في أماكن غير متوقعة ومتاحف متنقلة لاستضافة وتقديم المناقشات الفنيّة لبعض تصاميمها، مثل Prada Transformer وChanel Mobile Art Pavilion.
2- التحوّل الفنّي والفنّانين
-الرعاية:
نوع مختلف من التعاون حيث تقوم العلامة التجاريّة الفاخرة بتكليف فنّان لإنتاج عمل فنيّ. أطلقت دار Gucci برنامج Artist In Residence في Chatsworth House في المملكة المتحدة، حيث تدعو الفنانين للعيش في العقار لفترة من الوقت وإنشاء قطع جديدة مستوحاة من العقار التاريخيّ. كذلك، تقدم دار Hermès للفنّانين فرصة العمل مع حرفييّ الدار واستخدام موارد الدار، وقد أسفرت إقامات الفنّانين، التي تم تقديمها منذ عام 2010، عن بعض التجارب الإستثنائيّة.
-المؤسسات الفنية:
منظّمات غير ربحيّة، تلتزم بتمويل المشاريع لأغراض خيريّة. في هذه الحالة بالذات، عادة ما ترتبط المؤسّسة بالعلامة التجاريّة الفاخرة وتمويل المشاريع الفنيّة. كما أن لبعض الدور منظّماتها الخاصّة التي تعنى بالفنون.
يقوم على تكليف فنّان راسخ بمهمة إنشاء منتج معيّن أو خط جديد حصريّ أو وضع بصمته على منتج أيقونيّ أو حتى تصميم منصة العرض.
-الإرشاد الفنيّ:
تحدث هذه العلاقة عندما تقرّر العلامة التجاريّة الفاخرة تسليط الضوء على الفنّانين الصاعدين من خلال التعاون معهم، مساعدتهم ودعمهم في عملية الإبداع الفنيّ.
3- التحوّل الفنيّ وتجربة المستهلكين
الكتب أيضاً جزء من التحوّل الفنيّ. بعض الدور تبيع تصاميمها مرفقة بكتاب حول المنتج أو العلامة. يعتبر الكتاب تحفة فنيّة لا يحدّها زمن.
كيف يسهّل التحوّل الفنيّ الدخول إلى أسواق واعدة؟
المتاحف والمعارض هي أكثر فعاليّة من الإعلانات لإظهار قيم الدار أو إنشاء روابط مع النخب الثقافيّة المحليّة وقادة الرأي.
تقوم العلامات التجاريّة بالدخول إلى السوق الجديدة من خلال الإشادة بثقافة البلد المضيف، فتحوّل الاهتمام إلى الثقافة والفنون بدلاً من التركيز على الكسب الماديّ. على سبيل المثال، دخلت دار Hermès الصين من خلال تنظيم معرض Heavenly Horses والتي احتفلت من خلاله بثقافة الخيول في الصين. استخدمت Cartier نهجاً مماثلاً عند دخول الهند من خلال الإشادة بالتقاليد الأرستقراطيّة الهنديّة القديمة.
هل العلاقة بين الفن والموضة الفاخرة مبدأ جديد؟
لطالما كانت العلاقة بين الفن والرفاهية موجودة. في الثلاثينيات، تعاون الرسّامان Salvador Dali وJean Cocteau مع Elsa Schiaparelli. في الستينيات، أطلقت دار Yves Saint Laurent مجموعة مستوحاة من أعمال Piet Mondrian. أمّا في الثمانينيّات، فتمّ تقديم أشكال تعاون طويلة المدى، مثل Fondation Cartier في باريس. وأخيراً، التعاون الفنيّ الذي أطلقه المدير الفني لدار Louis Vuitton في التسعينيّات Marc Jacobs جعل هذه الظاهرة تحظى بشعبيّة كبيرة بين العلامات التجاريّة الفاخرة.
هل التحوّل الفنيّ رؤية طموحة للرفاهية؟
مما لا شكّ فيه أنّ الخصائص الرئيسيّة للرفاهية، الحرفيّة والمتانة لديها القدرة على التأثير بشكل إيجابيّ على النمو والاستجابة المتزايدة للطلب. عند القيام بربط الفن بالرفاهية، قد يؤثر ذلك تلقائياً بطريقة إيجابية على المنتج. عندما يتمّ الإعلان عن منتج فاخر من خلال عمل فنيّ، فإن براعة الفنان تؤثّر بشكل إيجابيّ أيضاً على جودة المنتج. ترقية المنتج إلى رتبة "عمل فنّي" يميزه تلقائيّاً عن باقي السلع.