حقق المصمم رامي قاضي النجاح في عالم الأزياء وارتدت نجمات عدّة من تصاميمه، إلا أنّه لم يكتفِ بذلك، فهو يتطّلع دوماً نحو المستقبل، لذلك اختار أن يسلك درب الإستدامة. في مهّمة جديدة، بعد أن أصبح سفيراً للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، حمل رامي قاضي قضيّة الاستدامة وانطلق في مهمّة نشر الوعي. من هنا، أطلق المصمم اللبناني وسفير النوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة رامي قاضي، بالتعاون مع UNEP ومجلة مجمالكِ، مسابقة في تصميم الأزياء من أجل مستقبل أفضل. تستهدف هذه المسابقة الشباب العربي وتحثّه على الابتكار وتبنّي مفهوم الاستدامة والحفاظ على البيئة. ففي وقت أصبح لصناعة الموضة تأثير سلبي كبير على البيئة إن من حيث استهلاك القماش أو استخدام المواد الكيميائية التي تؤدّي إلى زيادة التلوّث في الهواء، المياه والأرض، أصبحت الحاجة إلى نشر الوعي أكثر ضرورة من أي وقت مضى. ستتاح الفرصة لـ10 متسابقين لتقديم تصاميمهم باستخدام بقايا الأقمشة في مشغل رامي قاضي. أمّا الرابح فسيتمّ اختياره بناءً على ابتكاره، كيفية استخدامه للقماش والأهم من ذلك، مدى استدامة التصميم. كما سيتلقّى العديد من الجوائز التي تفتح أمامه أفاقاً جديدة ف مجال الأزياء. لتسليط الضوء على هذه المسابقة وعلى مفهوم الاستدامة في عالم الأزياء، كان لنا لقاء مع المصمّم رامي قاضي والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة سامي ديماسي.
مقابلة مع المصمم رامي قاضي حول مسابقة المصمم المستقبلي
تمّ تعيينكَ سفيراً للأمم المتحدة لبرنامج البيئة في المنطقة، كيف تلقّيت هذا الخبر، وما هي الخطوات التي تنوي القيام بها؟
فرحت جدّاً عندما تلقّيت هذا الخبر. لو لم ينتشر فيروس كورونا، لقمنا بمشاريع كبيرة لنشر التوعية من خلال مؤتمرات، وورش عمل. أمّا اليوم، فسنحاول توصيل فكرة الاستدامة إلى أكبر عدد ممكن من خلال المسابقة التي سنطلقها.
أخبرنا عن هذه المسابقة؟
هي مسابقة خاصّة بتصميم الأزياء، سنطلقها بالتعاون مع برنامج الأمم المتّحدة للبيئة في غرب آسيا ومجلة جمالكِ. في مشغلي، الكثير من فضلات الأقمشة التي نستخدمها في الخياطة الراقية، هي فخمة، مطرّزة وباهظة الثمن. سنفتح مجال الاشتراك للشباب في الدول العربيّة على موقع UNEP، بعد ذلك، سنفرز الأسماء لاختيار 10 متسابقين نهائيّين يختارون الأقمشة التي تعجبهم ليقدّموا لنا تصاميمهم المبتكرة، وبالتأكيد سأكون جاهزاً لمساعدتهم مع اللجنة التي سنعلن عن أسماء أعضائها لاحقاً.
إلى أيّ حدّ ستتدخّل في تصاميمهم واختيارهم للأقمشة؟
بقدر ما يسمحون لي، فهناك أشخاص تحبّ طرح الأسئلة، وآخرون واثقون ممّا يريدون، لكن بالطبع، نحن هنا لنرشدهم على الطريق الصحيح.
إضافةً إلى ما سبق ذكره، هل من معايير تفرضونها على المشتركين العشرة؟
لا معايير معيّنة، فكل واحد سيكون حرّاً في تقديم الفكرة التي تحلو له، مثلاً، كتحويل البلاستيك إلى أزرار أم السروال إلى قميص... فالأهمّ هو الفكرة الجديدة التي سيقدّمونها لنا.
ما هي الجوائز التي ستنتظر الرابح؟
الرابح سيحصل على دورة تدريبيّة في أتولييه رامي قاضي، بالإضافة إلى دعوة من قبل الأمم المتّحدة للبيئة في غرب آسيا لحضور مؤتمر جمعيّة الأمم المتّحدة للبيئة ومقابلة حصريّة مع مجلّة جمالكِ.
ما الرسالة التي تريد إيصالها إلى المصمّمين الشباب من خلال هذه المسابقة؟
هم مستقبل عالم الأزياء! بعد فترة، أنا وغيري من المصمّمين ستخفت أضواء شهرتنا، وهم من سيحلّون محلّنا، لذلك من الضروري أن يكونوا واعين تجاه مفهوم الاستدامة.
في ظلّ الأوضاع الحاليّة، هل الخياطة الراقية ما زالت تلقى إقبالاً، وهل غيّرت في استراتيجيّتكَ؟
أدركت أنا وغيري من مصمّمي الأزياء الراقية أهمية العودة إلى الجذور، اكتشفنا مدى حبّ النساء للقطع التي نصممّها، وكم هي أساسسيّة بالنسبة إليهن. قطع يستثمرن فيها، وإرث ينقلنه من جيل إلى آخر. هنّ يعتبرن تصاميمنا قيّمة للغاية وكأنهّن يجمعن تحفاً فنيّة نادرة.
خلال مسيرة تخطّت الـ10 سنوات، واجهت تحدّيات، تخطّيت صعوبات وحققت نجاحات عديدة. ما أهمّ ما حقّقه رامي قاضي إلى اليوم، ولمن يدين بنجاحه؟
نعم حقّقت نجاحات عدة، لكن مسيرتي كانت صعبة، ولم أصل إلى ما أنا عليه أنا اليوم بسهولة. النجاح، هو عبارة عن مجموعة من الأشخاص المناسبين والخطوات الصحيحة، بالإضافة إلى بعض الخطوات الفاشلة التي تشجّع المرء على طلب الأفضل والتعلّم من أخطائه. أنا ممتنّ لكلّ شخص عملت معه، فريق عملي، نجمات، صحافة، أصدقائي وكلّ من وقف بجانبي. جميعهم ساعدوني للوصول إلى ما هو أنا عليه اليوم.
ما الذي حفّزكَ لتسلك درب الاستدامة في مسيرتكَ المهنيّة، وما كانت الخطوة الأولى في هذه الطريق؟
الخطوة الأولى في طريق الاستدامة كانت من هنا، من مشغلي. بدأنا جميعاً بالحدّ من استهلاك البلاستيك، فرز النفايات وإعادة تدوير الأوراق. كذلك، بدأنا في إعادة تدوير القطع الموجودة لدينا، ممّا دفعني على إعادة النظر في مدى الهدر الذي يسبّبه مجال الأزياء.
أخبرنا عن الفستان من مجموعة الأزياء الراقية الذي صمّم بالكامل من البلاستيك المعاد تدويره.
هذا الفستان تمّ تقديمه في أوّل عرض أزياء افتراضي قمنا به للتقليل من انبعاث الكربون. حصل هذا الحدث قبل جائحة كورونا وقبل انتشار مفهوم عروض الأزياء الافتراضيّة. صنع بالكامل من البلاستيك المستخرج من المحيطات والمعاد تدويره. تمّت إذابة البلاستيك بداية، للحصول على خيوط بهدف حياكة القماش الذي اتّسم بملمس ناعم جدّاً، إضافة إلى ذلك، ابتكرنا حبيبات برّاقة حصلنا عليها بواسطة الليزر، هذه القطعة مستدامة 100%.
ما هي المبادئ التي تتبنّاها اليوم في عملكَ اليوم، بعدما أصبحت اكثر وعياً بالأمور المتعلقة بحماية البيئة والأرض؟
لم نعد نستخدم الفرو أو الجلد الطبيعيّ في مجموعاتنا. أمّا بالنسبة للريش، فنختاره من الحيوانات الميتة ونتأكّد أنّها مزوّدة من مصادر موثوقة. كذلك، عندما نقوم بتصنيع عيّنات إلى الزبائن مرصّعة بالسواروفسكي، الحبيبات البراقة وغيرها من التفاصيل، نقوم برميها عادةً، أمّا اليوم، فنحن نعيد استخدامها نظراً لكميّة الهدر الذي ينتج عنها. قبل سلوك طريقة الاستدامة، كنّا نقوم برمي الأقمشة التي يتمّ صبغها ولا تتطابق مع اللّون المطلوب، أمّا اليوم، فنعيد الكرّة للحصول على التدرّج الذي نريده. حتى أنّنا استطعنا العثور على أقمشة مصنوعة من صبغات طبيعيّة.
ارتدت تصاميمكَ النجمات، ككندل جينير، كيتي بيري، ميريام فارس وغيرهن... من هي المرأة التي تتمنّى أن ترتدي من تصاميمكَ اليوم؟
كل امرأة تتّسم بأسلوب يتطابق مع هويّة دار Rami Kadi. أحبّ كل امرأة عصرية، جديدة وتحبّ الخروج عن المألوف أن ترتدي من تصاميمي.
أخبرنا عن المجموعة التي تعمل عليها حاليّاً.
انتهينا من تنفيذ مجموعتنا الجديدة للتوّ. هي احتفالاً بمرور 10 سنوات على تأسيس الدار، وبمثابة استرجاع لتصاميمنا الأيقونيّة. أعدنا تقديم 10 تصاميم بطرق عصريّة تطغى عليها الألوان المعدنيّة.
بعدما حقّقتَ الكثير من الأحلام خلال مسيرتكَ. ما هو طموحكَ اليوم والحلم الذي تسعى إلى تحقيقه؟
اليوم أحلم أن أكون قدوة فعّالة في الموضة المستدامة، لأن هذا هو المستقبل. هذا المفهوم ليس بالأمر السهل، إنّه يتطلّب الكثير من الوقت، التفكير والمال.
مقابلة خاصة مع السيّد سامي ديماسي حول مسابقة المصمم المستقبل
بعد أن قابلنا المصمّم رامي قاضي، كان لا بدّ من مقابلة السيّد سامي ديماسي، المدير والممثّل الإقليمي لبرنامج الأمم المتّحدة للبيئة، للاطّلاع والتعمّق أكثر في موضوع الاستدامة والبيئة وتأثير عالم الموضة عليه، كما ولإلقاء الضوء على المبادرة التي أطلقتها منظّمة الأمم المتّحدة للبيئة مع المصمّم.
هناك تحدّيات كبيرة لحماية الأرض، هل برأيكَ توعية الشركات الصناعية الكبرى بأهميّة الاستدامة أولوية، أم أنّ التغيير يجب أن يبدأ من السلوك الفرديّ؟
عندما يتعلّق الأمر بحماية الأرض، من المهمّ أن ننشر الوعي لتغيير السلوك المتّبع لدى الجميع، بما فيه القطاع الصناعي. ففي كل عام، تخسر الصناعة ما قيمته 500 مليار دولار أمريكي بسبب النقص في إعادة التدوير وقلّة استخدام الملابس، كما تضاعف الإنتاج على مدار الـ15 عاماً الماضية بحسب تقرير اقتصاد المنسوجات الجديد: إعادة تصميم مستقبل الموضة، لذا فإنّ العمل على زيادة الوعي بالتأثير البيئيّ للأزياء على مستوى الصناعة والاستهلاك أمر مهمّ للغاية ويساهم في تحقيق جزء كبير من أهداف التنمية المستدامة. حين نصبح مستهلكين مسؤولين وواعين، يمكننا التأثير على الصناعة لتتوافق مع احتياجاتنا الشرائيّة، وهذا يعني بأننا كلّما طالبنا بممارسات واعية بيئياً، زادت تلبية القطاع الصناعيّ لمتطلّباتنا.
قلب فيروس كورونا حياتنا وقلب كلّ المقاييس في عالم الموضة، هل تعتقد أنه ساهم بشكل إيجابي في حماية الكوكب؟ هل تعتقد أنّه سرّع الانتقال إلى صناعة أزياء أكثر استدامة؟
نتيجةً لعمليّات الإغلاق التي واجهناها خلال العام الماضي، انخفضت الانبعاثات التي نسبّبها إلى حدّ كبير. كانت الاستدامة في الموضة والأزياء موضوعاً مطروحاً بشكل متكرّر على مدار السنوات القليلة الماضية بين المصنعين، ومع ذلك، فقد سلّطت جائحة COVID-19 الضوء على الحاجة الملحّة لرعاية كوكبنا وإعادة البناء على نطاق أفضل، وهذا بدوره شجّع شركات الأزياء على تسريع انتقالها إلى الاستدامة، ومن المهمّ أن نلاحظ أنّ التقدم الذي أحرزناه كان عرضيّاً، فمن أجل الحفاظ على هذه المستويات المنخفضة، يجب علينا تغيير طريقة استهلاكنا وطريقة إنتاجنا.
تمّ تعيين المصمّم رامي قاضي سفيراً للنوايا الحسنة لبرنامج الأمم المتّحدة للبيئة في المنطقة. ما هي المعايير التي تختارون على أساسها السفراء، وما هو دورهم بالتحديد؟
سفراء النوايا الحسنة للأمم المتّحدة هم أفراد متميّزون بحسب المجالات التي يمثّلونها، كالفنّ أو الأدب أو العلوم أو الترفيه أو الرياضة أو غيرها من مجالات الحياة العامة. هذه الشخصيّات البارزة تمنح وقتها ومواهبها وشغفها لزيادة الوعي بجهود الأمم المتّحدة لتحسين حياة مليارات البشر في كلّ مكان. تمّ تعيين رامي قاضي كسفير للنوايا الحسنة لبرنامج الأزياء المستدامة لدينا بسبب جهوده التي يبذلها لإجراء التغيير في قطاع الأزياء.
أطلقتم مبادرة جديدة بالتعاون مع المصمّم رامي قاضي، هي كناية عن مسابقة في تصميم الأزياء للمواهب الشابّة، أخبرنا عن مراحل هذه المبادرة من لحظة تكوين الفكرة إلى وضعها حيّز التنفيذ؟
اقترح سفيرنا للنوايا الحسنة رامي القاضي هذه المسابقة، وبدأنا بتبادل الأفكار معاً في كيفيّة إشراك الجمهور في أنشطتنا. أردنا أن نظهر كيف يمكن أن تكون الاستدامة عصريّة أيضاً. هذه المسابقة تعدّ فرصة لتسليط الضوء على استخدام بقايا الأقمشة والمواد، لخلق شيء ذي قيمة منها. من خلال هذه المبادرة، أردنا أن يتبنّى المصمّم الإقليمي فكرة الاقتصاد الدائريّ، ويسعدنا أن تكون مجلّة جمالكِ شريكاً منظّماً معنا لهذه المسابقة.
هل تفرضون من جانبكم شروطاً معيّنة على المشاركين؟
شرطنا الوحيد أن يُظهر المشاركون إبداعاتهم في تبنّي فكرة الاقتصاد الدائري، ونحن متحمّسون لاكتشاف العقول المبتكرة والمواهب الشابّة في المنطقة.
إلى أيّ حدّ تعتبرون الشباب أداة لزيادة الوعي بمفهوم الاستدامة وقوّة تساعدكم في مهمّة المحافظة على البيئة وحماية الأرض؟
يركّز برنامج الأزياء المستدامة لغرب آسيا التابع لبرنامج الأمم المتّحدة للبيئة بشكل كبير على مخاطبة الشباب والتأثير الإيجابيّ على سلوك المستهلك. نحن نؤمن بأنّهم قادة المستقبل، ولهذا السبب، مشاركتهم واهتمامهم بأنشطتنا ومبادراتنا لا تقدّر بثمن بالنسبة لنا. إنّ غرس هذه القيم والأخلاق في الأجيال الشابّة سيساعد على نشر مفهوم وأهميّة الاستدامة وتمكينهم من أن يصبحوا أفراداً واعين ومسؤولين بيئيّاً، وهذا ما يحتاجه كوكبنا.