قائمة المحتويات
عند التحدّث عن السينما، لا يمكننا ألّا نذكر السينمائيّات في العالم العربي اللواتي يسعين إلى إحداث تغيير في هذا المجال وتطويره. في هذا التقرير، حاورنا 3 مخرجات في منطقتنا العربية، يفجرّن إبداعاتهن مع كل عمل يطلقنه ليصلن إلى العالميّة. لنتعرّف عليهن أكثر وعلى مجال الإخراج والسينما في المنطقة العربية وعلاقتهما بالموضة...
مقابلة مع المخرجة الاماراتية نايلة الخاجة
عشقت المخرجة الإماراتية نيلا خاجا عالم الأفلام والسينما من الطفولة، متأثّرة باهتمام والدها فيه. على الرغم من التحدّيات واعتراض أهلها على اختيارها هذا، قرّرت الاستمرار في المسار الذي أرادته لنفسها في مجال الإخراج. وبفضل إصرارها، عزيمتها ورفضها التامّ للاستسلام، استطاعت أن تحقّق الحلم، لتصبح أوّل مخرجة إماراتيّة بعدما كان هذا المجال حكراً على الرجل.
كيف تستطيع المرأة أن تحقّق النجاح في مجال صناعة الأفلام في عالمنا العربيّ؟
أودّ أن أعبّر عن اعتزازي بكوننا نساء قادرات على إحداث التغيير. فالمرأة العربيّة قادرة أن تنجح كمخرجة وتعمل في مجال لطالما كان حكراً على الرجال. منذ بضع سنوات، أثبت حراك metoo# أنّ المرأة يمكن أن تبرز في أيّ مجال. أعتقد أنّ الشغف عنصر أساسيّ لتحقيق النجاح، إبراز الموهبة ولفت الأنظار مع مرور الوقت في المجال الذي نختاره. في هذه الصناعة، الخبرة والشهرة في غاية الأهميّة، بغضّ النظر عن الجنس.
ما الذي تودّين أن يتعلّمه الجمهور من خلال أفلامكِ؟
تتنوّع المواضيع التي تتناولها أفلامي، إنّما معظمها له علاقة بشكل أساسيّ بالتواصل، الإيجابيّة، التمكين والحبّ. أعتقد أنّ أفلامي تعكس مفهوم التغيير، وبشكل خاصّ التغيير الذي شهدناه في مجتمعاتنا وفي صناعة الأفلام أيضاً، وهي تترجم التحدّيات والعوائق التي نواجهتها. التغيير الإيجابيّ واضح في اهتمام المرأة المتزايد في مجال صناعة الأفلام، وهذا ما أنقله من خلال أفلامي. عندما أشارك تجاربي، أشجّع نساء أخريات على خوض التحدّيات واختبار المزيد في هذا المجال.
ما الأسرار التي على كلّ من يعمل في هذا المجال أن يعرفها؟
أشجّع الآخرين دوماً على اختيار المجال الذي يعشقون لتحقيق السعادة، وإلّا سيواجهون الكثير من التوتّر، الكآبة والارتباك في الحياة. يلفتني في مجال صناعة الأفلام وإدارة الأعمال المخاطرة التي يقدم عليها كثر. صحيح أنّه قد تكون للمخاطر نتائج غير مرغوب بها، لكن يمكن تعلّم الكثير من كلّ تجربة فاشلة. فثمة درس في كلّ دقيقة من حياتنا، ولا بدّ من أن نتعلّم منه. هذا ينطبق على الإخراج، فبعد أن نقوم بالخطوات الأولى في المجال الذي نعشقه نشعر بالسعادة شيئاً فشيئاً، إثر التجارب التي نعيشها، ثمّ نكتسب الشهرة اللّازمة. سرعان ما يكتشف الناس الأمور بأنفسهم.
إلى أي مدى تؤثّر الموضة في شخصيّات الأفلام؟
للموضة دور هائل، وهذا ما يفسّر وجود فئة خاصّة بذلك في حفل توزيع جوائز الأوسكار. أركّز كثيراً على الإطلالات، الجوّ العام والإضاءة في الأفلام. هذا وأفضّل أن يكتشف المشاهد الأمور بنفسه بهذه الطريقة، بدلاً من أن أعرض كافّة التفاصيل بشكل واضح، فيمكن له أن يكتشف الكثير برؤية الشخصيّة قبل أن تنطق بكلمة.
ترتكز صناعة الأفلام الهوليووديّة على التألّق والجاذبيّة. هل ينطبق ذلك على الشرق الأوسط؟
لا أعتقد أنّه من المفترض أن تكون الأمور في صناعة الأفلام في الشرق الأوسط مشابهة لما هي عليه في هوليوود، فالثقافة الشرق أوسطيّة مختلفة، وهي أكثر خصوصيّة وتحفّظاً. لذلك، يعتبر الطريق الذي نسلكه مختلفاً.
كيف تطوّر دور المرأة برأيكِ في صناعة الأفلام؟
أعتقد أنّ العالم ككلّ، وصناعة الأفلام بشكل خاصّ، يدرك اليوم الدور المهمّ الذي تلعبه المرأة ومساهمتها في هذا المجال. قد يكون على المرأة أن تبذل جهداً مضاعفاً أحياناً، لكنّ الأمور تختلف بحسب المجال الذي تختاره. بشكل عام، صناعة الأفلام والإخراج من المجالات التي تقوم على جهود فريق متكامل، فلكلّ فرد أهميّة وإنْ كانت الإدارة بيد المخرج أو غيره من الأشخاص الذين يديرون الأمور. قد يتفوّق الرجال على النساء من حيث العدد، وقابليّتهم للعمل ساعات طويلة والتعامل مع الأمور اللوجستيّة، التجهيزات الضخمة والثقيلة الوزن، فيبدو الرجل أكثر استعداداً من الناحية الجسديّة للقيام بهذا النوع من المهامّ. قبل سنوات، كان من الصعب إيجاد نساء ناجحات في هذا المجال، ثمّ استطاعت المرأة أن تثبت نفسها وتؤكّد نجاحها. بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، يمكن للكلّ أن يكون على اتّصال، ويمكن أن تصل الصورة والرسالة إلى كلّ من يتابعنا عبر وسائل التواصل الاجتماعيّ. العالم في تطوّر مستمرّ، وقد تبدّلت المعايير كلّها، كما يبدو واضحاً.
مقابلة مع المخرجة اللبنانية ليال راجحة
بين علم النفس والإخراج، المجالين اللّذين يساعدان الناس في الحفاظ على الصحّة النفسيّة، اختارت ليال راجحة مجال الإخراج. هي لا تدّعي القدرة على معالجة الناس من خلال أفلامها، لكنّها تتمنّى على الأقل أن تتحدّى عقولهم وتدعوهم إلى إعادة التفكير في الأمور، وهذا ما تعتبره خطوة أساسيّة للحفاظ على الصحّة النفسيّة.
كيف تصفين تجربتكِ كمخرجة في العالم العربي؟
بدت لي تجربة محزنة ورائعة في الوقت نفسه. تكثر في منطقتنا المواضيع الحسّاسة التي يمكن تناولها وتسليط الضوء عليها، فتعتبر موادّ مهمّة لأيّ مخرج، ليس في العالم العربي فحسب، إنّما في العالم ككلّ، حتى أنّ المخرجين من بلاد أخرى يغوصون في مشاكلنا ويستخدمون بعضاً من هذه المواضيع الساخنة في أفلامهم.
لكن كامرأة في هذا المجال في العالم العربيّ، أعتقد أنّي واجهت الكثير من التحدّيات حتى أصبح صوتي مسموعاً. إنّما أنصح كلّ امرأة تخوض التجربة نفسها أن تثابر لتحقّق هدفها وعند ذاك، سيراها ويسمعها الجميع. المثابرة مفتاح النجاح.
في الوقت نفسه، أنا أرفض التمييز بين الجنسين. فما من مجال خاصّ بالنساء أو بالرجال، بل ثمّة أشخاص قادرون وآخرون عاجزون. هذا، وعندما ننقل الرؤية الخاصّة بنا بشكل واضح، لا يعود الجمهور يميّز بين رجل وامرأة .
ما الذي تودّين أن يتعلّمه الجمهور من خلال أفلامكِ؟
- التعاطف، أو على الأقلّ تقبّل الآخر.
- أنّ الشخصيّات في الفيلم تجسّد شخصيّات موجودة في واقع الحياة.
- أن نحبّ الآخر كما هو.
- كلّ منّا يواجه تحدّيات مختلفة في الحياة.
- ما من أحد شرير بالكامل. فلدى الغوص في روح الإنسان، من المؤكّد أنّنا نجد فيها جانباً مشرقاً.
ما الأسرار التي على كلّ من يعمل في مجال الإخراج أن يعرفها؟
عندما لا يلاحظ المشاهد الإخراج، يكون المخرج قد نجح فعلاً. يجب عدم المبالغة، كما يجب الاقتراب من الواقع قدر الإمكان أو من الخيال بقدر ما تكون هناك حاجة لذلك.
إلى أيّ مدى تؤثّر الموضة في الشخصيّات والإخراج؟
يعتبر تنسيق الأزياء مهمّاً بقدر الإضاءة والإخراج. يساعد تنسيق الأزياء المخرج، الشخصيّة والمشاهد أن يفهم بشكل أفضل ما يدور في ذهن الشخصيّة. فعندما يتمّ تنسيق أزياء الشخصيّة، نساعدها على ترجمة مشاعرها ونقلها إلى المشاهد بشكل أفضل من خلال الشاشة، بحيث يتمكّن المشاهد من اكتشاف هذه المشاعر من خلال أزيائها.
ترتكز صناعة الأفلام الهوليووديّة على التألّق والجاذبيّة. هل ينطبق ذلك على الشرق الأوسط؟
حاليّاً، يؤخذ قسم تنسيق الأزياء بمزيد من الجديّة في منطقتنا، ويعي المخرجون الأثر المهم الذي يتركه تنسيق الأزياء على الشخصيّة وعلى الصورة ككلّ، إذا ما تمّ بطريقة جدّية ومناسبة.
بين Marilyn Monroe وAudrey Hepburn وAngelina Jolie، كيف تبدّلت معايير الأنوثة، الجمال والإغواء مع مرور السنوات، برأيكِ؟
انتقلنا من الإغواء والإبهار من خلال الأزياء الأيقونيّة إلى التركيز على تمكين المرأة عبر تاريخ صناعة السينما، كما أنّ المراة اليوم أصبحت في الصفوف الأماميّة، وهذا ما أجده في غاية الجاذبيّة والأنوثة.
مقابلة مع المخرجة السعودية جواهر العامري
بدأ شغفها بالسينما عندما كانت تشاهد الأفلام المصريّة بالأسود والأبيض مع جدّتها في الصغر. تعرّفت على ثقافات عدّة من خلال الأفلام ولاحقاً، عرفت أنّ من يعيش خارج المملكة العربيّة السعودية لا يعرف عنها شيئاً. فالأفلام كانت شبه معدومة في ذاك الوقت حول الثقافة العربيّة، وتحديداً السعودية. بدا ذلك محبطاً لها، وبدأت التفكير بطريقة لنشر ثقافتها. تخصّصت في مجال الإعلام المرئيّ والمسموع وفي عام 2016، سنحت لها فرصة العمل في فيلم روائيّ طويل كمساعدة مخرج، فكانت هذه التجربة ما جعلها تكشتفت أنّها تريد أن تصبح مخرجة.
كيف يبدو مجال الإخراج لشابّة مثلكِ في العالم العربيّ؟
ثمّة واقع لا يمكن أن نهرب منه، لا يتقبل الناس مخرجين جدد. لذلك على كلّ من يعشق هذا المجال أن يكافح ويتحلّى بالصبر. ليس الأمر سهلاً. في مرحلة لاحقة، بدأنا نحصل على التمويل المحليّ من جمعيّات أو جهات، كوزارة الثقافة ومهرجان البحر الأحمر، ما يعتبر في غاية الأهميّة ويشكّل دفعاً لنتمكّن من الاستمرار.
ما الذي تودّين أن يتعلّمه الناس من خلال أفلامكِ؟
لا أريدهم أن يتعلّموا من أفلامي، بل من تجاربهم في الحياة. في المقابل، أودّ أن يتأثّروا بأفلامي وبأن يتمتّعوا بسعة النظر.
ما الأسرار التي على كلّ من يعمل في مجال الإخراج أن يعرفها؟
لم يعد هناك من أسرار اليوم. على كلّ من يعمل في مجال الإخراج أن يعرف أنّ الفنّ يمكن أن يقدّم بأشكال مختلفة وبأساليب متعدّدة. لذلك، يجب عدم إطلاق الأحكام على نتيجة ما بسبب نقص المعلومات حول مجالٍ فنيّ معيّن. ففي مجال الفنّ، يكون النقد على أساس علميّ ويستند على المعلومات.
إلى أيّ مدى تؤثّر الموضة في شخصيّة ما في فيلم أو مسلسل؟
إلى أقصى حدّ! فالموضة أساسيّة لجعل الشخصيّة حقيقيّة وصادقة، وإن كانت خياليّة أو خارجة عن المألوف. فالموضة مهمّة للغاية ليشعر المشاهد بأنّ الشخصيّة الغريبة التي نقدّمها هي حقيقيّة في الواقع، ويمكن أن يصدّقها.
ترتكز صناعة الأفلام الهوليووديّة على التألّق والجاذبيّة. هل ينطبق ذلك على الشرق الأوسط؟
لا تختلف مقاربة السينما العربيّة عن تلك الهوليووديّة برأيي. فأحياناً يمكن أن نرى سينما مبنيّة على الإبهار والغلامور، فيما تبنى أحياناً على الفنّ والتجارب الخاصّة. قد يمكن تحقيق الاثنين، مع الحفاظ على المبادئ والأسلوب الفنيّ الخاصّ.
برأيكِ، كيف تبدّلت معايير الأنوثة والجمال مع مرور السنوات؟
أحياناً، قد تكون الأفلام الهوليوديّة السبب وراء هذا التغيير، عندما يرغب القيّمون عليها بطرح معيار جماليّ معيّن، سرعان ما نشهد على تغيير عام وشامل ينتشر في كلّ مكان. لكنّي أثق بالثقافة العربيّة، لأنّنا بدأنا مؤخّراً بطرح مبادئنا الخاصّة وثقافتنا، وبات العالم يبدي اهتماماً أكبر لمعرفة المزيد. على الرغم من الأحكام التي تطلق على جيل الشباب، ثمّة تحرّكات مهمة وجريئة بدأت تظهر، وهي تقدّم مفهوم الأنوثة بشكلها الصحيح، أي أنّ كلّ امرأة جميلة كما هي، وهناك العديد من الصفحات العربيّة على وسائل التواصل الاجتماعيّ التي تعيد تشكيل الصورة الحقيقيّة للمرأة.