عدم القيام بأي نشاط أمرٌ صحي لكِ بقدر ممارسة الرياضة، إليكِ السبب

حياتنا مزدحمة إلى درجة كبيرة بين العمل والمسؤوليات العائلية، والالتزامات الاجتماعية، بالإضافة إلى ممارسة الهوايات في أوقات الفراغ، من دون أن ننسى الوقت الكبير الذي نقضيه على وسائل التواصل الاجتماعي، والاستماع إلى الأخبار، وتفقّد البريد الإلكتروني والهاتف على مدار الساعة لعل أحداً يريد شيئاً مهماً منا. في وسط كل هذه الانشغالات ستشعرين بضغطٍ نفسي كبير لا يؤثّر على الجسم فحسب بل على الصحة العقلية أيضاً. أخذ استراحة من هذه الزحمة وعدم فعل أي شيء على الإطلاق، مفيد لجسمكِ بقدر ممارسة الرياضة. سنعرّفكِ في هذا المقال على فوائد عدم القيام بأي شيء للجسم وللصحة العقلية، احرصي أن تخصّصي في القريب العاجل وقتاً لعدم فعل أي شيء على الإطلاق من أجل صحتكِ الجسدية والنفسية.

إن البحث عن السعادة من مصدر خارجي، كالخروج مع الأصدقاء، التسوق، يمكن أن بفقد الإنسان من قدرته على الشعور بالراحة والسعادة مع نفسه. كما أن البحث عن المرح والسعادة من مصادر خارجية سيجعلكِ غير قادرة على قول "لا" للخطط والمشاريع مع الأصدقاء ظناً منكِ أنكِ إن بقيت وحدكِ في المنزل ستشعرين بالملل ولن تكوني سعيدة أبداً. لكن، إن قرّرت عدم القيام بأي شيء أبداً والبقاء في المنزل لوحدكِ ستتدرّبين على قول "لا" للمشاريع وتقضين وقتكِ في المنزل، أو مكان بعيد تبحثين عن مصادر سعادكِ التي يمكن أن تكون مثلاً مشاهدة أفلام طوال النهار، الزراعة، المشي في الطبيعة، الخياطة أو أي نشاط آخر يجعلك أكثر سعادة مع نفسك.

بعد مرور الكثير من الوقت من دون أخذ استراحة سيتعب جسمكِ بشكل كبير، وسينعكس ذلك حتماً على صحتكِ النفسية فتصبحين مثلاً سريعة الانفعال، أو لا تملكين الطاقة الكافية لممارسة الرياضة، أو الخروج مع الأصدقاء أو فعل أي نشاط آخر. كل ما تريدينه هو إنهاء ما عليكِ فعله، ثم الذهاب إلى المنزل والنوم. هذه العلامات كلها تدل على أنكِ منهكة وتحتاجين لاستراحة. لذلك خصّصي وقت لعدم فعل أي شيء، انفصلي تماماً عن العالم والانشغالات وهذا الأمر سيُعيدُ لكِ طاقتكِ.

نمضي كافة الوقت ونحن نفكّر بما سيحدث في المستقبل، نبني خططاً نوّد إنجازها، ونتساءل يومياً هل نحن في الطريق الصحيح؟ هل أن سأصل إلى المكان الذي أريده؟ كل هذه الأفكار تمنعنا من العيش في الوقت الحاضر الأمر الذي يرفع من نسبة التوتر ويكون مضرّ للصحة العقلية وللجسم على حد سواء. من هنا، من خلال أخذ استراحة وعدم فعل أي شيء على الإطلاق، ستتوقّفين عن التفكير في الخطط المستقبلية وتركّزين على الوقت الحاضر للاستمتاع بفسحة الوقت هذه بعيداً عن كل انشغالات الحياة. لذلك، من خلال عدم القيام بأي شيء، يمكنك في الواقع أن تدرّبي نفسك على عدم استباق ما سيحدث وأن تركزي على الحاضر.

إن السماح لنفسك بعدم القيام بأي شيء يمنح الجسم فرصة للشفاء أي بمعنى آخر لن تضغطي على جسمكِ للاستيقاظ باكراً، لن تقضي ساعات جالسة وراء الحاسوب، ستتجنبين الحديث على الهاتف لوقت طويل لحل المشاكل، هذه التغيّرات ستكون فرصة للجسم للشفاء واستعادة عافيته. من جهة ثانية عدم القيام بأي شيء على الإطلاق يعطي العقل أيضاً فرصة للشفاء. كيف؟ بكل بساطة ستتوقفين عن التفكير في المشاكل، والانشغالات اليومية وستركزين على الاستمتاع بوقتكِ فقط.

من خلال قضاء الوقت مع نفسك بعيداً عن انشغالات الحياة وعدم القيام بأي شيء، فإنك تسمحين للزحمة، وللمشاعر، وللانفعالات ولكل الثقل الذي حدث في حياتك بالاستقرار. خلال هذا الوقت ستتمكنين من رؤية الأشياء عن بُعد مما يعطيكِ فرصة رؤية الأشياء بشكل أكثر وضوحاً. عندما تَرَيْنَ بوضوح، يمكنك حل المشاكل بشكل أكثر فاعلية، عندها يمكنك تحديد أسباب كل مشكلة من خلال الابتعاد والنظر إليها من زاوية أخرى.

في الكثير من الأوقات، ونظراً لكثرة انشغالات الحياة سنفقد بعضاً من الإيجابية وسنبدأ بالنظر بطريقة سلبية إلى الأشياء مما يُتعب النفسية والجسم. لكن قضاء بعض الوقت للاسترخاء سيساعدك بشكل طبيعي على أن تصبحي أكثر إيجابية وأقل عُرضة للحكم على الآخرين من حولك. عندما يكون لديك وقت للراحة، ستصبحين أكثر نشاطاً وتكونين أكثر إيجابية مع نفسك أوّلاً وثم مع الآخرين.

قد يكون هذا بمثابة مفاجأة لبعض عشاق اللياقة البدنية، لكن جسم الإنسان يحتاج إلى فترة من الوقت للتعافي. من الممكن أن يمارس الأشخاص التمارين الرياضية بشكل متكرّر لدرجة أن أجسامهم لا تحصل على الوقت الكافي لإعادة بناء الأنسجة العضلية في المنطقة المركزة، إن كنتِ من محبّات الرياضة فلا بدّ لكِ من إعطاء جسمكِ فرصة من التمارين الرياضية المكثفة لكي يرتاح الجسم، الأمر الذي سيعزّز من فوائد التمارين عندما تعودين إلى ممارستها.