كنت أعرف أن هناك سرّاً وراء هذا القبول الهائل الذي تلقاه بلقيس فتحي من النساء والفتيات العربيات! عيناها واسعتان تشعّان ذكاءً، لا تبالي أبداً بإظهاره، شكلها خليط من الجمال الناضج والجمال البريء، وطاقتها تشعّ في المكان بالرغم من أنها لا تصطنع الفرح أو الحماسة... حديثٌ قصير جدّاً معها خلال اللقاء الأوّل، كان كافياً لنرى أن هذه المرأة تتمتّع بمزيج مثير للاهتمام. شُجاعة ولكنها متّزنة، قويّة ولكنها هشّة كالزجاج، متحدّثة بارعة لكنها تستمع بنهم، مشاغبة كالطفلة ولكنها حازمة في وقت الجدّ... يومان قضاهما فريق "جمالكِ" مع بلقيس، مليئان بالضحك والدموع، العمل الجادّ واللهو، اللعب وتبادل الآراء، الكلام الكثير والاستراحات الصامتة... هذه المرأة أكثر بكثير من الفنّانة الموهوبة والمؤثّرة الجميلة التي نتابع يوميّاتها على إنستقرام، هي مزيج متناقض جدّاً ولكن متناغم جدّاً، وسرّها هو قدرتها على أن تكون حقيقيّة وشجاعة في زمنٍ لا تفيد فيه الشجاعة... بهذا الحديث مع بلقيس، ختمنا هذا العدد الذي ترأس هي تحريره، ولكن لم نختتم علاقتنا بها، فهي واحدة من أولئك النساء اللّواتي تحبّين الاحتفاظ بمعرفتهنّ ولا تكتفين من وجودهن...
بعد لقائنا بكِ، تشاركنا التعليق نفسه: "ذكية جدّاً، لكن لا تحبّ التباهي بذكائها". هل الذكاء سبب نجاحكِ كشخصية مؤثّرة بين النساء العربيات؟
ممكن! شكراً لكم إذا كنتم ترونني ذكية. لا بدّ أن يكون المؤثّر ذكياً ليتمكّن من اختراق المساحات بينه وبين الناس... لكنّني ضدّ أن يتمّ استخدام هذا الذكاء بطرق غير صادقة لحصد جمهور أكبر.
تملكين كل شيء تحلم به المرأة: الجمال، النجاح، الأمومة، الحبّ... هل تعتقدين أنكِ قد تشكّلين مصدر إحباط لنساء يشاهدن حياتكِ مثلاً على إنستقرام؟
لا أريد أن أكون مصدر إحباط، بل مصدر إلهام. أتلقّى الكثير من الرسائل من نساء محبطات، أذكر منهنّ على سبيل المثال: "أنا مطلّقة. حزنت كثيراً عندما رأيت صورتكِ مع زوجكِ..." فأردّ على السيّدة أن ما حدث كان يجب أن يحدث لسببٍ ما، وأن الله سيعوّض عليها ويعطيها الأفضل. تصلني أيضاً رسائل من نساء لم تنجح محاولاتهنّ في الإنجاب، خصوصاً عندما أنشر صورة متعلّقة بشكلٍ ما بالأمومة... فأردّ على تلك المرأة أن تلك مشيئة الله وأن ذلك يحدث لسببٍ ما، وأنها قد تنجب طفلاً أو أطفالاً، ولكن ليس الآن. أقول لها إنّ ما يحدث في حياتها هو للأفضل لها ولزوجها. هناك إحباط كبير على السوشيل ميديا، أحاول مجابهته بالصورة الإيجابية، وتحويله إلى إلهام.
هل تقومين بالرقابة الذاتية؟ هل تفكّرين أن صورة معيّنة قد تستفزّ امرأة ما، أو تلغين صورة لأنها تبدو مثالية جدّاً...
أمرّن نفسي على عدم نشر أيّ شيء قد أندم عليه فيما بعد. الكثير من الأفكار العفويّة أو التغريدات قد يفهمها المتلقّي بشكلٍ خاطئ، وذلك يعرّض الفنّان والمؤثّر إلى المشاكل، بالرغم من أن ما يقصده قد يكون مختلفاً عمّا تمّ فهمه.
تحاولين إذاً أن تكوني أقلّ عفويّة؟
أنا عفوية، لكني أحاول التحكّم باندافعي الكبير. أنا امرأة مندفعة في طبيعتي، لكنني مرّنت نفسي عبر السنين كي أصبح أكثر هدوءاً.
كيف تتعاملين مع التعليقات غير المهذّبة والتي تهدف إلى الإهانة الشخصية؟
النقد المهذّب مقبول حتى لو أحزنني، ولكن قلّة الأدب غير مقبولة. أحياناً يكون المتهجّمون رجالاً أو نساءً بالغين، وأحياناً أدخل حساب الشخص الذي كتب التعليق، فأجده أصغر من السنّ القانوني، وفي كلتا الحالتين أسوّي بلوك، فأحمي نفسي من الطاقة السلبية.
لكنّ شريحة كبيرة من جمهوركِ تنتمي إلى الجيل الجديد...
فخورة بذلك، لأن شريحة المراهقين هي الأصعب للاختراق في العالم كلّه، لأنها متغيّرة بشكلٍ دائم. قيل لي مرّة، إنني أشبه الشخصيات الكرتونية، لذلك يحبّني الصغار والمراهقون، وأعتقد أيضاً أنهم يحبّون المادة الفكاهية، المتنوّعة والاجتماعية التي أقدّمها، ويشعرون بأنّي قريبة منهم.
تحقيق التوازن بين كلّ أدواركِ كامرأة، أمرٌ صعب! هل تستيقظين أحياناً وتقولين لا أريد أن أكون راشدة اليوم؟
أتقبّل الواقع وأتعامل معه وسعيدة بعمري وبما حقّقته، وأعرف أن أيّام الطفولة ولّت، لكن أحياناً أستيقظ وأشعر بأنني لا أريد أن أفعل شيئاً في هذا اليوم، فقط أريد أن أجلس في المنزل. وفعلاً أمنح نفسي استراحة من دون الشعور بالذنب، لكنني بشكلٍ عام مسؤولة ومستقلّة منذ صغري، فعندما طلبتُ من والدي سيّارة مثلاً، قال لي إنّه عليّ أن أعمل كي أشتريها بالرغم من أن عائلتي ميسورة الحال، وذلك جعلني أنضج في وقتٍ مبكر في حياتي، بدل أن تتكوّن هذه الخبرة عندي في عمر الـ40. اليوم أفهم أهمية ذلك وأعتقد أنّني سأعامل ابني بالطريقة نفسها.
شاركينا انزعاجاً شخصيّاً عانيتِ منه مؤخّراً؟
لم أحبّ جسمي بعد الولادة، وعانيت كثيراً من هذا الموضوع، فقد تغيّر شكله كليّاً. حتى لو كنتِ متسامحة مع نفسكِ، فهذا التغيّر سيزعجكِ. اليوم أقول وبعد خبرة، إنّه بعد سنتين من المجهود والالتزام، يمكن أن تستعيدي جسمكِ كما كان.
شاركينا معاناةً نفسيّة مررتِ بها.
أعاني من القلق، وكنتُ أعاني في الماضي أيضاً من نوبات الهلع جرّاء الرهاب الاجتماعي الذي كنت أعيشه، وتكلّمت عن ذلك خلال مشاركتي في حديث Ted Talk. أيضاً، عندما كنت مراهقة لم أكن أحبّ نفسي كثيراً، لم أكن راضية عن شكلي، وفي الوقت نفسه لم أكن أريد أن ألجأ لتحسينات تؤثّر على كياني وبراءة سنّي.
هل تحبّين شكلكِ اليوم؟
نعم.
كيف تبقين قدميكِ على الأرض؟
أقوم بخطوات لا ألقي عليها الضوء عبر السوشيل ميديا، مثل زيارة بيوت الفقراء في السعودية، وسبق أن زرت مخيّم اللاجئين اليمنيّين في جيبوتي بمبادرة شخصية، وشاهدت مصائبَ كثيرة. عندما تلتقين بأشخاص، فقدوا بيوتهم، أموالهم، أولادهم... تدركين ألّا شيء ممّا تملكينه له قيمة، وتصبحين ممتنّة لكل شيء في حياتكِ، بدءً من الطعام والشراب والبيت...
هل تعرفين كيف تهتمّين بنفسكِ وبطاقتكِ؟
حين أشعر بالتوتّر، أخضع لتدليك وعناية للوجه في المنزل ويكون ابني بجانبي. أشاهد التلفزيون، أتناول وجبة خفيفة، أتحدّث مع زوجي، أستضيف أصدقائي... من المهمّ جداً أن أنفصل لوقتٍ قصير عن عالمي المعتاد... أحياناً لا أقوم بنشر شيء على صفحاتي، أبتعد عن الفنّ وعن كل شيء لبضعة أيّام، فقط كي أخزّن طاقة.
هذا الانقطاع عن العالم الذي تتكلّمين عنه، هل لديكِ الجرأة لتطبيقه في الأمومة وفي الزواج؟
الأمومة هي Full Time Job، هي عمل لا يقدّم أيّة استراحة أو عطلة. هي أصعب مهنة، لذلك يُقال إنّ "الجنّة تحت أقدام الأمّهات".
لكنّها تكافئنا وتقدّم لنا الشعور الأجمل.
صحيح، لكن لا يهمّني إن كان ابني سيكافئني يوماً، لأن الأمومة هي الأمر الوحيد الذي لا تتوقّعين منه شيئاً بالمقابل. عملي، فنّي، علاقاتي... جميعها أنتظر منها مردوداً ما، حتى زوجكِ تتوقّعين منه مجهوداً، تأخذين منه لتعطيه، والعكس صحيح. لكنّ الأبناء لا يمكن أن نتوقّع منهم المثل، لأن علاقة الأمّ والطفل غير مشروطة.
هل تعترفين أنّكِ ضعيفة عندما يتعلّق الأمر بالأمومة؟
نعم!
أكثر ما يخيفكِ في الحياة؟
فقدان من أحبهم.
ماذا تفعلين لتواجهي هذا القلق؟
عندما ينتابني هذا الخوف بشكلٍ زائد، ألهي نفسي، أذهب إلى النادي الرياضي بكثرة، أعمل وأسافر.
النساء اللّواتي يعانين من القلق، هل يزيد قلقهنّ بشكلٍ مفرط عندما يصبحن أمّهات؟
نعم.
ماذا تقولين للأمّهات اللواتي يعانين مثلكِ؟
قومي بتحصين أولادكِ، مهما كان دينكِ ومعتقداتكِ، حصّنيهم وسلّمي أمرهم لله حتى عندما يكبرون ويمضون في حياتهم.
هل تتابعين التفاصيل الصغيرة في حياة تركي اليومية وتأخذين كل القرارات المتعلّقة به؟
نعم، فهو طفلي، وهذا واجبي. المربّية موجودة لمساندة الأمّ وليس لتكون مكان الأمّ. من الضروري أن تعرف الأمّ كل ما يتعلّق بأولادها حتى ولو كانت في العمل، ليس هناك من عذر لعدم الاتّصال والمتابعة والتأكّد من حصول الأولاد على كل ما يحتاجونه... أيضاً، من المهمّ أن تثقّف الأمّ نفسها وتجري البحث لتتعلّم كيف تتعامل مع مراحل نمّو طفلها.
ماذا تغيّر فيكِ في اللحظة التي منحتِ فيها الحياة لإنسان؟
كل شيء! نظرتي للحياة، التسامح مع الآخرين، الكثير من الأمور التي كانت تزعجني في السابق تخطّيتها بدون مشكلة من أجل هذا الطفل الصغير.
تربّين ابنكِ ليكون...
عظيماً!
متى تشعرين بالتقصير أو بالذنب تجاهه؟
عندما أسافر للعمل! أدعه برعاية أهل زوجي وأقوم بكل جهدي لأنهي العمل سريعاً وأعود إليه، كأي أمّ عاملة. أنزعج كثيراً لأنني مضطّرة لتركه.
هل تهمّكِ أكثر سلامته البدنيّة أم سلامته العقليّة؟
كلتاهما.
كيف تتصرّفين مع قلّة الوعي في التعامل مع نفسيّة الطفل؟
لا أحيط ابني بأشخاص ذوي مستوى فكري آخر، ولا أسمح لأحد بالتدخّل في طريقة تربيتي له. أنا حازمة جدّاً في هذا الموضوع، حتى لو كنت أتعامل مع شخص مقرّب. أقوم بإبعاد مَن لا يملكون الذهنيّة نفسها التي أملكها في تربية ابني.
لستِ متساهلة مع نفسكِ كأمّ...
لست متساهلة، خصوصاً في بداية الأمومة. كنت على وشك الانهيار.
هل عانيتِ من اكتئاب ما بعد الولادة؟
كنت على وشك الدخول في اكتئاب ما بعد الولادة، لكنّ زوجي انتشلني في اللحظة الأخيرة. الزوج مهمّ جدّاً لدعم المرأة في فترات الحمل، الولادة وما بعد الولادة، وإن لم يقم بذلك، قد يصبح هو سبب من أسباب الاكتئاب.
هل تشعرين أنّكِ ممتنّة له؟
ممتّنة إلى أقصى الحدود وأقول له يومياً لا يمكن أن أنسى دعمكَ لي.
ضحكتكِ معدية، ومَن يراكِ يظنّ أنكِ تعيشين سعادة داخلية مطلقة...
لكلّ إنسان تحدّياته، والنساء يعانين أكثر بسبب التغيّرات الهرمونية. أتعامل مع إجهاد هائل في حياتي، لدرجة أنّه أحياناً يؤثّر على جهازي المناعي. الناس لا يعلمون الكمّ الهائل من التوتّر الذي نعاني منه حتى في كواليس الحفلات. أكون على وشك الانهيار من التعب، الإرهاق، الخوف، وقلّة النوم والأكل...
هل يطلب منكِ زوجكِ التوقّف والاستراحة؟
هو يعرف كم أنا متعلّقة بعملي وشغوفة به، وهو يدعم كل أفكاري وأحلامي، لكن تأتي أوقات يقول لي فيها: إمنحي نفسكِ Break.
هو السرّ وراء توازنكِ؟
نعم بالتأكيد.
هل أنتِ سرّ توازنه؟
نعم، لكنّه يمنحني التوازن بشكل أكبر لأنه أكثر هدوءاً. أنا انفعالية ومندفعة.
بما أننا نتكلّم عن زوجكِ، فلنتكلّم قليلاً عن الرجل الشرقي. الأضواء المسلّطة على الزوجة النجمة لا يمكن إلاّ أن تخلق حالة غير مريحة لدى الرجل. ماذا تفعلين في هذا الصدد؟
مجتمعي نسائيّ بشكل كبير وفريق عملي بمثابة عائلتي وزوجي يدرك ذلك تماماً. حتى قبل الزواج، أنا لم أكن أرافق أيّاً كان أو أخرج في كل الأوقات أو أتلقى اتصالات في آخر الليل، وأعتقد أن ذلك جعل زوجي مطمئنّاً منذ البداية، لذا قمنا بخطوة الزواج. أعترف أن زوجي غيور جدّاً، وهو من برج الأسد أيضاً، أي متشدّد في حماية عائلته ومنزله، لكنني أعطيته مساحة كبيرة من الأمان في علاقتنا.
هذا ليس تنازلاً لأنكِ أنتِ هكذا في الأساس...
نعم ولو لم أكن كذلك، لا أظن أننا كنّا لنتزوّج.
متى يجب أن تقول المرأة لا؟
عندما تشعر أنّ هناك ظلماً يطالها. عندما يعنّفها شريكها حتى لو كلامياً، يتجاوزها أو يقلّل من احترامها... عندها يجب أن تقول "كفى" وتتعامل مع الأمر بحزم. لا يجب التراخي في هذا الموضوع.
ما الأمر الذي يمكن أن ينهي علاقة المرأة بالرجل؟
نحن النساء لا نتسامح مع الخيانة.
ممكن إنهاء العلاقة من دون إنهاء الزواج؟
طبعاً! هناك الكثير من الناس الذين يفعلون ذلك.
لا تعتبرين ذلك خبثاً؟
كلا، أعتقد أنّه رضوخ للأمر الواقع، خصوصاً عندما تكون هناك ظروف تجعل الطلاق صعباً، ويمكن أن يكون أيضاً تعوّد على العيش مع الشريك، لأن الثنائي يكون غير معتاد على العيش، كل لوحده.
من هم الرجال الذين أثّروا في حياتكِ؟
أبي في الدرجة الأولى. لن أقول أشقّائي، لأنهم كانوا مسافرين في معظم الأحيان... لكنّ المرأة لها التأثير الأقوى في حياتي، فأمّي هي التي كانت موجودة بقربي، لأن والدي كان يسافر كثيراً بحكم أنه فنّان، فقامت هي بالدورين.
هل عانيتِ من التمييز على أساس الجنس؟
نعم في مكان العمل. في وظيفة سابقة لي، كانوا يعطون الأهمية للرجل، مع العلم أن زميلته تقوم بالمهمّات أفضل منه، لكنّه هو الذي يأخذ الترقية. كنت أسمع كلاماً أعتبره مهيناً للمرأة، كنت أثور، فأنا امرأة ثائرة جدّاً ضدّ الظلم، لا أقبل أن يكون الرجل في الصدارة، عندما أكون أنا مَن يتعب أكثر وينحت في الصخر. لم أسكت يوماً، كنت أعترض لدى قسم الموارد البشرية. لا أقبل التمييز! قد أقبل تنافساً شرساً أو حتى مؤذياً بين امرأتين، لكن لا أقبل أن يكون الرجل أفضل، فقط لأنه رجل.
إذا دخلتِ اجتماعاً مكوّناً من الرجال فقط، هل تتوتّرين؟
قليلاً، لكن إذا دخلت عميقاً في أجواء العمل، قد أنسى أنّني امرأة، فيصبح عقلي هو الحاضر وليس جنسي، وباستطاعة عقلي أن يكون أقوى من كل الموجودين.
عبارة ManInterruption الحديثة، تشير إلى الرجال الذين يعتبرونه أمراً عادياً أن يقاطعوا كلام امرأة أثناء اجتماع عمل. ماذا تفعلين لو حدث ذلك معكِ؟
أقول بكلّ هدوء وحزم: Excuse Me I’m Still Talking، أي عفواً لم أنهي كلامي بعد!
ما العبارات التي يقولها الرجل للمرأة وتستفزّكِ؟
عندما يتّهم الرجل المرأة بشكل عامّ أنها عاطفية وتفكّر بقلبها أكثر! نحن النساء نحكّم العقل في كل الحالات، باستثناء الأمومة حيث لا صراع بين العقل والعاطفة، وغالباً ما يتغلّب العقل على العواطف.
ما الأمر الذي تتمنّين أن تبدأ محاسبة الرجل الشرقي عليه؟
قضايا الاغتصاب والتعنيف. يجب أن يعدم مَن يمارس ذلك! أنا لا أصدّق أن بعض البلدان تحكم فقط بالسجن لبضع سنوات لمَن يرتكب هذه الجرائم. إذا ثبتت التهمة، يجب أن تقطع يد المتحرّش. أنا مع العقاب الشديد للمتحرّش والمغتصب، وبعضهم يكون من أفراد العائلة، ويدمّرون حياة طفل. يجب أيضاً دعم الضحيّة لكي تتكلّم، ودور الأهل مهمّ جدّاً في التوعية في هذا الموضوع من خلال التربية.
وجّهي رسالة لفتاة عانت من التحرّش أو الاغتصاب وتستّرت عن الأمر.
ارفعي سمّاعة الهاتف في أقرب وقت ممكن وتكلّمي مع مستشارة نفسية، وليس مستشار، لأن هذا الأخير قد يستغلّ ضعفكِ، لكن المرأة ستفهمكِ وتكون خير معين. هناك خطوط ساخنة لهذه القضايا، مثلاً في الإمارات يمكن الاتّصال بخطّ "الأمين" وطلب المساعدة، ويكون العلاج سرّياً.
أنتِ فيمنست بشكل كبير...
أنا فيمنست إلّا من جهة ميل بعض الحركات النسوية لإلغاء الرجل... فيمنست، لكنّي أحترم الرجل كثيراً وأقدّره، لكن إذا أهانني، ألغيه وأمضي في طريقي.
هل الزواج من رجل شرقي فرض عليكِ ضوابط معيّنة؟
الرجل الشرقي يختلف من بيت إلى آخر ومن تربية إلى أخرى. هناك رجل شديد الغيرة، وآخر تكون غيرته معتدلة وآخر لا يغار أصلاً. هناك ضوابط بالتأكيد يجب أن تضعها الزوجة لنفسها. للمرأة المتزوّجة وقار خاصّ، يجب أن تحافظ عليه حتى بدون أن يطلب منها الرجل ذلك.
هل وضعتِ أنتِ في المقابل ضوابط على زوجكِ؟
نحن تزوّجنا عن قناعة، أحبّني كما أنا وأحببته كما هو.
هل تغارين عليه؟
طبعاً أغار على زوجي، لكن لديّ ثقة بنفسي.
هل تبحثين في هاتفه؟
مستحيل. التفتيش في هاتف الرجل أو المرأة هو سبب المصائب الأوّل في البيوت العربية. هناك قانون يجرّم تفتيش الهاتف في الإمارات.
هل خيانة الرجل مثل خيانة المرأة؟
لا أعتقد ذلك. المرأة تختار أن تبدأ بعلاقة غرامية، عندما تنتهي كليّاً علاقتها بزوجها وتصبح محبِطة لها من كل النواحي. خيانة الرجل مختلفة، فقد يكون مثاليّاً في تعامله مع زوجته ومع ذلك يرتكب أخطاءً ناتجة عن عدم قدرته على ضبط نفسه. هي خيانة في كلتا الحالتين، لكنّ دوافع المرأة مختلفة عن دوافع الرجل. من جهتي، إن حدث ذلك معي، فأتمنّى ألّا أكتشف أبداً، كي لا ينكسر قلبي وتهتزّ حياتي بأكملها...أدرك أن كلامي هذا يمكن ألّا يعجب الكثيرين!
أنتِ واقعيّة جدّاً...
إن لم تصبني المصيبة، فلماذا أبحث عنها؟
هل تعتبرين نفسكِ امرأة رومانسية؟
إلى حدٍّ ما، لكن ليس كثيراً.
هل تؤمنين بحصرية العلاقة بين الشريكين لمدى الحياة؟
إذا كان الطرف الثاني متعاوناً في هذا الموضوع، فنعم لمَ لا! أعرف أزواجاً استمرّوا مع بعضهم حتى الموت.
ماذا ينقص المرأة العربية؟
القوانين فقط! لدينا الوعي، المطالب والأفكار، لكن تنقصنا القوانين والاستقرار في الدول العربية، كي نتوقّف عن التلهّي بالمصائب التي تحصل ونبدأ بالنظر إلى قوانين المرأة.
إذا ظلّ الرجل هو الحاكم هل ستُسَنّ تلك القوانين؟
الرجل لديه أخت وزوجة وابنة، ممكن أن يتمّ التعرّض لهنّ في يوم من الأيام.
لكنّه لا يريد أن يقويّها...
كل راعٍ مسؤول عن رعيّته، فإن كانت إحدى الرعايا تتعرّض للاغتصاب مثلاً من قبل والدها أو عمّها وتنجب منه أطفالاً، ماذا سيفعل حينها؟ أقول للمسؤولين، إننا نريد قوانين تحمي النساء، إن لم يكن ذلك من أجلكم، فأقلّه من أجل شعوبكم.
ولدتِ في الإمارات لكنكِ تعيشين في السعودية. ما الفرق بين المرأة الإماراتية والمرأة السعودية برأيكِ؟
ليس هناك من فارق كبير، لأن جميع النساء الخليجيات تربيّن على الفكر والعادات والتقاليد نفسها. الانفتاح المجتمعي كان سبّاقاً في الإمارات، لكن السعودية تعيش اليوم عصر الانفتاح وتمكين المرأة. المرأة السعودية باتت قائدة في مختلف المجالات، تقود سيّارتها، أو تقود شركة، كمديرة على مجموعة رجال أو كشريكة في الأعمال... اليوم نرى المرأة في الإمارات والسعودية في أبهى حلّتها!
ماذا يمكن أن تخبرينا عن تجربتكِ كممثّلة لجمعيّة للأمم المتّحدة في ميدان تعليم المرأة وتمكينها؟
شغلت هذا المنصب لمدّة سنة وكانت مهمّتي تتركّز على قضيّة المساواة بين الجنسين. كنت أقدّم تقارير لهم عن مشاكل العنف ضدّ المرأة ونقص التعليم على مستوى الوطن العربي، لكنّي شعرت أن العمل لم يكن مثمراً كفايةً، وأن مشاكل المرأة في العالم العربي أكبر بكثير ممّا تقترحه المنظّمة من حلول.
إذا أصبحتِ وزيرة للمرأة في الإمارات، ما الخطوة الأولى التي تقومين بها؟
أحلّ مشكلة النساء العاملات اللّواتي يحتجن إلى مكان لرعاية أطفالهنّ بكلفة عادلة. أعمل أيضاً على إنشاء مساحات رعاية خاصّة بالأطفال في مكان عمل المرأة نفسه. أنا متأكّدة أن بلادي تسعى بكل ما في وسعها كي تدعم المرأة على كل الصعد.
تصوير: Mann From Things by People - مديرة النشر: Mandy Merheb - تنسيق: Dima Farhat - مكياج: Safa Al Musallam - تصفيف الشعر: Melanie Meyer
شكر خاص لـGueen Elizabeth دبي