قليلاً ما رأيت نجمة مصرة على تطوير نفسها إلى هذا الحد..." كان هذا تعليقي الأول بعد مقابلة سيرين عبد النور عقب جلسة تصوير الموضة في استوديو "جمالك"، التي كانت فيها بحرفية سوبر موديل. تثق بفريق العمل وتتعاون إلى أقصى الحدود لتنفيذ رؤيته، والأهم، تثق بجمالها وبخبرتها... عدد هذا الشهر يتناول قوة عصر الديجيتال من كل جوانبه، وسيرين عبد النور كانت المرشحة المثلى لتصوير الغلاف، فهي الإجابة الصادقة عن سؤال: كيف تبقين كشخصية مؤثرة، حقيقية مع نفسك، في العالم الرقمي الذي يحاول بكل الأشكال تحويلك إلى نسخة افتراضية؟
محطة الحديث مع سيرين عبد النور، هكذا تبقين حقيقية: تؤمنين بأن السموات خصصت باباً لك وهي تبقى عينيها عليك، تقدرين عائلتك وتحميها بكل ما تملكين من قوة، تهربين من السلبية وتكسبين نفسك مناعة من السوشيل ميديا، تردين على اتصال ابنتك في وسط مقابلة لتطمئنيها أنك آتية قريباً، تقولين إنك لم تحققي شيئاً بعد من طموحاتك، في وقت أنت فيه على كل لسان، تقدرين بامتياز كل ما تملكين، لكن ترفضين فكرة أن لديك كل شيء... والكثير من الإجابات الأخرى لامرأة تعرف جيداً ماذا تريد، يمكنك مشاهدتها بالفيديو على كل قنوات "جمالك" وقراءتها هنا. قليلاً ما رأيت امرأة تضج بهذا الجمال...
حين تشاهدين صوركِ على السوشيل ميديا طبعاً ترين امرأة جميلة. لكن إذا اردت التعريف عن نفسك، هل تقولين أنا امرأة جميلة؟
أقول بأنني مزيج من كل شيء، أشبه الناس كثيراً، لكن أكثر ما أحبه في شخصيتي هو أنني عفوية، وأحاول دائماً الحفاظ على هذه الميزة.
أكثر من 7 مليون متابع على إنستقرام، يمكنهم التواصل معك، مشاهدتك كل يوم والتصرف بصورك... هل تعتبرين أن ذلك يمنحك قوّة التأثير والوصول إلى الناس، أم تنتظرين إلى الأمر كلعبة، أنت مجبرة على خوضها للمحافظة على وجودك في هذا العصر الرقمي؟
أنظر إلى الأمر من منطلق آخر. أرى أن شبكات التواصل الإجتماعي تحملني مسؤولية كبيرة جداً. تأثيري ينطلق من جوانب عدة من كوني أم، ممثلة ومغنية، لذا علي أن أفكر بما أرتديه، ما أقوم به وبالأعمال المناسبة لي، وكل ذلك يضعني في موقع تأثير ويحملني مسؤولية. قد يبتعد المتابع عني بكبسة زر في حال قمت بأمر لم يعجبه، ومهمتي هي أن أحافظ على متابعيّ، وأن يزيد عددهم وليس العكس.
كيف تؤثّر تصرفات المتابعين وتعليقاتهم، أكانت إيجابية أم سلبية، على مزاجك؟
أتوخى حذري كثيراً في ما يتعلق بالصور التي أنشرها، فصورة واحدة كفيلة أن تقرّب الناس أو أن تبعدهم. أحياناً تقلب التعليقات إلى سخرية. على سبيل المثال، المواضيع الدينية حساسة جداً، فإذا نشرت معايدة في مناسبة دينية معينة، هناك أشخاص يرحبون ويجيبون باحترام، وآخرون يكتبون تعليقات سيئة ومؤذية. في هذه الحالة، أوقف التعليقات، كي لا تتحوّل الصورة إلى ساحة حرب!
إذاً اكتسبتِ مناعة في السوشيل ميديا!
صدقيني، وصلتُ إلى مرحلة لم أعد أقرأ فيها التعليقات، إذا كنت مقتنعة بالصورة التي قمت بنشرها. لستُ متواجدة 24/24 على السوشيل ميديا، فأنا أهتم كثيراً بزوجي وأولادي، ولدي حياتي الخاصة التي أعيشها مع أصدقائي أيضاً. لذا، إذا اتصل بي أحد الأصدقاء ليخبرني عن تعليق سيّء، أقوم بمحوه فوراً أو بإلغاء المتابع عن صفحتي، من دون أخذ وردّ ومشاكل. أعتبر مواقع السوشيل ميديا منزلي، وكل شخص سيدخل إليه، عليه احترامه.
أيّة نواح من حياتكِ اخترتِ ألاّ تشاركيها على مواقع السوشيل ميديا؟
بالطبع هي النواحي المتعلقة بعائلتي، لا سيما بأولادي. قمتُ ذات مرة بنشر صورة لابنتي، فوصلني تعليقات جميلة، لكن هناك تعليق عليّ أن أتحدث عنه ليكون بمثابة توعية. فمن غير المقبول أن يرى أحدهم صورة طفلة ويتحدّث عنها كامرأة جذابة. مواقع السوشيل ميديا تضم حالات "أمراض نفسية" لا توصف! من هذا المنطلق، اتخذتُ قرار بعدم نشر صور لأولادي، وأعتقد بأن كل أم تتفهمني جيّداً.
كيف تميزين بين العالم الافتراضي والعالم الحقيقي؟ وكيف تبقين قدميك ثابتة على أرض الواقع؟
قلتها ذات مرة، سرّي في الحياة هو العلاقة بيني وبين السماء، اكتشفتُ هذا الطريق المليئ بالسلام والتواضع والمحبة والطاقة الإيجابية. برأيي، كل إنسان يجد هذا الطريق، يعيش في قمّة السعادة وسط كل تلك السيئات الموجودة حوله.
هل تحبّين نفسكِ؟
بالتأكيد، فإذا لم أحب نفسي، لن يحبني الآخرون، إذا لم أقتنع بنفسي، لن يقتنع بي الآخرون. لكن بالطبع، ليس لدرجة الأنانية، أو أن تصبح الـ"أنا" فوق كل شيء. في الوقت نفسه، يساهم الناس في زيادة حبكِ بنفسكِ.
هل تؤمنين بالحب والرومانسية والرجل الآتي على حصان أبيض؟
كنتُ للتوّ أقول لصديقتي أنني رومانسية جداً، فعلّقت بالقول: "لا يجب أن تكوني رومانسية إلى هذا الحد". هي على حق، فعلينا أن نكون واقعيين قليلاً. لكن ما زلت أعلّق على زوجي مازحة، لا سيما في عيد زواجنا، أنه لم يركع على قدميه من أجل طلب الزواج منّي! ما من امرأة لا تحب أن تعيش الرومنسية إلى أقصى الحدود مع حبيبها.
ألا تفضل المرأة الرومنسية الحب في بداياته؟
الرومانسية في حياتكِ الزوجية خيار. بالنسبة لي، يتحوّل الحب بعد مرور سنوات ووجود الأولاد والمسؤوليات، إلى المشاركة. حين أرى زوجي يحمل أولادي ويدللهم، وأشعر بمدى سعادة عائلتي، ذلك يسعدني أكثر من أية كلمة جميلة قد أسمعها منه وأنا أعرفها مسبقاً.
هل تؤمنين بحصرية علاقة واحدة على مدى الحياة؟
الإجابة غير سهلة! لكن لا يمكنني أن أطلب من زوجي أن يكون وفياً لي من دون أن أقوم بالمثل تجاهه. والحب يستمر مدى الحياة بوجود الاحترام، لأن الشغف يزول بعد مرور السنوات. فإذا وجدت هذه المقومات، تستمر العلاقة وتبقى حصرية.
كيف تصفين نفسك في عمر العشرين؟
لم تكن تسعني الدنيا، كانت طموحاتي كثيرة، وستتفاجئين حين أقول لكِ بأنه في سن الأربعين، لدي طموحات أكبر وأكثر.
وكيف ترين نفسك في عمر الخمسين؟
على صعيد العمل، أفكر في كيفية منح المرأة حقّها في عمر الخمسين، في عالمنا العربي، ما زالت المرأة قادرة أن تكون منتجة، وإنسانة موجودة بشكل فعال في المجتمع. طبعاً يمكنني فعل ذلك من خلال أدواري التمثيلية. أمّا على صعيد عائلتي، ففي عمر الخمسين، إبني الذي يبلغ اليوم سنة ونصف من العمر سيصبح في العاشرة من عمره، وابنتي ستصبح في عمر السابعة عشر، سأرى ولدي يكبران، ذلك حلم سيتحقق أمام عيني.
أيّة امرأة تجعلكِ تبكين؟
بشكل عام، الشخص المظلوم، أكان رجل أم امرأة أم طفل، خصوصاً إذا لم يكن لديه القدرة على فعل شيء.
ما هي ردّة فعلكِ أمام مشهد من الظلم، مثلاً إذا رأيتِ امرأة تُعنّف؟
بالطبع لا أقف مكتوفة اليدين. أنا عادةً أتصرف ثم أفكر. الحمدلله أنني لم أتعرض لهذا الموقف عن قرب، لكنني أفعل ما بوسعي لدعم النساء، مثلاً تعيين محام للمساعدة، لأننا لا يمكننا الاتكال على القانون في هذا الموضوع. الظالم بشكل أكبر هو مَن يرى الظلم أمامه ولا يحرك ساكناً.
هل تحمين ابنتكِ من هذه الأمور، أم تتركينها ترى الحياة على حقيقتها؟
حدث الأمر بالفعل. كنا في السيارة، ورأينا حادثاً أمامنا وترجل رجل من سيارته ومعه عصا. بالطبع، شعرت ابنتي بالذعر. هنا، يستيقظ إحساس لدى الأم لا يمكن وصفه بالكلمات. تحتارين كيف تخففين عنها الخوف، وكيف تختارين كلماتكِ بدقة كي لا تصاب بصدمة. قلتُ لها أن الإنسان حين يغضب يقوم بأمور بشعة، لكن ما زال هناك أناساً طيّبون يساعدون في حل المشكلة. أتركها تكتشف الحياة والمواقف شيئاً فشيئاً وأفسّر لها بعد كل موقف. نصيحتي للأم: لا تستبقي الأمور واتركي ابنتكِ تختبر المواقف لتتعلم منها.
مَن هي المرأة التي تجعلكِ تبتسمين وتشعرين بالفخر؟
الملكة رانيا العبدالله، لأنها ملكة وفي الوقت نفسه، متواضعة، قريبة من الناس ومن مشاكلهم. امرأة مثقفة وجميلة، تهتم بعائلتها كما تهتم بالأشخاص الذين يلجئون لها للمساعدة. يحترمها الناس أينما ذهبت. هي نموذج عن المرأة التي تشعرنا بالفخر.
لو لم تكن الملكة رانيا جميلة إلى هذا الحدّ وإطلالاتها رائعة، أتعتقدين أنّ تأثيرها سيكون بنفس القوّة؟
لا أظن أن الجمال له تأثير كبيرة إلى هذا الحد. فهي لا تقدم نفسها كممثلة أو سفيرة إعلانات، بل تمثّل كل النساء. منح الله الجمال لكل شخص، لكن الفرق هو أن نعطي جمالنا أهمية. ليس هناك امرأة غير جميلة، فالمرأة الذكية هي التي تعرف جيّداً كيف تيرز جمالها من خلال أزيائها، مكياجها... أحياناً، تكون المرأة مثلاً ذات أنف كبير، لكن ابتسامتها جميلة جداً وتذيب القلب... كل واحد منّا يتمتع بجمال معيّن.
ما هي نقطة ضعفكِ؟
بصراحة، ما من شيء يوقفني. لا تعتقدي بأنني امرأة لم تمرّ بمصاعب كثيرة. فمنذ صغري واجهتُ صعوبات، والداي مطلقان، ولدتُ وترعرعت في الحرب، رأيتُ مشاهد مؤذية بالنسبة لطفلة. عشتُ في الملجأ، هاربة من منطقة إلى أخرى. حين كبرتُ، لم أستطع تحقيق العديد من الأمور المتعلقة بدراستي. ثمّ دخلت إلى عالم التمثيل ووضعتُ هدفاً بتكوين عائلة سعيدة لم أعشها في صغري. لذلك، عائلتي هي نقطة ضعفي، أي شيء يمسّ بها، أعتبره خطّاً أحمر...
هل تصبحين مفترسة لحماية عائلتك؟
نعم، لن تسمح أية أم المساس بأولادها وعائلتها وستدافع عنهم بشراسة. أنا من الأشخاص الذين يصلون لله دائماً أن يحمي عائلتي، ويحافظ على زواجي والحب الموجود بيننا. تعرّفتُ على زوجي فريد في العام 2000، وتزوّجنا في العام 2007، وبعد 19 عاماً معاً، ما زلتُ أشعر في بعض الأوقات بالخجل منه، وكأننا تعرفنا حديثاً! نظراته لي، دفاعه عني، إحساسي بأنه يعتبرني نقطة ضعفه، كلّها أمور تعني لي الكثير.
ما هي الجملة التي لن تتوقّفي عن تكرارها لابنتكِ؟
كوني قوية ويمكنكِ أن تحققي كل شيء، لكن المهم أن تركزي، فما من شيء صعب. أرافقها في ذلك حتى في دراستها، ففي المستقبل، لا أحد يعلم ما إذا سأكون موجودة أم لا. إذا مرّت بمواقف صعبة، ستتذكّر هذه الجملة.
وابنكِ؟
أنا لا أفرّق بين صبي وفتاة، فالمبادئ هي نفسها بالنسبة لي. الأمور التي أعلّمها لابنتي، أعلّمها لابني أيضاً. لكن لأنها فتاة، أشعر بأنه عليّ أن أدلعها أكثر، بينما الصبي لا يجب أن يعيش حياة دلع.
قلتِ بأن طموحاتكِ اليوم أكبر بكثير من طموحاتكِ في سن العشرين، فإلى ماذا تطمحين بعد؟ بالنسبة للناس، أنتِ تملكين كل شيء.
أنا لستُ كاملة ولا أملك كل شيء. إذا أردت أن أتكلّم عن كل أحلامي، لن تكفي هذه البطريات الكاميرا...! لدي طموحات كبيرة على صعيد التمثيل والغناء وعلى صعيد عائلتي... أريد أن أبدأ عملاً خاصاً بي... لن أفضح كل شيء! هناك الكثير من الخطط التي أريد تحقيقها إذا وفقني الله.
ستكونين حاضرة في حدث JamaloukiCon؟
بالتأكيد، سأصل قبلكم! أنا سعيدة جداً ومتحمسة، لا سيما أنني سألتقي بأشخاص كثيرين. سنتحدث في مواضيع مهمة جداً، وحتماً سنقضي أوقاتاً رائعة.
ستلتقين هناك بفتيات في السادسة والسابعة عشر من عمرهنّ. ما هي الفئة العمريّة المسيطرة بين متابعيكِ؟
تقريباً من العشرين حتى الخامسة والثلاثين.
كيف وجدتِ العمل مع فريق "جمالكِ"؟
تسليتُ كثيراً ومر الوقت بسرعة. حين نكون مرتاحين، تصل الصورة بطريقة يحبها الناس. أتمنى أن يحب الجميع صوري.