ليل لوس أنجلوس المضيء، طاقتها وحيويّة مدينة لا تعرف النوم، تحضر في عطر City Of Light الجديد من Louis Vuitton الذي تمّ إطلاقه في لوس أنجلوس مؤخراً بحضور الصحافة العالميّة، أصدقاء الدار والمشاهير. حرص خبير العطور Belletrud Jacques Cavallier الذي كان لنا معه هذا اللقاء خلال الحدث، أن يتّسم هذا العطر الجديد بالانتعاش الذي لطالما ميّز عطور الدار، وأن يعكس أجواء البحر والصيف، كما ليل Los Angeles ويترجم علاقة الحبّ الاستثنائيّة بين دار Louis Vuitton والعطور.
كيف تصف لنا روتينكَ اليوميّ في Les Fontaines Parfumées؟
أنهض عند الساعة الخامسة فجراً، لأستفيد من كلّ لحظة ومن كلّ تفصيل في محيطي، بدءاً من شروق الشمس إلى مناظر Cannes الخلّابة التي أراها من نافذتي. أحتاج أوّلاً إلى التواصل مع الطبيعة لأبدأ نهاري، فبيننا علاقة استثنائيّة. لمنزلي حديقة كبيرة، أعشق أن أحتسي فنجان القهوة الصباحيّ فيها، عندما يكون الطقس جميلاً. أبدأ بالتحضير ذهنيّاً لعملي أثناء السباحة لمدة ساعة أو اثنتين، فأتخلّص من التوتّر وأسترخي تماماً، فأذهب بمخيّلتي إلى أقصى الحدود لأبدع وأنظّم برنامج عملي. بعد تناول الفطور، أتوجّه إلى Les Fontaines Parfumées عند الساعة التاسعة صباحاً وأشمّ مع مساعدتي وابنتي Camille الموادّ الخام بمعدّل 5 منها و5 عطور من السوق لأحفظها في ذاكرتي. أقوم بهذه الخطوة يوميّاً، كتمرين ذهنيّ صباحيّ، أعتبره ضروريّاً. بعد ذلك، أناقش مع مساعدتي برنامج العمل وكافّة الخطوات التي سنقوم بها. علماً أنّي أعطي لمساعدتي الوصفة الأساسيّة التي أحضّرها، وهي التي تركّب العطر على أساسها. أطّلع على كلّ ما يتعلّق بالأسواق وأتواصل مع مورّدي الموادّ الخام في Grasse، وهم الأفضل فعلاً.
سبق أن أعلنتَ أنكَ قد تتخلّص من تركيبات عطريّة معيّنة بعد ابتكارها. كيف تختار ما يستحقّ حفظه وما يجب التخلّص منه؟
الأمر أشبه بالحياة! قد نشعر بحماسة كبرى لفكرة مقابلة أحدهم، وسرعان ما نشعر بخيبة أمل بعد ذلك. قد أمضي أشهراً في العمل لابتكار عطر ما وأتخلّص منه في النهاية. أجرّب، أختبر وأكتشف أخيراً أنّه لا يستحقّ أن أستمرّ بالمحاولة. هذا هو عملي، أختبر وأجرّب تركيبات عدّة، بحثاً عن مشاعر مختلفة بالاستناد إلى مصادر إلهام متعدّدة، حتى أحقّق الأفضل.
ما هي المدن الأكثر إلهاماً لكَ؟
مدن كثيرة، مثل باريس ولوس أنجلس، كما أنّ جدّة من المدن الملهمة لي بشكل خاصّ، بوجود البحر الأحمر وبتاريخها العريق والعمق في التعبير عن المشاعر لدى شعبها. أمّا مسقط، فتبدو هادئة، لكن عند النظر إلى الجبال والبحر والتضارب الموجود بين المحيط والمعادن في جبالها، يمكن الشعور بروعتها، حتى أنّ الاشخاص الذين نلتقيهم قد يكونون مصادر إلهام رائعة، كعينيّ المرأة الشرق أوسطيّة بكل ما فيهما من تعبير عميق.
ذكرتَ سابقاً أنّكَ كنت تخشى الإصابة بكورونا وخسارة حاسّة الشمّ. كيف حاولتَ أن تحمي نقطة القوّة هذه في مجال عملكَ؟
كدت أصاب بالجنون من شدّة الخوف، حتى أنّي عندما أصبت بنزلة برد أصبحت عاجزاً عن الشمّ، ما تسبّب لي بحالة هلع ليلاً، وكأنّي أشارف على الموت. حاسّة الشمّ بالنسبة لي هي الحياة. فمع انتشار الجائحة، في مرحلة ما، تصرّفت بدكتاتوريّة مع أمّي، زوجتي وابنتي، لأنّي كنت في غاية القلق من دخول الفيروس إلى منزلنا. لي أصدقاء من العطّارين الذين لم يستعيدوا حاسّة الشمّ حتى بعد التعافي من كورونا، وهذا ليس سهلاً في مجال عملنا.
كيف تصف عطر City Of Stars الجديد؟
يهدف هذا العطر إلى نقل الطاقة التي تميّز مدينة لوس أنجلوس. أنقل في قارورة العطر كلّ الفرح الذي يعمّ المدينة بطبيعتها وأضوائها. ثمّة انتعاش واضح في عطور Louis Vuitton، وهنا أيضاً أردت ابتكار عطر يحمل هذا الانتعاش من خلال 5 نوتات حمضيّة، مزجتها مع زهرة الـTiaré التي توحي بالأجواء الصيفيّة المنعشة. قد تعتمد المرأة العطر بعد ارتياد الشاطئ والاستحمام، فتشعر برائحة الصيف لساعات.
ما هو عطركَ المفضّل؟
أعشق كافّة أنواع العطور. في المقابل، أكره تلك الثقيلة أو المبتذلة أيّ التي لا تحمل أيّاً من أسس العطور الراقية. على العطر أن يكون حاضراً بشكل بعيد عن الابتذال.
ما رأيكَ بفكرة المزج بين العطور؟
أمزج بين العطور ولا مشكلة عندي في ذلك، لكن يجب القيام بذلك في غاية الدقّة. يبرع الشرق أوسطيّون في المزج بين العطور، وكأنّها نتيجة ثقافة وحدس. لكنّي لا أنصح بذلك في المتاجر، خصوصاً أنّه، ما من معرفة كافية في هذا المجال باستثناء منطقة الشرق الأوسط.
يبدو واضحاً أنّكَ تقدّر بشكل خاصّ الثقافة الشرق أوسطيّة. ما السرّ وراء ذلك؟
أشعر بالانتماء إلى الشرق الأوسط، أنا من مدينة Grasse، وعلاقتي بالمنطقة أشبه بقصّة حبّ. منها انطلقت العطور منذ آلاف السنين، لذلك أحترم هذه الثقافة وأشعر بشغف الشرق أوسطيّين للعطور الذي يشكّل جزءاً من شخصيّتهم وثقافتهم.
يتعارض الحسّ الإبداعيّ مع المنحى التجاريّ. كيف تجمع بينهما؟
لا أفكّر بالمستهلك الذي يؤخذ بعين الاعتبار من حيث الأرقام والإحصاءات. بالنسبة لي، المستهلك له مشاعر، عينان وابتسامة، وأنا أتوجّه إليه وأتواصل معه. في عالم الرفاهية، يجب احترام المستهلك وتطوير أفكار متجدّدة وقويّة، شرط أن تواكب إرث العلامة. شعار Louis Vuitton الإبداع، الابتكار والجودة في العطور، ولا بدّ من التقيّد بهذه المبادئ الأساسيّة.
هل تضع توقّعات حول النجاح الذي يمكن أن يلقاه العطر الذي تبتكره ومستوى التفاعل معه؟
هذا يحصل في كلّ مرّة أبتكر فيها عطراً. لدينا موزّعون في متاجرنا وأعرف كيفيّة التفاعل مع المستهلكين، كما يمكن أن ألتقي عشاق العلامة من حول العالم افتراضيّاً لتبادل الأفكار. هناك تواصل دائم مع الزبائن. من يزور متاجرنا يعيش تجربة استثنائيّة، لذلك نولي اهتماماً خاصّاً بالتفاصيل فيها.
ما الذي حقّقتَه حتى اللّحظة؟
حقّقت الماضي، وهو أمر جيّد، لكن أمامي الكثير لأحقّقه بعد، وهذا ما يقلقني كوني أبحث عن الكمال. لا أضع برنامجاً محدّداً لي، بل استراتيجيّة أعمل على أساسها في سعيي إلى تحقيق المزيد. وأعلم جيّداً أنّه بقدر ما نعمل أكثر ونختبر المزيد، نبتكر أكثر ونرغب بتحقيق المزيد من الابتكار.
