من دار رائدة في مجال تصميم المجموعات الجاهزة والراقية، إلى ريادة من نوع جديد، وهذه المرّة في عالم الاستدامة... بمناسبة تحقيق دار Tony Ward لإنجاز تصميم فستان من موادّ بلاستيكية قابلة للتحلل، قمت بزيارة الأتولييه في بيروت لمعرفة تفاصيل الخطوة والحديث عن أجدد مجموعاته. ما لفتني، حماسة فريق العمل الذي أيضاً يحرص على اتّباع النمط المستدام ضمن الحياة اليومية في المكاتب.
أدخلتَ في مجموعتكَ للأزياء الراقية لخريف وشتاء 2019-2020 اللّون الأحمر، لا سيّما في بداية العرض، ثمّ انتقلتَ إلى الألوان الهادئة، فما قصّة هذا التفاوت؟
الأحمر هو لون جاذب وكان أساسياً في المجموعة، ومن المهمّ أن تبدئي العرض بلون قويّ. الأحمر لون شتويّ ويترجم الإلهام وراء المجموعة. استوحيت من الفطريّات تحديداً، علماً أنها أوّل ما وجد على سطح الأرض، وكانت باللون الأحمر. أدخلت أيضاً إلى هذه المجموعة مزيجاً من الألوان الهادئة بشكل جميل كاللون الأزرق.
شعرنا بأن كل تصاميم مجموعة الأزياء الجاهزة لخريف وشتاء 2019-2020 تليق بالسجّادة الحمراء. كيف تصفها؟
ولدت مجموعة الأزياء الجاهزة من فكرة فنّ Doodle أو الرسم المخربش. في البداية، اعتبر هذا الرسم كمرض، ثمّ ما لبث أن لوحظ بأن رسومات جميلة يمكن أن تنتج عن هذه الخربشة. أصبحت هذه الأخيرة فنّاً انتشر بدايةً في روسيا بفضل إمبراطورة فنانة. قد تكون الفساتين أخذت منحى يليق بالسجّادة الحمراء، لأنّها نابعة من قصّة تشبه قصص الخيال.
ماذا عن الفستان الراقي الذي عملتَ عليه بشكلٍ مستدام (صديق للبيئة) بالتعاون مع Speetra Design Studio؟
استخدمنا مادة TPU التي يمكن إعادة استعمالها في فستان آخر. وبعد أن قمتُ بتصميم صدر الفستان البني الذي ظهر في المجموعة، بتقنية ثلاثية الأبعاد، ارتأيتُ أن أتبع التقنية على فستان أبيض بالكامل، على الرغم من التكاليف الباهظة. تضمّ المجموعة الراقية أيضاً فساتين أخرى أدخلنا فيها عناصر مستدامة.
لكنّ ثمن التصميم الباهظ يتعارض مع فكرة التوفير التي تدعمها الاستدامة. ما تعليقكَ على الأمر؟
الفساتين الراقية ليست مصمّمة للجميع، فهناك مجموعة من النساء ترغب بشراء هكذا تصاميم ومستعدّة لتدفع ثمنها غالياً.
لماذا لم تضمّه إذاً إلى الأزياء الجاهزة ليكون مستداماً بشكلٍ كامل؟
ليكون في مجموعة الأزياء الجاهزة، عليه أن يكون قابلاً للبيع. يمكن للتقنية الثلاثية الأبعاد أن تتّبع في صناعة بروش أو أكسسوار أو تفصيل في فستان، لكن لصناعة فستان كامل بهذه التقنية، عليه أن يُصنع بدقّة الكوتور. بالنسبة إلى الاستدامة في الأزياء الجاهزة، أواجه تحدّيات مستمرّة مع نفسي. لم أصل بعد إلى الاستدامة الكاملة.
نعلم جيّداً أنك ترعرعتَ وسط جوّ يقدّر الموضة والخياطة، فما هو العنصر الأهمّ من طفولتكَ الذي دفعكَ لاختيار مهنة تصميم الأزياء؟
تربّيت في منزل يعمل في مجال الموضة، فوالدي كان يصمّم لسيّدات المجتمع الراقي، مثل السيّدة زلفا شمعون وغيرها، وهذا الأمر أثّر عليّ بالطبع، لكنّه ليس السبب الرئيسي، فأنا أملك الشغف بالموضة منذ ولادتي، وأتمتّع بهذه الموهبة.
نعلم أيضاً أنكَ عملتَ مع أسماء كبيرة، مثل Karl Lagerfeld وClaude Montana وGianfranco Ferré... قبل أن تصل إلى ما أنتَ عليه اليوم. ما هي الخبرات التي اكتسبتَها من كل تلك المسيرة؟
كنت قد تخرّجت حديثاً من الجامعة وسمحت لي الفرصة بأن أعمل مع أسماء معروفة في عالم الموضة. تعلّمت كل شيء من دور الأزياء التي عملت معها في باريس، مثل Lanvin وChloé وDior وغيرها. التواصل يعلّمكِ دائماً، فهذه الخبرات كانت أساس مسيرتي. تعلّمت كل ما عليّ معرفته عن مجموعات الأزياء الجاهزة والراقية، عن علاقة الموضة بالناحية التجارية، عن السوق المستدامة، عن المشاهير وكيفيّة التعامل معهم، عن الأقمشة والتقنيات... لكن بالطبع كل مصمم يبتكر التقنية واللمسة الخاصتين به.
هل تغيّرت صورة امرأة Tony Ward مع الزمن؟
كل شيء تغيّر، فقد تتغيّر أمور بين ليلة وضحاها. تخيّلي في مسيرتي منذ 25 سنة، كم تغيّرت المرأة وكم تغيّر المجتمع! لا سيّما مع وجود وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تحوّلت الكرة الأرضية إلى قرية صغيرة. اليوم، أرسل طلبات الأزياء إلى كوريا كما أرسلها إلى الأشرفية! بات الأمر سهلاً، وفي الوقت نفسه معقّداً، فبعد أن كنا نحدّد الذوق حسب المرأة العربية أو الأجنبية، باتت كل سيّدة اليوم تملك أسلوبها وذوقها الخاصّ وباتت تطلب الأزياء كما تراها في الصورة عبر السوشيال ميديا. وفي النهاية، لا أحد يتوصّل إلى إرضاء الجميع.
نلاحظ بأنكَ تستلهم مجموعاتكَ من الحركة، فتصاميمكَ تتميّز بتفاصيل معقّدة، لكنّها مشغولة بطريقة جميلة. هل يطبع ذلك هويّتكَ؟
أعتبر أنّ تصميم الأزياء الراقية مرتبط بالتفاصيل المعقّدة وليس السهلة، فهو يتطلّب تقنيات عالية ولمسات أخيرة مشغولة بدقّة، ويتّبع مقاربة معقّدة، فمَن يرى التصميم، لا يجب أن يعرف بسهولة كيف تمّ العمل به. هناك سيّدة تمرّين بجانبها ولا تترك أثراً، وسيّدة أخرى حالما تمرّ بجانبكِ تظهر هويّتها، جمالها وثقافتها.